الأوضاع الإنسانية في غزة تتفاقم بفعل أحداث مصر

الفلسطينيون العالقون في مطار القاهرة يعلنون الإضراب عن الطعام

TT

يحرص محمد عوني، 27 عاما، على الاتصال بهيئة المعابر والحدود في قطاع غزة عدة مرات في اليوم للاستفسار عن موعد إعادة فتح معبر رفح، فهذا الشاب الذي تقطن عائلته في السعودية يقضي هذه الأيام على أحر من الجمر، حيث إن إقامته في السعودية توشك على الانتهاء، ويتوجب أن يكون هناك في أسرع وقت حتى يجددها. وقال محمد لـ«الشرق الأوسط»: «أنا معني بالعودة بأقرب فرصة ممكنة حتى لا أتعرض أنا وعائلتي لمتاعب كثيرة في حال فقدت الإقامة هناك».

وقد أغلقت السلطات المصرية معبر رفح الحدودي بعد تفجر الاحتجاجات في مصر ضد نظام الرئيس حسني مبارك، وهو ما أدى إلى انقطاع السبل بالمئات من الفلسطينيين الذين كانوا يوجدون في مصر عند تفجر الاحتجاجات، علاوة على عدم تمكن آلاف آخرين من مغادرة القطاع للالتحاق بأعمالهم أو دراستهم أو أسرهم، كما أن الإغلاق حال دون انتقال مئات المرضى لمصر لتلقي العلاج.

ويوسف حمدان هو مثال آخر على معاناة العاملين في الخارج، فهو يعمل في إحدى دول الخليج وقد عاد للقطاع لزيارة ذويه وقضاء شهر معهم، في مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي، وكان من المقرر أن يغادر ويعود في أواخره، لكن إغلاق المعبر حال دون ذلك، وهو مضطر للعودة إلى مكان عمله.

لكن مما لا شك فيه أن المرضى هم الأكثر تعرضا للأذى جراء إغلاق المعبر؛ إذ إن هناك المئات منهم الذين كان يفترض أن تجرى لهم عمليات جراحية في مصر، أو إنهم كانوا سيتجهون إلى بلدان أخرى وذلك عبر مصر.

وأحد هؤلاء المرضى هو عبد الكريم النصيري، 53 عاما، وكان من المفترض أن يجري عملية قلب مفتوح في أحد مستشفيات مصر؛ إذ إنه لا يوجد في مستشفيات القطاع الإمكانية التي تمكن الطواقم الطبية من إجراء مثل هذه العمليات.

وتزداد أوضاع النصيري الصحية سوءا، سيما أنه في حال تم تجاوز الوقت المحدد للعملية فإنه سيكون مطالبا بتحديد موعد آخر، وهو مما يعني تواصل معاناته لفترة أطول، قد تؤثر على حياته. وتزداد معاناة المرضى في غزة.

من ناحيته، قال الدكتور غازي حمد رئيس سلطة المعابر في حكومة إسماعيل هنية المقالة إنه يواصل اتصالاته مع المسؤولين المصريين في محاولة لإقناعهم بإعادة فتح المعبر بأسرع وقت ممكن. وكشف مدير معبر رفح البري أيوب أبو شعر عن اتصالات تجريها الجهات المعنية في حكومة غزة وهيئة المعابر مع الجانب المصري لإعادة العمل بالمعبر ووضع حد للمعاناة المتفاقمة للعالقين. وأكد أبو شعر أن اتصالات يومية تجري مع المسؤولين الأمنيين المصريين في رفح من أجل إعادة فتح المعبر ولو بشكل جزئي، مشيرا إلى أن الاتصالات لم تفض لنتائج ملموسة. ولفت إلى أن رد المصريين يكون «غامضا»، أي لا استجابة ولا اعتراض. وأرجع أبو شعر الغموض في الرد المصري لعدم عودة العاملين بالمعبر للعمل بالشكل الطبيعي، بالإضافة لعدم استقرار الأوضاع الأمنية بنسبة 100% بالمدن القريبة من المعبر (رفح المصرية، وسيناء، والعريش، والشيخ زويد).

وأشار أبو شعر إلى أن الجيش المصري هو من يقوم بحماية المعبر بعد إخلائه من عامليه منذ بدء الأحداث.

ولم تقتصر المعاناة على المرضى، بل طالت أيضا فلسطينيين جراء الأحداث المتطورة في مصر. فقد أعلن العشرات من الفلسطينيين العالقين في مطار القاهرة إضرابهم عن الطعام احتجاجا على استمرار معاناتهم المتمثلة في احتجازهم في غرف الترحيل في المطار ومنعهم من الوصول إلى القطاع. وذكرت مصادر فلسطينية أن السلطات المصرية أمرت الفلسطينيين كافة الذين وصلوا إلى المطار من الدول الأخرى بالعودة من حيث أتوا. وتوجه العالقون إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) للتدخل لدى السلطات المصرية لإنهاء معاناتهم.