تصرف أميركا والغرب مع مبارك يثير قلقا إسرائيليا: قد يتخلون عنا في المستقبل

نتنياهو تحدث في الموضوع مع أوباما وكلينتون وغيتس وميركل وغيرهم

فلسطيني يتابع احداث مصر من خلال مطالعته لصحيفة محلية في رام الله (أ.ف.ب)
TT

تحاول الحكومة الاسرائيلية استثمار الأحداث المتسارعة في مصر لتحقيق ضمانات أميركية وغربية أخرى، أن لا تترك في حالة وقوعها في مأزق، مثلما ترك الغرب الرئيس المصري حسني مبارك وتخلوا عنه في المحنة المتفاقمة في بلاده. وفي الوقت نفسه، وافقت على طلب الجيش المصري أن يدخل قوات عسكرية إلى سيناء بأعداد تفوق المقرر في معاهدة السلام الاسرائيلية المصرية، في سبيل منع الفوضى الأمنية هناك. وحسب مسؤول أمني اسرائيلي، دخل 800 جندي مصري لأول مرة منذ سنة 1979 إلى منطقة شرم الشيخ التي تعتبر منزوعة السلاح. وقال مصدر اسرائيلي أمني كبير، أمس، ان ما يحدث في مصر يثير قلقا لدى تل أبيب، ولكنه لا يخيفها «فنحن جاهزون لمجابهة أي تطور، بما في ذلك مجابهة خطر الغاء معاهدة السلام. لكن ما يثير القلق الخطير هو تعامل الغرب. فقبل أن يقول مبارك كلمته الأخيرة فيما جرى في مصر وقبل أن تتضح صورة الوضع في عهد ما بعد مبارك، تخلى عنه الأميركيون وغيرهم من دول الغرب وراحوا يقيمون العلاقات مع كل من يعرض عليهم ذلك من أعداء النظام المصري». وأضاف «حتى لو كانت هناك انتقادات ضد مبارك، فيجب إعطاء الحلفاء الشعور بأنهم ليسوا لوحدهم».

وتابع المصدر ان المرشحين لتولي السلطة في مصر اليوم، يمثلون اتجاهين اثنين، فإما أن يتسلم الأخوان المسلمون وإما أن يأتي قادة ضعفاء مثل محمد البرادعي، ممن يسهل جرهم إلى التطرف والتحكم بهم من بعيد، وسيشكلون مصدر قلق جدي للغرب كله. وكان مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد كشف عن سلسلة اتصالات أجراها نتنياهو مع واشنطن، شملت الرئيس باراك أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، ووزير الدفاع روبرت غيتس، وغيرهم من القادة والمستشارين للتباحث معهم في الموضوع المصري. ولم يوضح شيئا عن مضمون هذه الأحاديث.

وفي وقت لاحق من بعد ظهر أمس، نشر ان إسرائيل بعثت، في نهاية الأسبوع الماضي، برسالة إلى الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية مفادها أن من مصلحة الغرب أن يكون النظام في مصر مستقرا، «فهذا مفيد للاستقرار في الشرق الأوسط كله». وطالبت بلجم الانتقادات العلنية التي توجه للرئيس المصري حسني مبارك. ومن جهة ثانية، توجهت وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى سفرائها في كل من الولايات المتحدة وروسيا والصين وكندا وعدد من دول أوروبا، طالبة بحث الموضوع بالتفصيل مع كبار المسؤولين في وزارات الخارجية ومكاتب الرؤساء أو رؤساء الحكومات في تلك الدول، حول أهمية الاستقرار في مصر.

المعروف ان نتنياهو كان قد أمر وزراءه بالامتناع عن الادلاء بتصريحات حول الأوضاع في مصر. لكنه خرق هذا النهج، أمس، حين أدلى بتصريح هو بنفسه، قال فيه ان العلاقات بين إسرائيل ومصر اتسمت بالكثير من الخلافات خلال 30 عاما، ولكنها بقيت مستقرة. وهدف إسرائيل هو ضمان استمرار العلاقات بين البلدين. وأضاف ان إسرائيل تتابع التطورات في مصر والمنطقة، وأنها «تبذل جهدها للحفاظ على الاستقرار والأمن في المنطقة». وتكلم في الموضوع، الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريس، فقال، إن إسرائيل مدينة بالشكر الحقيقي للرئيس المصري حسني مبارك «ليس مهما ماذا يقولون، نحن ندين بالشكر الحقيقي لمبارك لكونه كان كالصخرة، وعمل من أجل السلام والاستقرار في الشرق الأوسط». وأضاف بيريس، الذي كان يتحدث في حفل تقديم أوراق اعتماد سفراء أجانب جدد في إسرائيل، ان هذا الرجل (مبارك)، قدم لشعوب الشرق الأوسط، بما فيها الشعب المصري، خدمات جلى من خلال عمله على ضمان الاستقرار ودعم عملية السلام في المنطقة بين اسرائيل وسائر العرب، وخصوصا الفلسطينيين. وحتى لو كانت في مسيرته أخطاء، فإنه يظل أفضل من نظام آخر يعد بالديمقراطية وينسف الاستقرار والأمان.

وذكر مصدر في الخارجية الاسرائيلية ان السفير الاسرائيلي في القاهرة، يتسحاق لبنون، وعددا من العاملين في السفارة، ما زالوا يغلقون مبنى السفارة ويؤدون عملهم من بيوتهم في مختلف أنحاء العاصمة. وقد انتقدت الصحافة الاسرائيلية امتناع نتنياهو ومساعديه عن محادثة السفير ورفاقه للاطمئنان على أحوالهم. وقد تحدث مع السفير وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، ويتابع التطورات معه في كل يوم عبر نائب المدير العام للسفارة، رافائيل باراك. الجدير ذكره ان اسرائيل تتابع الأحداث في مصر بشكل مكثف. فقد أرسلت جميع وسائل الاعلام الرئيسية مراسلين إلى القاهرة وغيرها من المدن المصرية وفتحت موجات بثها على مدار الساعة، مثل الفضائيات العربية.