العفو الدولية تتحدث عن سجون «سرية» في العراق وتعذيب روتيني

مستشار للمالكي لـ«الشرق الأوسط»: هذا كلام فارغ مبني على معلومات مضللة

عنصر أمن عراقي يهم بإغلاق باب سجن في بغداد (أ.ب)
TT

في الوقت الذي كشفت منظمة العفو الدولية عن أن «العراق يدير سجونا سرية يتعرض فيها السجناء لعمليات تعذيب روتينية من أجل انتزاع اعترافات يتم استخدامها لإدانتهم»، قال علي الموسوي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، إن «ما ورد في تقرير هذه المنظمة ملفق تماما ولا صحة له، حيث لا توجد سجون سرية لدينا في العراق على الإطلاق».

وجاء في التقرير الذي نشرته منظمة العفو الدولية التي مقرها في لندن وعنونته بـ«أجساد محطمة، عقول محطمة» أن «نحو ثلاثين ألفا من الرجال والنساء ما زالوا رهن الاحتجاز في العراق، يقطن بعضهم في سجون سرية تديرها وزارتا الدفاع والداخلية»، مشيرة إلى أن «قوات الأمن العراقية تستخدم التعذيب وغيره من ضرب وسوء معاملة لانتزاع اعترافات من المعتقلين الذين يحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي، ولا سيما في مرافق الاحتجاز التي بعضها سري يدار من قبل وزارتي الداخلية والدفاع».

وكان المالكي أكد في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية قبل يومين «أنه لا توجد سجون سرية في العراق»، نافيا التقارير الأخيرة التي نشرتها منظمة «هيومان رايتس ووتش» التي تتخذ من نيويورك مقرا لها وتقارير أخرى لصحيفة «لوس أنجليس تايمز».

وقالت منظمة العفو إن «المحكمة الجنائية المركزية في العراق غالبا ما تدين المتهمين على أساس اعترافات انتزعت تحت وطأة التعذيب بشكل واضح». وأحصى التقرير شهادات تم جمعها على مدى السنوات الماضية، تشير إلى أن عمليات التعذيب شملت «الاغتصاب والتهديد بالاغتصاب والضرب بالأسلاك الكهربائية وخراطيم المياه والصدمات الكهربائية والتعليق من الأطراف وثقب الجسم والخنق بحقائب بلاستيكية ونزع أظافر بكماشة وكسر أطراف».

وأشار التقرير إلى أن أطفالا ونساء ورجالا عانوا جميعا هذه الانتهاكات. وأضاف أنه «منذ عام 2004، تعرض مشتبهون فيهم محتجزون في السجون العراقية للتعذيب بصورة منهجية، وقتل على أثر ذلك عشرات منهم نتيجة لذلك». وتابعت الوثيقة أن منظمة العفو لاحظت في تقريرها في 2009 أن وزارة حقوق الإنسان العراقية سجلت 509 ادعاءات بالتعذيب على أيدي قوات الأمن العراقية». لكنها قالت إن «العدد أقل بكثير من المستوى الحقيقي لإجمالي الإساءات».

وقالت منظمة العفو إن «القوات الأميركية سلمت عشرات الآلاف من السجناء للسلطات العراقية بين أوائل 2009 ويوليو (تموز) 2010 من دون أي ضمانات بأنهم سوف يكونون في أمان»، مشيرة إلى أن «القوات الأميركية تورطت في التعذيب والإذلال الجنسي للسجناء العراقيين في سجن أبو غريب في بغداد في 2004».

وتحدثت «الشرق الأوسط» عبر الهاتف أمس مع معتقل سابق في سجن مطار المثنى، وهو من أهالي مدينة الموصل الذي أكد «صحة المعلومات الواردة في تقرير منظمة العفو الدولية، إذ كانت تمارس ضدنا شتى صنوف التعذيب من أجل إذلالنا». وأضاف المعتقل السابق الذي رفض نشر اسمه، قائلا: «لقد بقينا في سجن مطار المثنى التابع لمكتب القائد العام للقوات المسلحة والقريب من مقر حزب الدعوة الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي، أكثر من عامين من غير أن يعرف أحد أي شيء عن مصيرنا أو مقر اعتقالنا، حتى كشفت القوات الأميركية عن هذا المعتقل السري»، منوها إلى أن «هناك عددا غير قليل من المعتقلين الذين قضوا خلال التعذيب، إذ استخدموا حتى المثقب الكهربائي (الدريل) لثقب العظام والجمجمة».

لكن الموسوي، المستشار الإعلامي للمالكي، نفى صحة ما ورد في تقرير منظمة العفو. وقال إن «الدول عادة تلجأ إلى السجون السرية في حال وجود سجناء رأي أو سجناء سياسيين لديها، بينما لا يوجد في العراق معتقل واحد لأسباب سياسية أو لأمور تتصل بحرية الرأي». وأضاف الموسوي قائلا لـ«الشرق الأوسط» أن «المعتقلين في العراق حاليا هم إما إرهابيون أو معتقلون على خلفيات جنائية، وبالتالي فإن مثل هذه التهم لا تحتاج إلى سجون سرية، كما أنه ليس بمقدور أحد الدفاع عن الإرهابيين الذين يقتلون الناس الأبرياء في الشوارع».

ودعا منظمة العفو الدولية إلى «زيارة كل سجون العراق لتتطلع بنفسها على الحقائق بدلا من أن تنشغل بكلام فارغ تحصل عليه إما نتيجة معلومات مضللة تقع المنظمة ضحيتها باستمرار، أو هناك أغراض معينة تقف خلف هذه المعلومات، إذا كانوا فعلا يبحثون عن الحقيقة». وقال: «أتحدى هذه المنظمة أو غيرها من المنظمات الأخرى التي تتحدث عن حقوق الإنسان، أن تثبت أن لدى العراق سجناء رأي لكي تضعهم في سجون سرية».

وقال سعيد بومدوحة، المسؤول عن الملف العراقي في منظمة العفو الدولية، لـ«الشرق الأوسط» ردا على دعوة الموسوي لزيارة السجون العراقية «إن أعضاء المنظمة لا يقبلون أي حماية حكومية لتحركاتهم داخل العراق، والجميع يعرف أن الأوضاع غير آمنة هناك ولا تسمح لنا بالقيام بجولات حرة وحدنا بين السجون، لهذا اعتمدنا معلومات من معتقلين وعوائلهم»، منوها بأن «المنظمة كانت قد زارت سجونا في إقليم كردستان وتجولت بحرية هناك».