الوزير المعارض باسيل لـ«الشرق الأوسط»: نسعى لحكومة بغير رئاسة الحريري وبأكثريات مختلفة

قال: مطمئنون أن السعودية بشخص الملك عبد الله لديها كل الرعاية والحرص على إنقاذ لبنان

جبران باسيل (أ.ب)
TT

أعلن وزير الطاقة والمياه في الحكومة اللبنانية جبران باسيل، في حوار مع «الشرق الأوسط» هو الأول لشخصية معارضة منذ إعلان الاستقالة يوم الأربعاء الماضي، أن قوى المعارضة تسعى لتأليف حكومة جديدة «برئاسة مختلفة وبأكثريات مختلفة»، مشيرا إلى أنها تسعى لتأمين أكثريات برلمانية لتأليف هذه الحكومة بغير رئاسة تيار المستقبل، ورئيسه سعد الحريري، داعيا هذا التيار للتأقلم مع فكرة أن يكون يمتلك أكثرية السنة من دون احتلاله موقع رئاسة الحكومة المخصص لطائفة في النظام السياسي اللبناني.

ونفى باسيل الذي ينتمي إلى التيار الوطني الحر، الذي يقوده العماد ميشال عون، وجود نية لعرض صفقة تقتضي القبول بسعد الحريري رئيسا للحكومة مقابل إصلاحات دستورية تعيد لرئاسة الجمهورية بعضا من صلاحياتها، كما نفى وجود أي نية لاستهداف السنة، مشيرا إلى أن ما يجري الآن هو تأليف حكومة لبنانية بأكثريات برلمانية، جازما بأن سورية «لا تتدخل في الموضوع، وهي أبلغت الجميع بذلك». وفي ما يلي نص الحوار..

* ما هو عنوان المرحلة المقبلة؟

- أعتقد أننا دخلنا مرحلة جديدة لم يستوعب البعض حجم المتغيرات التي حصلت والتي ستحصل فيها. لقد كابروا ولم يكترثوا بنداءاتنا داخل الحكومة لمعالجة الأزمة داخلها، وكابروا على الدور السعودي ولم يكترثوا، وكابروا أمام النداء الأخير الذي أطلقناه لعقد جلسة لمجلس الوزراء، واختاروا وقالوا إنه لا عاصمة سوى بيروت. لم يصدقوا أن الحكومة سوف تسقط، واليوم ما زالوا غير مستوعبين لحجم المتغيرات الحاصلة.

الأهم هو ألا يعتقد أحد أنه في أي من تحركاتنا سوف يكون هناك خروج على الدستور أو مس به، ولا مس بصلاحيات أي من الرئاسات، ولا استهداف لطائفة أو لأي أحد. السنة غير مستهدفين، لأن رئيس الحكومة سيبقى سنيا وبصلاحياته. أي موقع في لبنان غير مكرس لأي أحد. نحن المسيحيون أُصبنا عندما نال العماد عون 70 في المائة من أصوات المسيحيين (في عام 2005) واستبعد حتى عن الحكومة، لا عن الرئاسة فقط، ولم نخرب البلد ولم نمس الاستقرار ولم نهدد أحدا، فلا يهددنا أحد بأمور ليست في نيتنا ولن تحصل. إن محاولة البعض تخويف الناس لتقوية موقعه ليست مفيدة. على العكس، ما حصل أكد لنا أكثر على أهمية الشراكة والتفاهم في ما بيننا، وطمأننا أن المملكة العربية السعودية بشخص الملك عبد الله لديها كل الرعاية والحرص على إنقاذ لبنان، ولا نستطيع أن ننظر إلى هذا الشيء إلا بإيجابية، ولا نستطيع إلا أن نبادل المملكة بالإيجابية. المملكة لم تتصرف أبدا إلا بمنطق الحرص على الجميع واحتضانهم، وهذا نعتقد أنه يسهل ويساعد. لهذا نأمل ألا يحاول أحد أن يصور الأمور على أنها تحت عنوان المحاور العربية أو الحسابات الطائفية الداخلية. أي حكومة مقبلة ستجمع كل الطوائف وستكون فيها الشراكة الحقيقية.

* أسقطتم الحكومة.. فما التالي؟

- حكومة جديدة تسد العجز الذي أصاب الحكومة السابقة، وتوقف الشلل الذي سببته تلك الحكومة للبلاد. نحن كوزراء اكتشفنا أننا لا نستطيع أن نتخذ قرارات تتعلق بالكهرباء أو بوقف مشاريع الفساد، ولا بموضوع كشهود الزور نتفق جميعا على ضرورة معالجته رغم اختلافنا على الهيئة التي ستقوم بالتحرك لملاحقتهم. الحكومة لم تعد صالحة للاستمرار، فسقطت. الآن يحب أن تقوم حكومة جديدة تستطيع أن تعمل.

* أي نموذج تريدون للحكومة المقبلة، حكومة من لون واحد، أم حكومة وحدة وطنية؟

- نحن نريد ونعمل لحكومة وحدة وطنية، لكن برئيس جديد، ونعمل لأكثرية جديدة مختلفة عن الأكثرية السابقة، وإلا لكنا أبقينا على هذه الحكومة، وما كان هناك من لزوم للاستقالة.

* تريدون حكومة بمشاركة تيار المستقبل، لكن من دون رئاسته؟

- صحيح. والوضع نفسه يجب أن يكون لدى تيار المستقبل. فكما نحن في تكتل التغيير والإصلاح نمتلك الأكثرية المسيحية ولا نشغل المنصب المسيحي الأول (رئاسة الجمهورية)، فعلى «المستقبل» أن يرضى بامتلاك الأكثرية السنية من دون أن يشغل منصب رئاسة الحكومة. وهنا أشدد على أنه إذا استطعنا فعل ذلك فلن يخرب البلد، ولا إذا لم نستطع سيخرب.

* هناك ثلاثة نماذج لرئاسة الحكومة، الأول أن يكون الحريري أو من يمثله رئيسا للحكومة، والثاني أن تسمي المعارضة شخصية من بينها، وثالثها نموذج الحكومة الانتقالية كالتي ألفها الرئيس نجيب ميقاتي عام 2005.. فأي من هذه النماذج تريدون لرئاسة الحكومة؟

- نحن نرفض النموذج السابق، بالأولويات، وسنبحث بقية الأولويات لاحقا.

* هل تتحمل البلاد رئيسا للحكومة غير الحريري؟

- الجواب نفسه. لقد تحمل البلد رئيسا غير العماد عون، فهل أن المسيحيين ساقطون من مواطنيتهم وحقوقهم ليقبلوا بغير العماد عون؟

* ربما لأنهم منقسمون على بعضهم؟

- الوضع السني لا يختلف عن الوضع المسيحي، تيار المستقبل لا يمتلك 90 في المائة من السنة ولا 70 في المائة، حالهم كحالنا.

* لا يزال أمامنا النموذج الشيعي الذي أتى بالرئيس نبيه بري لرئاسة مجلس النواب رغم عدم تمتعه بالأكثرية البرلمانية..

- في النموذج الشيعي هناك تياران متفقان، ولديهما معا أكثر من 90 في المائة. الوضع الشيعي يختلف، إذا استطاع تيار المستقبل أن يجمع معه كل الشخصيات السنية ذات التمثيل فهذا أمر مختلف قد يصح فيه هذا الكلام.

* لدى التيار 21 نائبا من أصل 27..

- إذا كان هذا هو المعيار فليعتذروا عن الخطأ الذي ارتكبوه معنا في عام 2005. من حقهم أن يجهدوا ديمقراطيا لمنع هذا الشيء، لكن إذا حصل ذلك ديمقراطيا، فبماذا يهددون؟

* بالأرقام، أنتم لا تمتلكون الأكثرية اللازمة..

- نحن نسعى لتأمين أكثرية على اسم نتفق عليه.

* مطمئنون لموقف النائب وليد جنبلاط؟

- وليد جنبلاط لديه موقف سياسي يعلن عنه منذ أغسطس (آب) 2006، وموقفه هذا ينسجم مع تموضعه السياسي.

* هناك اتصالات؟

- نتصل مع الجميع.

* تبدون مطمئنين للنتيجة؟

- كلا، نحن نعرف دقة الموضوع وحراجته. ولولا أننا نعرف وقع وخطورة قرار الاستقالة، لكنا اتخذناه منذ أشهر. لقد كان آخر الدواء.

* إذن ترفعون شعار لا لعودة سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة؟

- لم أقل هذا.

* قلت إنكم تريدون رئيسا جديدا؟

- قلت إننا يجب أن نكون أمام تركيبة جديدة بشخصية جديدة.

* يقال إن ثمن قبولكم بعودة الحريري هو صفقة قد تتضمن تعديلات دستورية تعيد لرئاسة الجمهورية بعضا من صلاحياتها..

- هذا الموضوع غير مطروح لا للبحث ولا للنقاش. لا يمكن أن يبقى الطائف فزاعة نرفعها كلما أحسسنا بالحرج. لحظة تغيير رئيس حكومة لن تكون لحظة انقلاب على صلاحيات رئاسة الحكومة.

* ماذا عن الوضع الأمني؟

- لا يوجد مبرر للمخاوف. إن من يقوم بالتحريض الطائفي يستنفر طائفته لأنه ضعيف، لكنه لا يعرف إلى أين يمكن أن يؤدي الأمر.

* ألا تخشون الاستنفار الدولي الكبير..

- لماذا؟ ألا يريد هؤلاء سيادة وحرية واستقلال لبنان؟ هل إذا استقالت الحكومة تستنفر كل الدول، لماذا هذا التناقض؟

* لأن حزب الله أسقط حكومة لبنان..

- لدى حزب الله وزيران فقط، وأنا لست من حزب الله، ولن أكون بحياتي من الحزب. ما هذا الاحتقار للتنوع اللبناني والفكر الإنساني؟

* تبدو الأمور كما لو أن المعارضة مهددة بالحرم الدولي إذا ألفت الحكومة وحدها..

- إذا تعاطت الدول بهذه الطريقة، فستكون هذه الدول مهددة بالحرم من التعاطي بالشأن اللبناني.

* أين سورية من هذه الأزمة؟

- سورية أبلغت الجميع بأنها لن تتدخل في الموضوع من قريب أو من بعيد. هناك حكومة لبنانية ستتألف بأكثريات نيابية. لا سورية ولا أي دولة تؤلف الحكومة. إذا كانوا هم من باعوا قرارهم فهذا أمر مختلف. مشهد الاستقالة كان معبرا عمن كان في بيروت ومن كان في واشنطن.

* لكن ثمة من يقول إن قرار الاستقالة هو قرار سوري - إيراني؟

- حتى لو افترضنا أن هذا صحيح - وهو غير ذلك - فعلى الأقل هناك من هو ذكي ومن هو غبي، الغبي هو من تفنن في إظهار أن قراره ليس عنده، والآخر أظهر أن قراره لبناني.

* أين موقع رئيس الجمهورية مما يجري؟

- اسألوه.

* ما هو الدور المطلوب منه في هذه المرحلة؟

- أولا هو أقدم مشكورا على قبول الاستقالات سريعا، ودعا إلى استشارات نيابية لتسمية الرئيس المكلف، وواجباته الحرص على تطبيق الدستور.

* ماذا لو صدر القرار الظني، ألستم بموقفكم أرحتم الحريري من تحمل تبعات ما يجري باعتبار أنه لم يعد في موقع المسؤولية؟

- إذا كان الأمر كذلك فلماذا يريد العودة؟

* هل أنتم مستعدون لمواجهة القرار الظني بحكومة لا يكون فيها سعد الحريري رئيسا؟

- مستعدون للمواجهة، ونريدها مواجهة من قبل كل اللبنانيين لا من فئة. الفارق هو أنه ثمة من لم يكن قادرا على اتخاذ القرار، لكننا قادرون. فليقرر الفريق الثاني إذا كان يريد أن يكون معنا أم ضدنا في مواجهة هذا القرار - الفتنة.

* وعليه..

- فليتحمل كل فريق مسؤولياته.