جنبلاط: المسألة ليست بتعداد أصوات النواب بل بضرورة عدم عزل أي طائفة لأخرى

سليمان يرجئ الاستشارات.. ومصادر الحريري تؤكد التعويل على الـ «س - س»

شرطي سير لبناني يقف قبالة ملصق كبير يضم صورة الحريري الأب والحريري الابن، رفع في مدينة صيدا (رويترز)
TT

أرجأ رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان الاستشارات النيابية الملزمة التي كانت مقررة بالأمس، تمهيدا لتسمية الكتل النيابية مرشحها لرئاسة الحكومة اللبنانية المقبلة، إلى يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين، وفق جدول المواعيد المقرر عينه. وفيما أوضحت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية أن هذا الإرجاء جاء بعد تقييم موقف مختلف الأطراف اللبنانية، وتوخيا لتأمين المصلحة الوطنية، كشفت مصادر مقربة من الرئيس الحريري لـ«الشرق الأوسط» أن «التأجيل حصل بطلب من قوى 8 آذار وفي مقدمها رئيس مجلس النواب نبيه بري ومن خلفه حزب الله»، معربا عن اعتقاده بأنهم «وجدوا أن الأجواء غير مواتية وطلبوا التأجيل إفساحا في المجال لانعقاد القمة التركية القطرية السورية التي استضافتها دمشق أمس، ولم يعارض رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الأمر بعد أن عرضه عليه الرئيس سليمان».

وشددت المصادر على أن «موقف الرئيس الحريري لا يزال على حاله»، مبدية أسفها «للابتزاز السائد في هذه الفترة السيئة والتي تبدو وكأنها غير مقيدة وتستغل للضغط، بينما المطلوب هو التوصل إلى حل على قاعدة الثوابت المحددة، بعيدا عن الدخول في لعبة التهويل». وعما ترتقبه من القمة التركية - القطرية - السورية ودلالات دخول العامل التركي على خط الأزمة اللبنانية، اعتبرت «مصادر» الحريري أن «الجهود السعودية - السورية لا تزال تشكل العصب والمحور الذي يفترض أن يتم الالتزام به، والمطلوب اليوم عودة الـ «س - س» والتي تم التنكر للقراءة المشتركة لها»، متهمة قوى 8 آذار بالقيام بقراءة خاصة لمعادلة الـ «س - س» مفصلة على قياسها.

ورأت أن الحل «يبدأ من خلال العودة إلى الإطار المتفق عليه والقائم على قراءة مشتركة»، موضحة في السياق عينه «ألا نية للرئيس الحريري بالتنازل عن المسلمات التي يعتبرها جزءا من الثوابت وبنية خطابه». ولفتت إلى أنه «يسعى لتدوير الزوايا من أجل التوصل إلى حل وسط»، وشددت على أنه «لا يمكن لأي طرف التنازل عن الثوابت، كثابتة عدم المتاجرة بالمحكمة الدولية وفي مقابلها ثابتة عدم المتاجرة بالمقاومة».

ووصفت المصادر خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بأنه «خطاب هادئ بشكل عام، اعتمد لغة منطقية وأكثر واقعية ومرونة»، معربة عن «الحاجة الماسة إلى تطوير الحوار من خلال تعزيز التواصل المقطوع اليوم من أجل بلورة حوار مثمر، تكون فيه كل الأطراف واضحة».

وكان رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، في موقفه الأسبوعي إلى جريدة الأنباء الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يترأسه، اعتبر أن «أي حل للأزمة السياسية اللبنانية الراهنة يجب أن ينطلق من الثوابت التي أرسيت في إطار المبادرة السورية - السعودية التي نمتلك عناصرها كاملة»، مشيرا إلى أن هذه المبادرة «تشكل نقطة انطلاق مهمة وأساسية لا يجوز تجاوزها أو التغاضي عنها»، محذرا من «محاولات قوى كثيرة سميناها ظلامية الدخول على خط هذه التسوية لإجهاضها وإسقاطها».

وثمن جنبلاط، الذي جدد تأكيده على «مواقفه السياسية والثوابت الرئيسية، منعا لأي تأويلات من هنا وهناك، والتزاما منه بالوعد الذي قطعه للقيادة السورية بالحفاظ على خصوصية المداولات التي أجراها في دمشق»، الخطوة التي قام بها رئيس الجمهورية «بتأجيل الاستشارات النيابية لتسمية رئيس الحكومة لأنها تفسح المجال أمام المزيد من المشاورات السياسية الموسعة للخروج من الأزمة الراهنة بأقل قدر ممكن من التوافق والتفاهم». وأوضح فيما يتعلق بمسألة تسمية رئيس الحكومة الجديدة، أن «المسألة ليست مسألة تعداد أصوات وإحصاء أعداد النواب من هذا الفريق أو ذاك، بل إن المسألة أكبر وأدق من ذلك بكثير وهي تتصل بضرورة عدم عزل أي طائفة لطائفة أخرى لا سيما في الساحة الإسلامية حيت ترتدي القضية حساسيات إضافية». ورأى أنه «إذا كان التوافق على قواعد إلغاء مفاعيل القرار الظني في لبنان قد تحقق، فالعمل المشترك لتحقيق هذه الغاية يبعد إمكانية العزل ويحول دون تفاقم التوتر»، لافتا إلى أنه «كما احترمت في السابق الخيارات السياسية لطوائف معينة في ترشيح من يمثلها إلى مواقع سياسية، فمن الأفضل إعادة تكرار هذه التجربة في رئاسة الحكومة المقبلة حفاظا على صحة التمثيل السياسي والشعبي وعلى صيغة العيش المشترك».

وإذ جدد جنبلاط تحذيره من «الاستخدام والاستغلال السياسي للمحكمة الدولية»، رأى أنه «من المفيد التذكير بأن مسؤولية التعطيل الداخلي لمفاعيل القرار الظني المرتقب صدوره كما يشاع تبقى قائمة، وهذه مسؤولية وطنية جامعة». وخالف رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع ما أعلنه جنبلاط لناحية تثمين تأجيل الاستشارات النيابية، إذ رأى في هذه الخطوة «محاولة للضغط على الرئيس الحريري»، معتبرا أن «أسباب التأجيل واضحة وسهلة، فقد تبين من خلال الاستشارات أنه سيعاد تسمية الرئيس الحريري لذلك حصلت ضغوط كبيرة لتأجيلها من قبل الطرف الآخر، كي لا يسمى الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة». وأشار إلى أن «التسوية لتشكيل الحكومة هي خطوة على طريق لبنان الحاضر والمستقبل». وقال «إما أن تكون خطوات إلى الوراء، إلى زمن الوصاية والاضطهاد وتكميم الأفواه وقمع الحريات ونهب البلاد وسرقة مواردها في خدمة الوصاية والوصايا وإما خطوة إلى الأمام عن طريق تركيز لبنان دولة فعلية مسؤولة عن مصير اللبنانيين وقضاياهم».

وأشار النائب عن حزب «الكتائب» إيلي ماروني إلى أنه «كان من الحكمة أن تؤجل هذه الاستشارات لمزيد من الاتصالات والمشاورات اللبنانية - اللبنانية للتوصل إلى ما يرضي الجميع ويعيد بناء حكومة تكون قادرة على تأمين الخدمات للبنانيين وليست كتلك الحكومة الراحلة التي عطلوها ومن ثم استقالوا منها لتعطيلها، فنحن مع قيام حكومة وحدة وطنية قادرة على البناء من أجل المستقبل اللبنانيين».

بالمقابل، جدد رئيس الهيئة الشرعية في حزب الله الشيخ محمد يزبك الإشارة إلى أن «إسقاط الحكومة، جاء بعد تلكئها عن مواجهة الإدارة الأميركية، وبعدما ضحت بكرامة لبنان وعزته، أمام وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون والآخرين». ورأى رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان أن إرجاء «الاستشارات النيابية لتسمية رئيس مكلف لتشكيل الحكومة المقبلة هي مبادرة مقدرة لأنها تخدم مصلحة الاستقرار والهدوء والتروي في لبنان».