المعارضة ترفض البرادعي والمظاهرات مستمرة

مبارك وسليمان يجتمعان بالقادة العسكريين وسرور يلمح إلى إعادة الانتخابات

مئات المتظاهرين وسط ميدان التحرير أمس بعد بدء سريان حظر التجول (إ.ب.أ)
TT

ما زال المقر الرئيسي للحزب الوطني يحترق لليوم الثالث على التوالي، وما زال المتظاهرون معتصمين على مقربة منه في ميدان التحرير تحت هدف وحيد وهو اسقاط نظام الرئيس المصري حسني مبارك، وكانت هناك اعداد كبيرة من الجماهير الغاضبة تحتشد بالقاهرة والاسكندرية والشرقية، متحدية قرار حظر التجول، رافضة العودة إلى المنازل، وتساوى لديهم عمر سليمان احد الوجوه التقيلدية المرتبطة بنظام مبارك، مع محمد البرادعي الوجه الغائب عن كل رغباتهم واحتياجاتهم، والذي جاء قبل يومين في محاولة ليخطف منهم الاضواء بحسب متظاهر وقف يبكي في ميدان التحرير، مختنقا بفعل اثار الدخان المتصاعد من الابنية المحترقة حوله، قائلا: «لا نقبل الا الديمقراطية الحقيقية فقط». وكانت ابرز احداث مظاهرات يوم امس هو ظهور لافت لرجال القضاء، وشيوخ الازهر، الذين انضموا إلى الجموع المحتشدة بميدان التحرير، كما ظهر الداعية الاسلامي الشهير عمرو خالد والعديد من قيادات المعارضة المصرية». وقد حصلت «الشرق الأوسط» على بيان وزعه المعتصمون بميدان التحرير يحمل اسم «حركة النهضة المصرية» وموقع باسم شباب ثورة الشعب، يطالب باربعة مطالب «رحيل مبارك ونظامه عن البلاد، وحل الحزب الوطني الحاكم ومحاكمة قياداته، ومحاكمة رجال الشرطة المتسببين في قتل الثوار، واسترجاع اموال الشعب من الفاسدين، ومحاكمتهم». ورغم الهلع الذي اصاب المتظاهرين بعد ان ظهرت في سماء القاهرة تشكيلات طائرات الميراج التابعة للقوات الجوية المصرية، والتي حلقت بكثافة على ارتفاع منخفض، لكنه لم يثنهم عن اعتصامهم. وكان التلفزيون المصري قد اذاع امس لقطات حية للمشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع المصري في الحكومة المقالة برئاسة الدكتور احمد نظيف وهو يتفقد قوات الجيش المرابطة امام مبنى التلفزيون المصري بماسبيرو بالقرب من ميدان التحرير حيث يحتشد الاف المتظاهرين، كما اذاع لقطات اخرى للرئيس المصري داخل غرفة عمليات القوات المسلحة، يتابع جهود رجال الجيش لضبط النظام والسيطرة على الامن، وكان بجواره عمر سليمان، في اول ظهور رسمي بعد تعيينه اول من امس، في محاولة لبث الطمأنينة في نفوس المصريين. الى ذلك ما زالت شوارع القاهرة، تمتلئ بمئات المخربين الفاسدين الذين روعوا الناس في مساكنهم، على الرغم من انتشار ما سمي اللجان الشعبية، لضبط الامن وحفظ النظام. وقد افاد شاهد عيان بان قوات الشرطة عادت إلى الظهور في بعض المناطق المتفرقة من القاهرة في احياء الدقي والعجوزة والسيد زينب، وان بعض اقسام شرطة هذه المناطق قد عادت إلى ممارسة عملها، كما شوهد بعض القيادات الامنية في منطقة المهندسين تنظم حركة المرور. وكانت قد ترددت شائعات متناقضة حول مصير وزير الداخلية المصري حبيب العادلي الذي حملته الجماهير الغاضبة، مسؤولية الدمار والخراب الذي لحق بعشرات المتاجر والبنوك، في مناطق متفرقة بالمحافظات المصرية، وفي ميدان التحرير اشيع خبر القبض عليه من قبل قوات الجيش، وفي الاسكندرية اشيع خبر توليه وزارة الداخلية في الحكومة الجديدة التي كلف الوزير احمد شفيق بتشكيلها قبل يومين، الا ان التلفزيون المصري حسم الامر، عندما بث خبرا عن اجتماعه مع السيد عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية والمشير حسين طنطاوي وزير الدفاع، لبحث ملف الامن في الشارع المصري. وفي سياق متصل افاد مصدر امني شارحا سر غياب رجال الشرطة من الشارع المصري واختفائهم المفاجئ منذ يوم الجمعة الماضي إلى تعليمات صدرت اليهم بعد قرار الحاكم العسكري بفرض حظر التجول، بالانسحاب إلى منازلهم حرصا على ارواحهم، تاركين امر حفظ الامن إلى قوات الجيش.

وفي المحافظات المصرية، استمرت المظاهرات الحاشدة في محافظتي الاسكندرية والشرقية وقلت هذه الحشود في الاسماعيلية بينما ساد الهدوء مدينة السويس التي برزت فيها اللجان الشعبية المكلفة بحفظ الامن والارواح، بقيادة الشيخ حافظ سلامة بطل المقاومة الشعبية في المدينة خلال فترة حرب اكتوبر 1973. إلى ذلك صرح احمد المناخلي عضو مجلس ادارة قناة السويس بان معدل الملاحة في القناة لم يتأثر حتى الان بسبب الاحتجاجات الشعبية في ارجاء مصر. وعلى صعيد اخر تم تعطيل معبر رفح وسيطرت قوات الحدود المصرية عليه، كما تم تشديد التعزيزات الامنية على محطة تصدير الغاز إلى اسرائيل. من جهة اخرى اكدت جماعة الاخوان المسلمين امس رفضها «التعيينات الجديدة» التي اصدرها الرئيس المصري حسني مبارك اول من امس واعتبرتها «التفافا على مطالب الشعب ومحاولة لاجهاض ثورته». وقال المعارض المصري محمد البرادعي لالاف من المحتجين بميدان التحرير بالقاهرة امس , انه رجوع عن الانتفاضة. واضاف انه ينحني للشعب المصري احتراما وطلب من المحتجين الصبر مضيفا أن التغير قادم في الايام القليلة القادمة. وقال متحدثا للمحتجين أنهم استردوا حقوقهم وأن ما بدأوه لا رجعة عنه. واوضح البرادعي الذي تدافع المتظاهرون حوله «لنا مطلب اساسي هو رحيل النظام وسنحقق هدفنا وسنبدأ مرحلة جديدة يعيش فيها المصريون في حرية وكرامة». وقال ان المطلب الرئيسي للمحتجين هو انهاء النظام وبدء مرحلة جديدة في مصر. وقال البرادعي لشبكة «سي.ان.ان» التلفزيونية قبل الانضمام لنحو 10 الاف متظاهر تحدوا حظر التجول بالتجمع في ميدان التحرير بوسط القاهرة :»ان على مبارك أن يرحل». ويشكو المحتجون من الفقر والفساد والقمع السياسي. ورفضت المعارضة المصرية والمتظاهرون تفويض البرادعي لتشكيل حكومة انتقالية, وبدا اخرون متشككين بشأن البرادعي الذي انتقده كثير من معارضي الحكومة في الشهور الاخيرة لقضاءه الكثير من الوقت خارج البلاد. وتجادل المحتجون انفسهم ما بين مؤيد ومعارض للبرادعي. بعض الملصقات قالت لا للبرادعي» ولكنه غادر لاحقا في سيارة بينما هرول محتجون وراءه في تدافع تسبب في سقوط بعضهم على الارض. ودعا بيان للجماعات التي أطلقت على نفسها اسم «قوى الاحتجاجات» إلى حل البرلمان ووضع دستور جديد للبلاد «يتمكن بموجبه الشعب المصري من الاختيار الحر والنزيه للممثلين البرلمانيين وانتخاب رئيس شرعي للبلاد». يقول مصطفي , 24 سنة, ويعمل صيدلانيا :»هو مصري كبقية المصريين. نحن لسنا بحاجه اليه هنا ولكن بالطبع مرحبا بكل من يريد الانضمام الينا». واعلن رئيس البرلمان فتحي سرور انه سيتم «تصحيح عضوية» مجلس الشعب معترفا بان «شكوكا» تحيط بشرعيته.

وقال فتحي سرور في بيان القاه مساء امس امام لجنة الدفاع والامن القومي وحقوق الانسان بمجلس الشعب «تعالت صيحات تطالب بحل المجلس واصبح الامر الان محل تحقيق تجريه محكمة النقض». واضاف ان «سيادة القانون تقتضي احترام احكام القضاء وخير للمجلس ان يصحح عضويته بدلا من ان تلاحقه الشكوك». وقال سرور إن «من واجبنا إعلاء قيم الحقوق والحريات وأن نكشف الفساد مهما كان موقعه وأن نكفل حرية الرأي والتعبير وأنه من حق الشعب على نوابه أن تعلو قيم الديموقراطية وحقوق الإنسان». وكان سرور يرفض باستمرار تنفيذ احكام محكمة النقض بشأن صحة عضوية اعضائه ونتائج الانتخابات. واستند سرور على الدوام الى مقولة مفادها ان مجلس الشعب «سيد قراره» وانه هو وحده الذي يمكنه الفصل في صحة عضوية اعضائه من عدمها.