راشد الغنوشي: لست «الخميني»

اعتبر متشددا ويقدم نفسه الآن بأنه «معتدل»

TT

راشد الغنوشي الذي عاد أمس إلى تونس اعتبر لفترة طويلة متشددا مقربا من جماعة الاخوان المسلمين المصرية واصبح يقدم نفسه الان على انه «معتدل».

رمز لتيار اسلامي قمعه النظام ويسعى الان إلى ايجاد مكان في تونس ديموقراطية. ويكرر مؤسس حزب النهضة القول امام الصحافيين منذ سقوط نظام زين العابدين بن علي الذي فر من تونس في 14 يناير (كانون الثاني) القول «لست مثل الخميني.. لدينا حزب اسلامي وديمقراطي يشبه كثيرا حزب العدالة والتنمية في تركيا».

وهذا الرجل البالغ من العمر 69 عاما نحيل البنية وله ملامح رجل مثقف مسالم. ومن الصعب تخيل ان هذا الرجل اثار خوف النظام التونسي إلى درجة ان رئيس الاستقلال الحبيب بورقيبة اراد رؤية «حبل المشنقة حول رقبته» وان خلفه زين العابدين بن علي ارغمه على المنفى منذ اكثر من عشرين عاما. وبعدما حرم من دور ناشط في الثورة الشعبية التي شهدتها تونس بقي الزعيم الاسلامي بعيدا عن الاضواء وعمل على محو اي اثار للتطرف في خطابه.

واكد حسن جزيري احد المقربين منه في حزب النهضة «لا يعود كمنتصر وانما كمجرد مواطن». ومن اجل تبديد اي لبس اعلن من الان انه لن يترشح للرئاسة ولن يكون مرشحا في الانتخابات التشريعية. وقد ولد في الحامة المدينة الصغيرة على الساحل الجنوبي الشرقي لتونس في 22 يونيو (حزيران) 1941 لدى عائلة متواضعة. واتجه نحو الدراسات الدينية. وبعدما نال اجازة في الفقه الاسلامي في تونس في 1962 اصبح مدرسا في قابس المدينة الواقعة في وسط غرب البلاد حيث اكتشف «البؤس من الداخل». وتقول اوساطه انه كان «متعطشا للمعرفة ومتأثرا جدا بالقومية العربية». وقد غادر لمتابعة دراسته في القاهرة ثم في دمشق حيث نال شهادة في الفلسفة. وبعد فترة قصيرة امضاها في فرنسا عاد إلى تونس في نهاية الستينيات واكتشف مجتمعا منطلقا على طريق العلمانية.

وعبر عن مواقفه في السبعينات عبر خطب شديدة اللهجة دعا فيها إلى تدمير «اتباع اسرائيل» مطالبا بتطبيق الشريعة الاسلامية لفرض النظام في مجتمع كان يعتبر انه فاسد. واسس مع بعض رفاقه في مطلع 1981 حركة ذات توجه اسلامي اصبحت لاحقا النهضة. وبدأ راشد الغنوشي باثارة قلق السلطة، واتهم بتاجيج اضطرابات وحكم عليه اول مرة بالسجن 11 عاما في نهاية 1981 ثم بالاشغال الشاقة المؤبدة في مطلع 1987.

وللمفارقات فان وصول بن علي إلى السلطة في نوفمبر (تشرين الثاني) 1987 انقذ وضعه، فقد عفا عنه في 1988 ومقابل ذلك اعلن ولاءه للرئيس الجديد. ويروي احد مسؤولي الحركة في تونس علي العريض الذي اوقف في 1990 وامضى 14 عاما في السجن عنه انه «يرفض العنف ويعترف بوضع المرأة. لكن ذلك لا يكفي. ففي الانتخابات التشريعية عام 1988 حصلنا على اكثر من 17 في المائة من الاصوات وبدأنا التعرض للضرب». وفي نهاية 1989 غادر راشد الغنوشي تونس إلى الجزائر ثم إلى لندن في 1991. والسنة التالية حكمت عليه محكمة عسكرية في تونس مع مسؤولين دينيين اخرين بالسجن المؤبد بتهمة «التآمر» ضد الرئيس.

وتعتبر النواة الصلبة للحركة عودته إلى تونس أمس بانها «رمز لحرية مستعادة» فيما تعني بالنسبة للحركات المدافعة عن حقوق المرأة والعلمانيين ضرورة «زيادة التيقظ» من اي «نزعة ظلامية».