حركة النهضة.. صدام مع بن علي حتى رحيله

ظهرت الى الوجود في أواخر الستينات تحت مسمى مختلف

TT

ترجع بدايات الحركة الإسلامية في تونس إلى أواخر الستينات وكانت تحمل اسم «الجماعة الإسلامية» وسط سيطرة الحركات اليسارية التونسية على الساحة السياسية. وأقامت الحركة أولى لقاءاتها التنظيمية في أبريل (نيسان) من سنة 1972 وكانت لقاءات سرية. وكان الشيخ راشد الغنوشي  من أبرز مؤسسي الحركة إلى جانب المحامي عبد الفتاح مورو وانضم إلى الجماعة لاحقا عدد من النشطاء من أبرزهم صالح كركر، والحبيب المكني وعلي العريّض. لم تدخل الحركة عالم النشاط السياسي وركزت أنشطتها على حلقات في المساجد ومن خلال الانخراط بجمعيات المحافظة على القرآن الكريم.

ولم تلق الحركة الإسلامية في عهد الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة معارضة لأنشطتها الفكرية، بل إنها لقيت ترحيبا ضمنيا من طرف الحزب الاشتراكي الدستوري الحزب الحاكم آنذاك، وعمل على توظيف الحركة للتضييق على الحركات اليسارية المعارضة لتوجهات الحزب والمطالبة بالانفتاح على الحريات. وفي سنة 1974  أصدرت الجماعة الإسلامية مجلة «المعرفة » التي أصبحت منبرا لنشر أفكار الحركة. في أوت (أغسطس) من سنة  1979  التأم المؤتمر المؤسس للجماعة الإسلامية في كنف السرية التامة وصادقت المجموعة المؤسسة على قانونها الأساسي. ونظمت الجماعة الإسلامية مؤتمرها الثاني وكان في كنف السرية للمرة الثانية وكان في مدينة سوسة الساحلية يومي 9 و10 أبريل من سنة1981 وكان الحزب الاشتراكي الدستوري الحزب الحاكم يعقد مؤتمره الاستثنائي الذي أعلن فيه الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة عن إمكانية بعث أحزاب سياسية أخرى إلى جانب الحزب الحاكم. ومنذ تاريخ المؤتمر الثاني للحركة أصبح عمل الحركة علنيا وأصبح اسمها «حركة الاتجاه الإسلامي». تم الإعلان عن الحركة بصفة رسمية مؤتمر صحافي عقده الغنوشي وعبد الفتاح مورو وكان ذلك يوم6 يونيو (حزيران) من سنة 1981 . إلا أن السلطات التونسية أحست بمدى تغلغل الحركة في الشارع التونسي فلم تمكنها في البداية من الترخيص القانوني للنشاط رغم تقديمها الملف يوم 6 حزيران وبداية من يوم18  يوليو (تموز) من سنة1981 ألقت السلطات القبض على قيادات الحركة وقدمتهم في شهر سبتمبر (أيلول) إلى المحاكمة ووجهت لهم تهم «الانتماء إلى جمعية غير مرخص لها.. والنيل من كرامة رئيس الجمهورية‏.. ونشر أنباء كاذبة.. وتوزيع منشورات معادية». وحكم على راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو زعيمي الحركة بالسجن لمدة عشر سنوات ولم يفرج عن الغنوشي إلا في  أغسطس (آب) من سنة 1984 إثر وساطة من الوزير الأول محمد مزالي في حين أطلق سراح مورو سنة 1983.

ومنذ منتصف عقد الثمانينات تنامت قوة الحركة وأصبحت في علاقة تصادمية مع السلطة. وعرفت سنة1987 أوج صداماتها  مع نظام بورقيبة وقد حكم على الغنوشي آنذاك بالأشغال الشاقة مدى الحياة واتهمت الحكومة الحركة بالتورط في تفجيرات استهدفت أربعة نزل سياحية في مناطق الساحل الشرقي لتونس. ورحبت حركة الاتجاه الإسلامي بالإطاحة بالرئيس بورقيبة في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 1987، وتم الإفراج منذ الأشهر الأولى عن أغلب أعضاء الحركة التي وقعت في 7 نوفمبر 1988 على وثيقة الميثاق الوطني التي دعا لها بن علي الرئيس المخلوع واعتبرها قاعدة لتنظيم العمل السياسي في تونس. وشاركت الحركة في الانتخابات التشريعية في ابريل 1988 وقيل إنها حصلت على حوالي 17% من الأصوات. وفي فبراير (شباط) سنة 1989 غيرت حركة الاتجاه الإسلامي اسمها لتصبح «حركة النهضة» حتى تنفذ ما جاء به قانون الأحزاب الذي يمنع «إقامة أحزاب على أساس ديني» إلا أن سلطة بن علي رفضت تمكينها من الترخيص القانوني. وفي 28 مايو من سنة1989 غادر راشد الغنوشي زعيم الحركة البلاد في اتجاه الجزائر، وخلفه الصادق شورو في رئاسة المكتب السياسي للحركة. وبداية من سنة 1990 اصطدمت الحركة مع نظام بن علي وبلغت المواجهة أوجها أثناء أزمة حرب الخليج. في مايو من سنة 1991 أعلنت الحكومة عن إبطال مؤامرة لقلب نظام الحكم واغتيال الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وشنت تبعا لذلك حملة واسعة على أعضاء حركة النهضة ومؤيديها من مختلف الفئات الاجتماعية، وبلغ عدد الموقوفين حسب بعض المصادر 8000 مناصر. وفي أغسطس من سنة  1992، أصدرت المحكمة العسكرية بتونس على 256 قياديا وعضوا في الحركة أحكاما وصلت إلى حد السجن مدى الحياة.