ميقاتي ينهي استشاراته النيابية وينتقل إلى البحث العملي لتشكيل حكومته الجديدة

الجسر لـ«الشرق الأوسط»: الحريري قرر عدم المشاركة كي لا يعطي غطاء للانقلاب السياسي

رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي محاطا بحراسه خلال صلاة الجمعة في وسط بيروت (أ.ب)
TT

ينصرف الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان نجيب ميقاتي، بدءا من اليوم لتنفيذ الخطوات العملية لتأليف حكومته، بعد أن أنهى أمس الاستشارات غير الملزمة التي أجراها مع الكتل والنواب على مدى اليومين الماضيين في المجلس النيابي، وهو سيطلع رئيس الجمهورية ميشال سليمان على مطالب الكتل، قبل أن يدخل في نقاش جدي حول شكل الحكومة وطبيعتها مع القوى الفاعلة في فريق 8 آذار التي رشّحته لهذا المنصب، وتحديدا «حزب الله» وحركة «أمل» و«التيار الوطني الحر»، في وقت حسم رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري قراره بعدم المشاركة، «كي لا يعطي غطاء للانقلاب السياسي»، وفق ما أعلن عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر لـ«الشرق الأوسط». وأكد مصدر مقرب من ميقاتي لـ«الشرق الأوسط»، أن «طريق الأخير في التشكيل محفوفة بالأشواك والألغام، لكنه مصرّ على إزالتها والمجيء بحكومة متوازنة ومنتجة».

وكان ميقاتي وإثر انتهائه من الاستشارات النيابية غير الملزمة، أعلن أنه استمع إلى آراء النواب، وقال في تصريح له «يمكن القول إن آراءهم (النواب) أعطتني زخما كبيرا من اجل السرعة في التأليف، وبدا لي أن القواسم المشتركة بين الجميع هي كثيرة، وهي قواسم ايجابية». أضاف: «غدا (اليوم) صباحا سأزور فخامة الرئيس (الجمهورية) ميشال سليمان وأطلعه على الاستشارات آملا أن أوفّق بالتعاون مع فخامته في تشكيل الحكومة». وردا على سؤال أجاب ميقاتي «تيار المستقبل قدّم شروطه ولا ارى كلمة تعجيزية لأن هذه الشروط معروفة من قبل، والفريق الآخر يطلب عكس هذه الشروط، ومن هنا رأيت أن الحالة الوسطية هي الحل»، وحول ما إذا كان سيلتزم بتلبية مطالب الكتل، قال الرئيس المكلّف «لا ألتزم خطيا، لأنه في الـ2005 التزمت شخصيا ولم ألتزم خطيا ونفذت ما التزمت به، وأنا اليوم لا يمكن ان التزم لا مع هذا الطرف ولا مع الطرف الآخر». ولفت إلى أن «شكل الحكومة كلّها معروف، ويجب ان تضم كل شرائح هذا المجتمع»، وسأسعى إلى إشراك الجميع وأتمنى ان لا يكون هناك مقاطعة مسبقة لها».

وحول ما ستكون عليه الأيام المقبلة، أكد مصدر مقرّب جدا من الرئيس ميقاتي، أن الأخير «بدأ مهمّة تشكيل الحكومة الجديدة مستندا إلى ثقة معظم الأطراف اللبنانية، وتحديدا المعارضة (حزب الله وحلفاؤه)، والى معطيات وإشارات إقليمية إيجابية تلقاها في الساعات القليلة الماضية»، واعترف المصدر المقرّب من ميقاتي لـ«الشرق الأوسط»، بأن «ليس هناك من طريق معبدة حتى الآن أمام الرئيس المكلّف»، وقال «هذه الطريق فيها الكثير من الأشواك والألغام، لكنه (ميقاتي) واثق من قدرته على إزالة الأشواك وتفكيك الألغام، وتأليف حكومة متوازنة ستؤدي إلى صدمة إيجابية سياسيا وإقتصاديا، وهذه الصدمة لن تكون لبنانية فحسب، بل إقليمية ودولية»، ولفت إلى أن «الرئيس ميقاتي لن يلتزم بمهلة زمنية للتأليف لأنه متحرر من القيود، وليس مضغوطا وهو سيأخذ وقته ويعمل بالدرجة الأولى لحكومة وحدة وطنية، وإذا لم يتمكن سيكون البديل عنها حكومة فاعلة ومنتجة».

في هذا الوقت، أكد النائب في كتلة «المستقبل» سمير الجسر لـ«الشرق الأوسط»، أن «كتلة المستقبل اتخذت قرارا مبدئيا بعدم المشاركة في حكومة الرئيس ميقاتي»، وقال «لن نشارك ولن نوفّر غطاء شرعيا للانقلاب الذي حصل، مهما جرى تلميعه وتجميل صورته، إنه انقلاب سياسي على مبادئ وثوابت ولن نقرّ به على الإطلاق»، وأوضح الجسر أن «هذا الموقف المبدئي أبلغته الكتلة (المستقبل) إلى الرئيس المكلّف خلال الاستشارات، لكن بنفس الوقت طلبنا إجابات على أسئلة محددة تتعلّق بالمحكمة الدولية والسلاح غير الشرعي».

وإثر لقائه الرئيس المكلّف في إطار الاستشارات النيابية، أعلن النائب نقولا فتوش، أنّ «هذه المرحلة دقيقة تحتاج إلى التعالي فوق الجراح، وهي سياسية بامتياز تحتاج إلى دقة وتعاون ولا خلاص للبنان إلا بالمؤسسات الدستورية».

وتمنّى النائب أحمد كرامي أن «يكون هناك حلّ، لأن الوضع اللبناني لم يعد يحتمل بأي بشكل من الاشكال». مؤكدا أنه لم يطالب بأي وزارة بل أن يكون لبنان بخير». وأوضح النائب محمد الحجار أنه أكّد لميقاتي «تأييد النقاط التي تلاها الرئيس فؤاد السنيورة باسم كتلة «المستقبل» لجهة المحكمة الدولية ودورها في كشف الحقيقة وتحقيق العدالة في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وأهمية جمع السلاح في الداخل الذي استعمل بشكل مباشر وغير مباشر وفق خطة زمنية، وتنفيذ ما تم الاجماع عليه في الحوار خصوصا لجهة إيجاد أو وضع خطة زمنية لإزالة كل المعسكرات الفلسطينية خارج المخيمات ومعالجة موضوع السلاح داخل المخيمات». ولفت النائب فؤاد السعد، بعد لقائه والنائبين انطوان سعد وهنري حلو بالرئيس المكلّف، إلى أنهم أبلغوا الرئيس ميقاتي تأييدهم «مبدأ الأكثرية تحكم والأقلية تعارض»، وقال «لكن بسبب المرحلة التي تمر بها البلاد، فإننا لا نعارض اي صيغة حكومية بل نريد ان نكون منفتحين على كل الصيغ من حكومة توافق إلى حكومة تكنوقراط أو غيرها». أضاف «سيتوقف قرار المشاركة أو عدمه في الحكومة على كيفية تشكيل الحكومة وعلى المنحى الذي ستأخذه الاستشارات وعلى البيان الوزاري، ولقد طالبنا بموضوعين هما تحقيق العدالة عبر المحكمة الدولية لأن لا وطن بدون عدالة، وموضوع نزع السلاح اللاشرعي من كل الفئات والعودة إلى دولة القانون».