900 مليون دولار خسائر بنك كابل بسبب عمليات النصب والاحتيال

سوء الإدارة ووجود أقليات أفغانية تربطها علاقات سياسية خارجية يزعزعان اقتصاد البلاد

القوات الافغانية تبحث عن بنك آخر لتمويل رواتب للجيش الافغاني («نيويورك تايمز»)
TT

بالرجوع لما قاله مسؤولون أفغان عن مخاوف من انهيار اكبر بنك في افغانستان وذلك بسبب عمليات النصب والاحتيال وسوء ادارة البنك التي تمركزت في خلق تبعات مالية جديدة، وقدرت خسارة البنك في تلك الفترة نحو 900 مليون دولار، مما يجعل هذا البنك غير قادر على الاستمرار بالمنافسة في السوق المالي نتيجة الخسارة الكبيرة التي شهدها البنك في تلك الفترة.

ويخشى العديد من المحللين الماليين ورجال الاعمال من تفاقم هذه الازمة المالية وانتشارها في جميع انحاء البلاد وبما فيها بنك كابل وتدمير النظام المصرفي كاملا في هذا البلد. اضافة إلى تشويه سمعة هذا البنك على الصعيدين الداخلي والخارجي. ويعتقد العديد من رجال الاعمال الافغان إلى ان تداعيات هذه الازمة المالية وسوء الادارة ووجود اقليات افغانية تربطها علاقات سياسية خارجية تحاول زعزعة الحالة الاقتصادية للبلاد.

ومع تصاعد الوتيرة الاقتصادية والسياسية في افغانستان، حيث ان هذا يؤدي إلى زعزعة الحكومة الافغانية ورئيسها الحالي حميد كرزاي. ولا احد يمكنه ان ينكر ان البنك كان يلعب دورا مهما وكبيرا في تمويل القوات الافغانية من رواتب ومعدات واسلحة وذخيرة والى غير ذلك. مما أدى إلى لجوء القوات الافغانية للبحث عن بنك اخر لتمويل الرواتب الجيش الافغاني وموظفي الحكومة والتي تقدر بـ 1.5 مليار دولار.

تشير التقارير إلى ان المحللين الافغان يحاولون قصارى جهدهم في معرفة إلى اي جهة ذهبت هذه الاموال ومن هو المسؤول عن هذا الانهيار، لكن عبر العديد من المسؤولين ان هذه المبالغ لايمكن استردادها مما يثير مخاوف القلق في تصاعد هذه الوتيرة المالية وتفاقم الخسائر المالية في جميع انحاء البلاد.

وقد صرح مصدر مسؤول إلى ان هذه الاموال قد استثمرت في قطاع العقارات في دبي، حيث تم تتبع هذه الاموال والتي تعود إلى شركات وهمية لم تعرف مصادرها. اضافة إلى ذلك حيث يجري كل من البنك المركزي الافغاني ومسؤولون اميركيون تحقيقات خاصة بهذا الشأن. لكن المشكلة الاكبر التي ستواجهها افغانستان هي ان صندوق النقد الدولي لم يمنح اي تجديد لبرناج المساعدة المالية المقدم للحكومة الافغانية وهذا يخلق أزمة اقتصادية وعجز مالي وصعوبة للحكومة في تمويل العديد من مشاريعها.

وقال مسؤولون غربيون ان «برنامج المساعدات المالية إلى الحكومة الافغانية قد تم تأخيره وذلك بناء لصندوق النقد الدولي». ولقد ذكر العديد من المسؤولين الرسمين ان سياسة هذا البنك باءت بالفشل، مشيرا إلى ان هذا البنك كان يلعب دورا مهما في دفع رواتب مئات الاف من موظفي الحكومه الافغانية. ويتوقع العديد من المحللين إلى تفاقم الازمة الاقتصادية في البلاد، ولقد اصدر موقع ويكيليكس على الشبكه العنكبوتية تصريحا واضحا إلى ان العديد من المنظمات الافغانية كانوا يضعوا معظم تركيزهم على مشكلة تمويل الارهاب بدلا من الاهتمام في مشاكل الاحتيال التي كانت قد شهدها البنك قبل انهياره. ولقد لعبت العديد من الممارسات الخاطئة في البنك إلى انهياره اقتصاديا ولكن العديد من الدبلوماسيين اشاروا إلى انهم في عام 2009 وبداية عام 2010 لم يدركوا التأثير العميق الذي سببه هذا الانهيار المالي للبنك على الصعيد الاقتصادي والدولي. ولقد شهدت العاصمة الافغانية العديد من المعاملات والقروض المالية غير القانونية في العديد من البنوك في جميع انحاء البلاد. وتشير الاحصائية إلى أن سلسلة عمليات احتيال جرت على مدى السنوات السابقة مما يؤدي إلى خلق وتصاعد الوتيرة بين الافغان والدول الاخرى.

وفي مقابلة تلفزيونية جرت مع شقيق الرئيس الايراني والمستثمر البارز في افغانستان السيد محمود كرزاي قوله: رئيس البنك الجديد سعود غازي قد أخبره ان 800 مليون دولار لم تسترد ولكن تم اجراء العديد من المفاوضات والنقاشات وذلك من اجل استرداد 300 مليون دولار. ولقد تم تعيين سعود غازي مديرا للبنك في الخريف الماضي بعد ما اصدر البنك المركزي تغييرا في ادارة البنك، ولقد كان بنك كابل له صلات واسعة النطاق مع كبار المسؤولين في الحكومة الافغانية والعديد من المساهمين البارزين على مستوى البلاد. ولقد صرح مسؤول أمني ان «حملة انتخاب الرئيس الايراني حميد كرزاي تم تمويلها من قبل بنك كابل». اضافة إلى ذلك فقد قدم البنك العديد من القروض لكبار الدولة ومنحم امتيازات مالية ضخمة. صرح محمود كرزاي إلى ان شرخان فرنود المدير السابق لبنك كابل هو المسؤول الوحيد عن المشاكل التي حصلت للبنك في فترة ادارته. حيث أشار إلى قيامه في ممارسات مالية دون توثيقها أو مراقبتها من قبل مسؤولين ماليين، حيث تربط كلا من كرزاي وفرنود علاقات شراكة مالية الا ان انهيار البنك ادى إلى خلق مشكلات ماليه بينهم.

ولقد نوه محمود كرزاي إلى ان شرخان فرنود قد سمح بتحويل مبالغ مالية طائلة وتقدر 98 مليون دولار من البنك وتمويل الخطوط الجوية «بامير» وهي شركة طيران محدودة النطاق في افغانستان. وفي برقية صدرت من ويكيليكس في 26 سبتمبر (أيلول) عام 2009، جاء ان «بنك كابل تسوده فوضى عارمة وخاصة في المعاملات المالية من خلال ايداع وسحب اموال تحت اسماء وهمية». اضافة إلى ذلك، فقد اشار كرزاي إلى ان «البنك يحاول ان يتوصل إلى معرفة الاشخاص المسؤولين عن هذا الانهيار المالي». اضافة إلى ذلك فقد قال ناطق دبلوماسي رفيع المستوى إلى أن «حالة البنك يرثى لها»، وأضاف إلى ان القروض المالية تتم في طرق غير مشروعة وغير قانونية.

اضافة إلى ذلك، فقد صرح مسؤول غربي ان وزارة المالية تسعى إلى البحث عن بنك جديد لدفع رواتب القوات الامن الافغانية وعلى الغرار ذاته إلى امكانية فشل الحكومة في العثور على بنك لتمويل نفقاتها العسكرية والاقتصادية والسياسية، حيث اشار موقع ويكيليكس إلى ان الدفع سوف يتأخر مما يزيد من اسعار الفائدة بين فترة واخرى. اضافة إلى ذلك حيث نتج إلى تأجيل دفع الرواتب لموظفي الحكومة الافغانية لمدة تراوحت اسبوعين.

* خدمة «نيويورك تايمز» «الشرق الأوسط»