مخاض ولادة الحكومة عسير.. ورفع المطالب يصعّب مهمة الرئيس المكلّف

مستشار الحريري لـ «الشرق الأوسط»: تعاطي ميقاتي مع المحكمة يحدد موقفنا من حكومته

رئيس الحكومة اللبناني المكلف نجيب ميقاتي خلال استقباله ممثلي حزب الطاشناق أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

رغم زحمة اللقاءات والمشاورات التي يجريها رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي، مع القوى والشخصيات السياسية للوقوف على آرائها حول صورة وطبيعة الحكومة التي سيشكلها، لم تتضح بعد معالم هذه الحكومة التي تشير الأجواء الى أن مخاض ولادتها سيكون طويلاً وعسيراً وربما يحتاج الى أسابيع، في ظلّ رفع سقوف المطالب والشروط من قبل القوى التي رشّحت ميقاتي لهذا المنصب والتي تصعّب مهمته أكثر فأكثر. ويتجلّى ذلك في الشهيّة المفتوحة على الحقائب السيادية والخدماتية، في وقت لم تحسم بعد مشاركة أو عدم مشاركة فريق «14 آذار» في هذه الحكومة، في انتظار أجوبة شافية من ميقاتي عن موقفه من المحكمة الدولية والسلاح غير الشرعي الموجود في الشوارع ويهدد أمن اللبنانيين.

وفي هذا الإطار أكدت مصادر ميقاتي لـ«الشرق الأوسط» أن «الاتصالات مستمرة على خطي «8 و 14 آذار» وبطريقة غير معلنة، لبلورة صيغة مقبولة للحكومة تكفل مشاركة الجميع». وأشارات المصادر الى أن «المطالب كثيرة جداً خصوصاً من فريق «8 آذار» الذي يرفع سقف شروطه، لكن بالنتيجة فإن الرئيس ميقاتي سيشكّل الحكومة وفق ما يراه مناسباً مع الأخذ بعين الاعتبار كل المسائل الأساسية التي يطرحها الفريقان». ولفتت الى أن «ثمة حوارا هادئا مع فريق «14 آذار» بعيداً عن الإعلام رغم المواقف التصعيدية التي تصدر عن بعض السياسيين في هذا الفريق».

واضافت المصادر «ان الرئيس ميقاتي متفائل بالمسار الذي يتبعه وينفّذ قناعاته، ويعتبر أن مخاض ولادة الحكومة طبيعي وهو لم يلتزم بمهلة محددة، لكنه لن يبقي هذه المهلة مفتوحة الى أجل طويل، فهو وضع تصوّره لكل الاحتمالات والأمور رهن بما سيحصل في الأيام المقبلة».

وفي هذا السياق، أعلن مستشار رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، الوزير السابق محمد شطح، أن كتلة «المستقبل» النيابية وكل فريق «14 آذار» لم يتخذوا الموقف النهائي والحاسم من الحكومة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، «لقد أعطينا موقفاً مبدئياً من مسألة تكليف الرئيس ميقاتي الذي حصل بطريقة التفافية وبإشكالية كبيرة أدت الى خلل كبير في مسار العملية الديمقراطية عبر استعمال الهيمنة». ورأى أن «موقف «14 آذار» من الحكومة يعتمد على موقف الرئيس ميقاتي ومضامين حكومته ونوعها الذي يتعدى موضوع المشاركة أو عدمها». وأضاف «نقطة البداية لنا هي عدم المشاركة وأن نتحوّل الى معارضة وأن نربط نزاعنا مع الفريق الآخر على هذا الأساس، أما وأن الرئيس ميقاتي يطرح نفسه كوسطي، فإن ذلك يتوقف على السياسة التي ستتبعها حكومته، فإذا كانت هذه الحكومة وسيلة لدى الفريق الآخر (8 آذار) لحسم مواضيع خلافية مثل المحكمة الدولية وغيرها يكون الرئيس ميقاتي ذهب بطريق خطيرة هي بالتأكيد أخطر من مشكلة التكليف».

وذكّر بأن «رئيس الحكومة هو الذي يضع جدول أعمال مجلس الوزراء، فإذا قرر الرئيس ميقاتي عدم طرح موضوع المحكمة في مجلس الوزراء وتجنّب إتخاذ أي قرار يطعن بهذه المحكمة يثبت حينها وسطيته وقدرته على إدارة هذه الحكومة ويحدّ من خطأ التكليف، أما إذا حصل العكس ورضخ الى رغبة الفريق الآخر فمعناها أنهم (حزب الله وحلفاؤه) أتوا بميقاتي ووضعوه في سيارتهم وبدأوا بقيادة هذه السيارة كما يريدون»، مشدداً على أن «الاستمرار في استعمال السلاح بطريقة غير مباشرة، سواء عبر التلفزيونات أم عبر انتشار القمصان السود الذي حوّل الأكثرية من مكان الى آخر، سيبقي البلد رهينة القوّة وسيستمر الانحدار السياسي للحكومة وللبلد معاً».

في المقابل رأى عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب آلان عون، أن «الرئيس المكلّف ما زال في طور جمع مطالب الأطراف التي ستشارك في الحكومة، وهو يستكمل مشاوراته لتحديد شكل الحكومة وعدد وزرائها وحجم كل فريق فيها، قبل الانتقال الى توزيع الحقائب». وأكد لـ «الشرق الأوسط»، أن «العماد ميشال عون له رأي بأن تكون الحكومة الجديدة منسجمة بالحد الأدنى، وأن لا تحمل المشاكل التي أسقطت الحكومة السابقة، وأن يكون الانسجام سياسياً مع تفاهمات الحدّ الأدنى على الأمور الخلافية». ورداً على سؤال عمّا إذا كان العماد عون بالفعل مصرّ على الإحتفاظ بالحقائب التي كانت من حصته في الحكومة السابقة بالإضافة الى وزارة سيادية وهي المالية أو الداخلية، قال النائب عون «هناك رغبات عند كل الأطراف بشأن بعض الحقائب ولم تصل الأمور الى مرحلة الحسم بعد، ونحن بدورنا لدينا رغباتنا وأفكارنا وتصوّر عن الحقائب التي نريدها وهي رهن الحوار مع الرئيس المكلّف عندما تبدأ مرحلة توزيع هذه الحقائب، نحن ننطلق بمطالبنا من خلفية إصلاحية ونشارك بالسلطة إنطلاقاً من برنامج إصلاحي»، وقال «نعتبر أن هذه الحكومة هي حكومتنا ونحن معنيون بنجاحها ونجاح كل الوزارات حتى التي لا نتولاها لأن نجاح الحكومة ككل يعنينا بالدرجة الأولى».

أما على صعيد المواقف، فأمل رئيس الجمهورية ميشال سليمان في أن «يتعاون المخلصون من أجل إنجاز تشكيلة حكومية وفق القواعد الديمقراطية التي يتميّز لبنان بممارستها حتى في أصعب الظروف، وذلك من أجل إعادة إطلاق عجلة الدولة بمؤسساتها وإداراتها، ولكي تكون هذه الحكومة قادرة أيضاً على مواجهة التحديات المطروحة أمامها خصوصاً في المجالات الإدارية والاقتصادية وتوفير الأمن الاجتماعي للمواطنين».