تونس: بالرغم من الحكومة الجديدة.. معتصمون يطالبون برأس الغنوشي

وزير المالية استقدم من الدار البيضاء.. ووزير الداخلية قاض.. ووزير الخارجية «مغاربي» الهوى

رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي أثناء اجتماعه ببعض الوزراء الجدد في حكومته بقصر قرطاج أمس (إ.ب.أ)
TT

بينما تنفس التونسيون الصعداء عقب الاعلان الليلة قبل الماضية عن التشكيلة الجديدة للحكومة الانتقالية التي لم تتضمن وزراء التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقا، ظلت الاجواء في حي القصبة حيث مقر رئاسة الحكومة على حالها، اذ واصل المعتصمون الذين قدموا من مختلف انحاء البلاد، وخاصة من المناطق التي تعاني من غياب التنمية، مطالبتهم برأس محمد الغنوشي رئيس الوزراء. وبدا ان المعتصمين استطابوا الاقامة بين ظهراني رئاسة الحكومة.

وتحولت الساحة إلى «هايد بارك» تونسية، تتناسل فيها حلقات النقاش السياسي حول مآل الانتفاضة. بينما ردد معتصمون هنا وهناك شعارات منتقدة للغنوشي، ومطالبته بالرحيل. وقال المعتصمون إن مطالبهم تتجاوز تنحية بعض رموز النظام السابق لتصل إلى المطالبة بحل الحكومة التي يرأسها الغنوشي.

ومساء امس تدخلت قوات التدخل السريع لتفريق المعتصمين في ساحة الحكومة بالقصبة مستعملة القنابل المسيلة للدموع، وخاصة المنتمين إلى محافظة القصرين، وكان المعتصمون القادمون من محافظة سيدي بوزيد قد بدأوا صباح امس في مغادرة مكان الاعتصام. بينما تراجعت قوات الجيش الى الوراء تراقب الوضع.

وتساءل المراقبون صباح امس عن مآل الاعتصام في ساحة القصبة بعد ان وافق الاتحاد العام العمالي التونسي المشاركة في الحكومة بوزيرين هما محمد نوري الجويني (التخطيط والتعاون الدولي)، ومحمد عفيف الشلبي (الصناعة والتكنولوجيا). وفي غضون ذلك، دعا المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل امس المعتصمات والمعتصمين بساحة القصبة إلى اليقظة الدائمة لمتابعة الاصلاحات التي ينتظرها الشعب عبر «تشكيل لجنة وطنية من بينهم تتألف من نواب عن جهاتهم ضمانا للتواصل الدائم مع المعتصمين من ناحية، وكآلية تعتمد في التفاوض مع رئاسة الوزراء بتأطير من قيادة الاتحاد، من ناحية أخرى».

وتعهد المكتب التنفيذي للاتحاد العمالي في نداء توجه به إلى المعتصمين «بحمايتهم وتبنى مطالبهم المشروعة فضلا عن توفير وسائل النقل بصفة تضمن لهم العودة المظفرة إلى جهاتهم».

كما عبر في ذات النداء عن تقديره لنضالات المعتصمين وتضحياتهم من اجل الا تتم مصادرة انتفاضة شباب تونس التي أنعشت كل أحرار العالم، وقدمت لهم أروع صور تمسك الشعب التونسي بخيار الكرامة والعدالة والحرية أو مصادرة حقوق شهداء الانتفاضة وحقوق الشعب متوجها اليهم بتحية إكبار لوقفتهم الشجاعة وصمودهم من أجل اسماع صوتهم لكل الجهات بما يضمن حياة أفضل للشعب التونسي والتنمية المتوازنة لكل الجهات.

واعلن الغنوشي الليلة الماضية عن التشكيلة الجديدة للحكومة الانتقالية، التي خلت من رموز الحزب الحاكم السابق، حيث خرج من منها وزراء الداخلية والدفاع والمالية، فيما قدم وزير الخارجية استقالته قبيل الاعلان عنها، وتم تعيين وزير داخلية جديد هو فرحات الراجحي، وهو في الاصل قاض، ووزير دفاع جديد هو عبد الكريم الزبيدي، ووزير للخارجية، هو احمد ونيس الذي سبق له ان عمل سفيرا في نيودلهي وموسكو، كما يعتبر من نشطاء المجتمع المدني والحقوقي.

وقال مصدر مقرب من ونيس، أن هذا الاخير معروف بكتابته المتحمسة لاقامة اتحاد مغربي لا تشوبه شائبة، مشيرا إلى انه سبق له ان كتب مقالا حمل فيه الجزائر مسؤولية تعثر بناء المغرب العربي جراء تورطها في نزاع الصحراء.

وتم تعيين وزير جديد للشؤون الدينية هو العروسي الميدوز، وتم تعيين وزيرة للصحة، هي حبيبة الزاهي بن رمضان، لتصبح ثاني امرأة في الحكومة إلى جانب ليليا العبيدي، وزيرة شؤون المرأة، في حين خرجت مفيدة التلاتلي من وزارة الثقافة التي عين مكانها عز الدين باش شاوش. وسبق لشاوش ان عمل في تونس مديرا عاما لمعهد الاثار والفنون (المعهد الوطني للتراث حاليا)، ومساعدا لرئيس بلدية قرطاج، ومديرا عاما لدار الكتب الوطنية ورئيس اللجنة الثقافية القومية ورئيس المجمع التونسي للعلوم والاداب والفنون (بيت الحكمة). أما المهام التي شغلها في منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) فهي رئيس لجنة التراث العالمي ومقرر عام للجنة التراث العالمي ومدير بقطاع الثقافة وامين عام اللجنة الدولية للمحافظة على موقع «انيكور» بكمبوديا. وشاوش عضو بالأكاديمية الفرنسية للتاريخ والاثار وعمل في صلب منظمتي اليونسكو والالكسو على صيانة القدس الشريف والتراث الفلسطيني.

اما وزير المالية فقد تم استقدامه من المغرب، ويتعلق الامر بالمصرفي جلول عياد، الذي يعتبر اقرب مساعدي رجل الاعمال المغربي عثمان بن جلون، مالك البنك المغربي للتجارة الخارجية، ومعروف عن عياد انه عازف ماهر على البيانو. يذكر ان 9 حقائب فقط من التشكيلة القديمة لم يطلها التعديل وتم التجديد بالنسبة لـ12 حقيبة. وأوضح الغنوشي أن الحكومة المعلن عنها هي حكومة انتقالية وقتية تتمثل مهمتها في تمكين البلاد من تحقيق الانتقال إلى الديمقراطية وتأمين الشروط الضرورية لتنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة التي تتيح للشعب أن يقول كلمته بكل حرية وفي كنف الضمانات الكاملة حتى تعكس تلك الانتخابات إرادة الشعب التونسي. واعلن ان الانتخابات ستنظم تحت إشراف لجنة مستقلة وبحضور مراقبين دوليين حتى تتوفر في الاقتراع كل عناصر الشفافية والنزاهة والمصداقية.