تونس تعوض عائلات ضحايا الانتفاضة وتتأهب لرفع حالة الطوارئ

تواصل الاحتجاجات ضد الولاة الجدد بسبب ارتباطهم بالنظام السابق

امرأة تونسية تمر أمام جدار مكتوب عليه «الديمقراطية.. فخورون بكوننا تونسيين» في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
TT

في حين باشرت «تونس الجديدة» تعويض عائلات «شهداء الثورة» بعد ثلاثة أسابيع من سقوط الرئيس زين العابدين بن علي، أعلنت السلطات أمس عزمها رفع حالة الطوارئ الأسبوع المقبل. جاء هذا، في حين شهدت عدة مدن في البلاد مظاهرات احتجاجا على الولاة (المحافظين) الذين عينوا أخيرا، بسبب علاقتهم بالنظام السابق، وفي وقت تحاول فيه باريس وتونس رسم معالم علاقاتهما الجديدة.

فقد بدأت السلطات الانتقالية منح تعويضات لعائلات الأشخاص الذين قتلوا في ضاحية بن عروس بتونس خلال أسابيع الاضطرابات التي أدت إلى سقوط النظام. وأفاد بيان رسمي أن الحكومة قررت دفع تعويضات قدرها عشرون ألف دينار (10300 يورو) لكل قتيل وثلاثة آلاف دينار (1546 يورو) لكل جريح. وقد أعلن رئيس بعثة المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة بكر ندايي في الأول من الشهر الحالي سقوط ما لا يقل عن 219 قتيلا و510 جرحى. وأوضح في مؤتمر صحافي أن 147 شخصا قتلوا في الاضطرابات و72 آخرون في السجون. وتعتبر هذه الأرقام «مؤقتة» حيث إن الأمم المتحدة ما زالت تواصل تحقيقاتها، حسب ما قال. بدوره، أعلن وزير السياحة التونسي مهدي حواص أمس أن تونس سترفع الأسبوع المقبل حالة الطوارئ التي فرضت الشهر الماضي عقب احتجاجات أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي. في غضون ذلك، شهدت عدة مدن تونسية أمس تجمعات احتجاجية ضد الولاة (المحافظين) الذين عينوا مؤخرا، بسبب ارتباطهم المفترض مع النظام السابق. وما إن أعلن رسميا عن أسماء الولاة (24 واليا) حتى راح المواطنون يدققون في ماضيهم، ويحاولون التأكد من علاقتهم بالتجمع الدستوري الديمقراطي. واعتبر المحتجون أن عدم الانتماء للحزب الحاكم سابقا هو الشرط الوحيد لقبولهم الولاة الجدد. وأعلنت بعض المناطق مثل سيدي بوزيد وبنزرت، رفضها الولاة المعينين، مما دفع الحكومة المؤقتة إلى الإسراع بتغييرهم. وأسهم الناشطون السياسيون والحقوقيون في تقديم نبذة عن حياة الولاة الجدد للمواطنين. وأكدت حركة التجديد الممثلة في الحكومة المؤقتة بوزير التعليم العالي أحمد إبراهيم، رفضها للطريقة التي تم بها تعيين الولاة الجدد. وقالت إن «التعيينات الأخيرة لا تستجيب لانتظارات الشعب باعتبار أن جل الولاة الجدد ينتمون إلى التجمع الدستوري الديمقراطي».

وفي دلالة على عودة الحياة إلى طبيعتها خلال الأيام الأخيرة، أعلنت حكومة محمد الغنوشي استئناف توقيت العمل العادي في الإدارات العامة اعتبارا من الاثنين المقبل. وقد توقف هذا التوقيت «المزدوج» في حصتين، الأولى من الثامنة والنصف صباحا حتى الواحدة ظهرا، والثانية من الثالثة مساء حتى الخامسة و45 دقيقة مساء، خلال أسابيع الانتفاضة المضطربة وبداية المرحلة الانتقالية، وظل الموظفون يقتصرون على العمل صباحا فقط.

لكن عموما استأنف الاقتصاد نشاطه، لا سيما في ميناء رادس (تونس) الذي يشمل 70 في المائة من نشاط التصدير والاستيراد في البلاد. وبشأن السياحة، وهي قطاع حيوي، يتوقع وصول وفد من مجمل الشركات الجوية ووكالات السفر الفرنسية الأسبوع المقبل إلى تونس لمقابلة السلطات، في حين يطال حظر التجول المفروض في البلاد منذ 13 يناير (كانون الثاني) الماضي، نشاطهم بقوة.

وفي بروكسل، أفاد مصدر دبلوماسي بأن الاتحاد الأوروبي قرر أمس تجميد أرصدة 46 من مقربين من الرئيس المخلوع بن علي وزوجته ليلى الطرابلسي، إضافة إلى الزوجين اللذين سبق أن صدر بحقهما نفس القرار. وصرح دبلوماسي أوروبي لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الحكومات الأوروبية «اعتمدت قرارا يضيف 46 اسما إلى اللائحة الأوروبية لتجميد الأرصدة» التي كانت تضم حتى الآن اسمي بن علي وزوجته فقط. وأوضح أن «معظمهم من عائلتي» بن علي والطرابلسي. واتخذ القرار على هامش اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل.

وقد أقر وزراء الخارجية الأوروبيون مبدأ تجميد أرصدة الرئيس التونسي السابق وعائلته بمبرر أن الزوجين يخضعان لتحقيق قضائي تقوم به السلطات التونسية بتهمة «تحويل أملاك وعقارات وفتح حسابات مصرفية وأرصدة مالية في عدة بلدان في إطار عملية تبييض أموال». وأعدت اللائحة بناء على توصيات السلطات التونسية التي توجه وزير خارجيتها الجديد أحمد عبد الرؤوف ونيس الأربعاء إلى بروكسل. وبالمناسبة أوضح أن حكومته تكتفي بتسليم مطالب القضاء التونسي من دون «الجزم بإدانة أو براءة هؤلاء الأشخاص».