أكاذيب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي قد تكلفه التخلي عن منصبه

الجميع يتهربون من البت في القضية.. لكن وسائل الإعلام حسمتها: غالانت لا يصلح رئيسا للأركان

TT

في أعقاب التأكد من أن رئيس أركان الجيش الاسرائيلي الجديد، الجنرال يوآف غالانت، كذب مرتين في وثائق رسمية كتبها بخط يده، زاد الخطر في أن يلغى تعيينه قبل أن يحين موعد تسلمه المنصب بعد أسبوعين تقريبا. ومع ان القادة السياسيين والقضائيين تهربوا من البت في القضية وراح كل منهم يلقي بالمسؤولية على الطرف الآخر، فقد حسمت وسائل الاعلام الأمر وخرجت بموقف إجماعي ان غالانت لا يصلح رئيسا للأركان. وقالت مصادر قضائية مطلعة، إن ملف غالانت لا يحتوي على مخالفة جنائية ولكن مخالفاته سلوكية. فمن يفعل مثله ويسيطر على الأراضي العامة من دون إذن، وعندما يسأل عن ذلك ينطق كذبا، لا يستطيع أن يكون رئيسا لأركان الجيش. وعليه أن يتخلى بنفسه عن المنصب ويتيح لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، ايهود باراك، أن يختارا رئيسا آخر لهيئة الأركان مكانه.

وكان نتنياهو وباراك قد اختارا غالانت في ظل تنافس شديد على المنصب بين الجنرالات. واختاراه لأنه يحمل مواقف مطابقة لموقفهما الحربي تجاه ايران وأذرعها في المنطقة. وقد تحول التنافس إلى مشاجرات شبه علنية بين قادة الجيش. ووجهت اتهامات بأن مقربين من رئيس الأركان الحالي، جابي أشكنازي، يقفون وراء حملة منظمة لإبطال هذا التعيين وتشويه سمعة غالانت. وقد نفى اشكنازي ان يكون شارك في حملة كهذه. وشكا للمقربين منه من ان الثنائي نتنياهو - باراك يعرفان مدى شعبيته في الشارع ويخططان لتحطيمه بشكل شخصي حتى لا ينافسهما على رئاسة الحكومة. وانقسم الجنرالات إلى ثلاث مجموعات؛ مؤيدي غالانت الذين شنوا هجوما حادا على كل من يتهمه بالكذب أو بالسيطرة على أراض عامة، معارضي غالانت، الذين يديرون حملة ضخمة ضد تعيينه، والمجموعة الثالثة، التي تقف على الحياد وتطالب بانهاء هذا الملف في أي اتجاه كان، ولكن بسرعة، لأن موعد التداول على هذا المنصب هو في 14 فبراير (شباط) القادم ولا يعقل ان يترك الجيش من دون رئيس أركان.

وقد وصلت القضية إلى محكمة العدل العليا، حيث تقدمت لها الجمعية الخضراء، وهي مؤسسة تعمل من أجل نزاهة الحكم، طالبة الغاء تعيين غالانت كونه اتبع الكذب نهجا واستغل نفوذه وقوته الكبيرتين في الجيش، للسيطرة على قطعة أرض تضاعف مساحة بيته. وقبل أن تبت المحكمة في الموضوع، فاجأت النيابة العامة بالقول انها مضطرة إلى دراسة معطيات جديدة في القضية. وتبين ان معلومات وصلت إلى اليها تؤكد الكذب. وحقق مراقب الدولة الأعلى، القاضي ميخائيل لندنشتراوس، وخلص إلى الاستنتاج بأن غالانت كذب وخرق قواعد نظافة اليد في سيطرته على الأرض وكذلك في اتباع مبدأ الكذب. لكن المراقب تهرب من إعطاء توصية بإلغاء التعيين، ولم يقل ما إذا كان غالانت يصلح لمنصب رئيس الأركان أم لا واكتفى بالتأكيد انه كذب مرتين في وثائق رسمية. وأحال القضية إلى المستشار القضائي للحكومة، يهودا فاينشتاين. وهذا بدوره قرر عقد جلسة ليوم غد الأحد، للبحث في الموضوع وفي ما إذا كانت النيابة العامة تستطيع الدفاع عن تعيين غالانت في المحكمة. واعتبر تأجيل البحث يومين محاولة للضغط على الحكومة حتى تبت في القضية. ولكن رئيس الحكومة، نتنياهو، تهرب من البت هو الآخر وصرح بان القضية بيد المستشار. وأفادت مصادر مقربة من المستشار فاينشتاين انه هو أيضا سوف يتهرب من اتخاذ قرار وسيلقي بالكرة إلى لجنة التعيينات الحكومية برئاسة القاضي يعقوب تيركل. وتيركل هذا هو نفسه الذي ترأس اللجنة الحكومية لتقصي الحقائق في الهجوم الاسرائيلي على أسطول الحرية. وفقط في الأسبوع الماضي خرج باستنتاجات تناسب مصلحة الحكومة وتبرئ الجيش الاسرائيلي من ذنبه في ارتكاب الجريمة. وكان تيركل قد أجاز تعيين غالانت رئيسا للأركان بطريقة يتعرض بسببها لانتقادات شديدة وباتهامات انه بوق للسلطة. ومع ذلك فإن القوى التي تتصدى لتعيين غالانت، لم ترفع أيديها. بل ازدادت ثقة بالنفس من جراء قرار مراقب الدولة وأعلنت انها متمسكة بطلبها الغاء تعيين غالانت أكثر من أي وقت مضى. كما ان الوزير من الليكود، ميخائيل ايتان، الذي أجرى تحقيقا مستقلا وخرج بالاستنتاج ان غالانت ليس مستقيما وأنه سيطر على الأرض بشكل متعمد وكذب مرتين في وثائق رسمية وانه بهذه الصفات يصلح كرجل مافيا ولا يستطيع تولي رئاسة الأركان ولا حتى البقاء في الجيش. ودعاه صراحة إلى الاستقالة.

والمفترض أن يبت المستشار في القضية بشكل نهائي في أسرع وقت بعد الأحد، لأن المحكمة منحت النيابة مهلة حتى مطلع الشهر القادم (يوم الثلاثاء المقبل) لتفصح عما إذا كانت ستدافع عن تعيين غالانت في المنصب.

وقد خرجت الصحافة الاسرائيلية، أمس، بموقف شبه اجماعي تقول فيه ان غالانت لا يصلح للمنصب. وتدعو الحكومة إلى تمديد فترة اشكنازي ولو لمدة ستة اشهر حتى يتاح تعيين رئيس أركان آخر خلالها، فيما يطالب آخرون بأن يتم تعيين شخصية أخرى بشكل دائم في 14 مارس (آذار) القادم، حتى لا يترك فراغ دستوري.

وصرح عدد من الجنرالات الحياديين في الصراع بين غالانت وأشكنازي بأن ما يحيط بتعيين رئيس للأركان هو أمر معيب. يحصل لأول مرة في تاريخ الجيش الاسرائيلي، ويدل على أزمة حقيقية داخل المؤسسة.