جونز ينصح إسرائيل: الوقت ليس في صالحكم.. اجنحوا للسلام

قال في مؤتمر هرتسيليا إن قرار مواصلة الاستيطان عطل المفاوضات

TT

أعلن مستشار الأمن القومي السابق في البيت الأبيض، جيمس جونز، أن رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تجميد البناء في المستوطنات هو سبب جمود المفاوضات. وقال إن الإدارة الأميركية الحالية، ما زالت ترى القضية الفلسطينية كأهم قضية صراع في الشرق الأوسط ويجب تسويتها بأسرع ما يكون.

وأضاف جونز، الذي كان يتحدث في مؤتمر هرتسيليا للحصانة القومية الإسرائيلية، أن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني بات عنصر التأثير الأساسي للاستقرار من عدمه في الشرق الأوسط، وهو بالغ التأثير على الساحة الدولية، بل هو المفتاح لعلاج كل القضايا المحرقة في المنطقة، بما في ذلك التسلح النووي الإيراني وامتداد النفوذ الإيراني في المنطقة.

وحذر جونز من عزلة دولية خانقة لإسرائيل في حال استمرار الجمود القائم في عملية السلام. وقال: «هذا الجمود ليس في صالح إسرائيل بتاتا. وقد يؤدي إلى وضع يكون فيه عدد الدول التي تعترف بالدولة الفلسطينية وتقيم معها علاقات، أكبر من عدد الدول التي تقيم علاقات مع إسرائيل. وستزداد التهديدات لإسرائيل. وستضعف الدول المعتدلة عندما يستشعر العرب أن احتمالات السلام تبتعد. فالوقت ليس في صالحنا، بل هذا الوضع سيخدم إيران وأذرعها في المنطقة، خصوصا حزب الله وحماس».

وتابع القول إن عددا كبيرا من الإسرائيليين الذين يلتقونه يقولون إنهم يشعرون بأنهم يعيشون في وسط منطقة معادية ويجدون في ذلك مبررا لعدم التقدم في السلام. ولكن هذا الكلام يصلح لمناطق أخرى في العالم. والطبيعي هو أن يعرف المرء كيف يتغلب على هذا الواقع لا أن يرضخ له. وقال موجها كلامه للإسرائيليين: «فإذا عملتم، من أجل صالح المنطقة، تتغلبون على هذا العداء وتجدون أصدقاء جددا». وتابع: «أمامكم طريقان، فإما أن تواصلوا الأمر الواقع وتتسببوا بذلك في التوتر وتعميق الصراع والعزلة، وإما أن تتقدموا في مسيرة السلام نحو تحقيق مبدأ الدولتين للشعبين. والأخير هو البديل الوحيد أمامكم ولن يسامحكم ولن يسامحنا أحد إذا أضعنا الفرصة السانحة لتحقيقها».

وأكد جونز أن الأحداث في مصر تحتم استئناف المفاوضات في أقصى سرعة، «فهذا ليس الوقت للقنوط والسلبية. الأخطار المحدقة بإسرائيل كبيرة. قد يكون مغريا أن تتفرج من بعيد، ولكن صدقوني أن هذا الوقت ليس مناسبا للوقوف على الحياد، خصوصا إذا كنت إسرائيليا».

وفي نهاية خطابه، تقدم عدد من الصحافيين من جونز يسألونه إذا كان قد أجرى تنسيقا مع الإدارة الأميركية الحالية حول مضمون خطابه، فنفى ذلك قطعيا. ولكنه أضاف: «عليكم أن تدركوا أن الإدارة الحالية والعديد من الأميركيين مقتنعون بما أقول. وإذا ما خير الرئيس باراك أوباما بالتركيز على موضوع واحد ينجزه خلال دورته الحالية، فإنه لن يختار موضوعا آخر سوى السلام في الشرق الأوسط على أساس الدولتين. فهذا هو الأمر الذي لا يريده المتطرفون ويخافون منه كما نخاف من النار الحارقة».

وسئل جونز عن رأيه في مقولة إن نتنياهو ليس جادا في التوجه للسلام، فأجاب: «إن البناء الاستيطاني في الضفة هو الذي تسبب في تجميد المفاوضات. يجب أن يتم إطلاق الخطوة الأولى حتى تنتعش المفاوضات. فحتى لو كان ذلك صعبا من الناحية الحزبية، فإن هناك ما هو أهم من الأحزاب والالتزامات الحزبية. والأمر يحتاج إلى روح قيادية وقدرات سياسية، فقد علقت مسيرة السلام ويجب أن تنطلق».

وأغاظت كلمات جونز وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، الذي استغرب لماذا يتم هذا الربط بين الأوضاع في الدول العربية في أعقاب التطورات في مصر وبين الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، وقال: «إنني أتابع ما الذي يجري في العالم العربي بعد أحداث تونس ومصر. فما هي العلاقة بين الأمرين؟!». وأضاف ليبرمان أن هذا الصراع ليس الصراع المركزي في الشرق الأوسط، قائلة: «إنني أتابع الأوضاع في الجزائر وتونس وأسأل نفسي: ما العلاقة بينها وبيننا؟ وما العلاقة بين مشكلاتنا مع الفلسطينيين ومشكلات لبنان ومصر؟ يبدو أن هناك سوء فهم. إن الصراع مع الفلسطينيين لا يشكل أكثر من واحد في المائة من الصراعات في المنطقة. ضعوا الأمور في حجمها الطبيعي. لقد قتل وأصيب نحو مليون شخص في الحرب الإيرانية - العراقية. شاهدنا ونشاهد حربا أهلية في لبنان واليمن والجزائر وغيرها.. فما دخلنا بها؟!».

وادعى ليبرمان أن العالم مقسم اليوم إلى قسمين، معتدلين ومتطرفين. والصدام هو بين حضارتين، حضارة العالم الحر المعتدل وحضارة العالم المتطرف. وفي يوم من الأيام سيفهم أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) وسلام فياض (رئيس الحكومة الفلسطينية) أن مشكلتهم الحقيقية هي مع حركتي حماس والجهاد وليس مع إسرائيل والصهيونية. والأمر نفسه ينطبق على سعد الحريري (رئيس حكومة تصريف الأعمال بلبنان)، فمشكلته مع حزب الله وليس مع إسرائيل. فالإسلام السياسي هو الذي يسيطر على الشرق الأوسط ولا توجد قوة إقليمية تصده.. تريد مثلا على ما أقول: «ها هو الكاتب سلمان رشدي محكوم عليه بالإعدام بسبب كتاب. ولا أحد يجرؤ على رفض الحكم عليه. ولا أحد يستنكر قيام حركة طالبان بهدم الأبنية الأثرية في أفغانستان، أو يستنكر الاضطرابات التي اجتاحت العالم بسبب الكاريكاتيرات التي نشرت في الدنمارك وصورت (النبي) محمد. إنها هوة سحيقة بيننا في القيم. فالعالم الإسلامي لا يعرف كيف يقبل الآخر وكيف يسمع الآخر، وهذه هي المشكلة».

وانتقد ليبرمان دول الغرب التي تدير سياستها على أساس المصالح الاقتصادية وليس القيم. وقال: «فلا أحد ينتقد السعودية على رفضها بناء كنائس مسيحية أو كنس يهودية على أرضها. ولا أحد يوجه أسئلة عميقة حول دوس حقوق الإنسان في العالم العربي والإسلامي. وهذا هو ما يجب أن يتغير في الغرب.. في العالم الحر».

يذكر أن ليبرمان يعتبر من الشخصيات الإسرائيلية الأكثر عنصرية وعداء للديمقراطية، حتى في نظر الإسرائيليين. وهو أحد أبرز أصحاب فكرة التطهير العرقي للعرب. والمستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية يدرس إمكانية تقديمه قريبا للمحاكمة للاشتباه بفساده المالي والاحتيال على سلطات الضرائب والالتفاف على القانون.