حكومة الخرطوم مستعدة للحوار مع المعارضة وتعتبر دعوة إسقاطها «لا أخلاقية»

الترابي: أشتم رائحة ثورة تونسية في السودان

TT

أعلنت الحكومة السودانية حرصها على الحوار مع المعارضة حول قضايا شكل الحكم في الشمال والتعديلات الدستورية والمشاركة في الحكومة، في وقت حذرت فيه من أن الحديث عن انتفاضة شعبية يمثل خروجا صريحا على القانون والدستور.

في غضون ذلك، قال الزعيم الإسلامي المعارض حسن الترابي إنه يشتم «رائحة ثورة تونسية في السودان»، في وقت بدت فيه تحركات وسط الشباب للاحتجاج على الأوضاع المعيشية خلال مظاهرات في ولاية الجزيرة وسط السودان، ومناشدات لحمل الشموع في الأحياء. إلى ذلك طلبت الخرطوم من واشنطن رفع اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب ورفع التمثيل الدبلوماسي، وكشفت عن بوادر لـ«رؤية أميركية جديدة تجاه السودان».

وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن مجموعة من طلاب جامعة الجزيرة خرجت يوم أمس في مسيرة احتجاجية قطعت طريقا رئيسيا يربط الخرطوم بمدن الجزيرة وشرق البلاد احتجاجا على غلاء الأسعار والضائقة المعيشية، وفرقت الشرطة المحتجين بالغاز المسيل للدموع والعصي الكهربائية. وكانت مدينة مدني قد سيرت مسيرة مشابهة قبل يومين، وفي السياق ذاته بدأ شباب في الخرطوم حملة لحمل الشموع والوقوف أمام المنازل احتجاجا على الأوضاع، إلا أن الحملة لا تزال ضعيفة ولم تجد التجاوب المتوقع من السودانيين.

إلى ذلك، اعتبر الزعيم الإسلامي المعارض حسن الترابي أمس أن قيام انتفاضة شعبية في السودان على غرار ما حصل في تونس أمر «مرجح»، ورأى أن هذه الانتفاضة الشعبية يمكن أيضا أن تجنب وقوع «حمام دم» في السودان الذي يتجه جنوبه نحو الانفصال. وقال الترابي في الخرطوم: «لقد عرفت هذه البلاد انتفاضات شعبية في السابق، ومن المرجح أن يحصل الشيء نفسه في السودان»، مضيفا: «وفي حال لم تحصل انتفاضة قد يقع حمام دم لأن الجميع مسلحون في السودان». ويعتبر الترابي مهندس الانقلاب العسكري الذي قام به الرئيس الحالي عمر حسن البشير عام 1989. إلا أن الرجلين اختلفا منذ نحو 10 سنوات مما دفع بالترابي إلى إنشاء حزب جديد أطلق عليه اسم «المؤتمر الشعبي».

وعن الاستفتاء في الجنوب وترجيح كفة الانفصال، قال الترابي إن «السكان في حالة صدمة وقلقون جدا من تفتت البلاد»، في إشارة إلى احتمال انفصال منطقة دارفور أيضا التي تشهد حروبا. وتابع الترابي أن «السودان ليس بلدا صغيرا مثل الصومال، وهو معرض للوقوع في فوضى أسوأ مما هو حاصل اليوم» في هذا البلد. وتتهم السلطات السودانية الترابي بتقديم دعم لحركة العدل والمساواة الناشطة في منطقة دارفور في شمال غربي السودان التي تشهد حربا أهلية منذ نحو ثمانية أعوام.

وأضاف الترابي أن سكان السودان «لا ينزلون في مظاهرات بل يقاتلون»، مضيفا: «أنا واثق من أنه في حال حصلت انتفاضة شعبية، فإن منطقة دارفور ستشارك فيها».

لكن المؤتمر الوطني الحاكم اعتبر «إعلان القوى السياسية المعارضة عزمها على التنسيق المشترك من أجل إسقاط الحكومة خروجا صريحا على الدستور والقانون»، وعقد المكتب القيادي للحزب اجتماعا حول التطورات الراهنة في البلاد. وكانت المعارضة السودانية قد أعلنت الأحد الماضي في مؤتمر صحافي اعتزامها الإطاحة بحكومة الرئيس عمر البشير، ودعت لحل المجلس الوطني (البرلمان) وإقالة وزير المالية بعد تصاعد أسعار السلع في السودان. وقال أمين المنظمات في المؤتمر الوطني قطبي المهدي للصحافيين إن «الحديث عن الانتفاضة الشعبية يمثل خروجا صريحا على القانون والدستور الذي أجازته كل هذه القوى»، واصفا ما تدعو له المعارضة بأنها أمور غير أخلاقية، مؤكدا على «توفر الديمقراطية والحريات بالبلاد»، وأشار إلى «تلقي إشارات إيجابية من عدد من القوى السياسية حول طرح برنامج الحكومة ذات القاعدة العريضة»، في حين وعد وزير الإعلام والقيادي في الحزب الحاكم كمال عبيد بالنظر في طرح المعارضة حول شكل السودان بعد انفصال الجنوب في ما يتعلق بالأقاليم الخمسة، وقال: «الحديث في هذا أمر ممكن الحوار حوله». من جهته، أكد وزير الشباب والرياضة حاج ماجد سوار حرص المؤتمر الوطني على الحوار مع القوى السياسية حول قضايا ما بعد الانفصال، خاصة في أمر الدستور والجهاز التنفيذي للحكم.

إلى ذلك، عقد المبعوث الأميركي للسودان سكوت غريشن لقاء مطولا في الخرطوم مع وزير الخارجية السوداني علي كرتي بحثا خلاله مستقبل العلاقات بين الخرطوم وواشنطن. وقال كرتي في تصريحات صحافية عقب اللقاء: «هناك بوادر تشير إلى رؤية أميركية جديدة إيجابية تجاه السودان»، وأضاف: «لقد صدرت عدة تصريحات من مسؤولين أميركيين حملت إشادة واضحة بخطاب الرئيس البشير في جوبا الأسبوع الماضي».