زعماء أوروبيون يدعون القذافي للتنحي فورا.. ويبحثون توقيع عقوبات ضد النظام الليبي

ميركل: هذه رسالة لكل الحكام الاستبداديين في العالم > الفاسي بعد محادثات مع بيرنز: تدخل الناتو لن يكون مجديا

تظاهر الآلاف أمس ضد النظام الليبي في مدينة الزاوية القريبة من طرابلس أثناء زيارة لصحافيين نظمتها السلطات الليبية (رويترز)
TT

وجه الاتحاد الأوروبي أقوى إدانة للأحداث التي تشهدها ليبيا، وينوي توقيع عقوبات على أركان النظام في طرابلس، بعد أن فتح مجلس الأمن الباب باعتماد سلسلة من القرارات العقابية تجاه العقيد الليبي وأنجاله ومعاونيه. ودعا عدد من زعماء الاتحاد الأوروبي العقيد القذافي إلى التنحي فورا من أجل وقف إراقة الدماء والعنف، فيما تواصل دول الاتحاد الأوروبي عمليات إجلاء رعاياها من خلال إرسال طائرات نقل عسكرية وبوسائل أخرى بحرية وبرية.

وحذرت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون من أن القمع الذي يمارسه نظام القذافي ضد الانتفاضة ستكون له «عواقب»، لكن من دون أن تدعو إلى رحيل القذافي، خلافا للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا. وصرحت أشتون في بيان بأن «القذافي والسلطات الليبية يعلمون أن أعمالهم غير المقبولة والمشينة ستكون لها عواقب». ويضع الاتحاد الأوروبي اللمسات الأخيرة على قرار يفرض عقوبات على ليبيا شبيه بالقرار الذي تبناه مجلس الأمن الدولي أمس.

وأضافت أشتون «يجب أن تتوقف انتهاكات حقوق الإنسان فورا» في ليبيا. وتابعت «أشدد على ضرورة أن يتحمل المسؤولون عن الهجمات ضد المدنيين مسؤولية أفعالهم، وأحيي قرار مجلس الأمن الدولي» بإحالة الوضع في ليبيا أمام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية. وأشارت إلى أن «الأسرة الدولية لن تسكت على الإفلات من العقاب عن الجرائم المرتكبة». إلا أن أشتون تجنبت دعوة القذافي الحاكم بقبضة حديدية منذ 42 عاما إلى الرحيل فورا، واكتفت بالتلميح إلى ذلك من دون الإعلان بوضوح.

وقالت في هذا الخصوص «أدعوه مجددا إلى العمل على حل سلمي للوضع بشكل يكون مقبولا من الشعب الليبي. لقد تكلم الشعب، وعلى العقيد القذافي أن يصغي له». ويبرر حذرها بأنها تتحدث باسم الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي تتناقض مواقفها. ولا يزال بعض هذه الدول يدعو إلى ضبط النفس إزاء القذافي تخوفا من انعكاسات على الرعايا الأجانب الذين لا يزالون في ليبيا، أو كما هو الحال بالنسبة إلى إيطاليا ومالطا من تدفق لاجئين من أفريقيا إلى أوروبا إذا انهار النظام الليبي. وتعتمد إيطاليا بشكل كبير على الإمدادات الليبية للتزود بالمحروقات.

من جهتها، دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل القذافي إلى التنحي، مؤكدة أن القرار الصادر عن مجلس الأمن ضد نظامه هو رسالة إلى جميع «الزعماء الاستبداديين». وقالت ميركل في بيان «لقد حان الوقت منذ فترة طويلة لرحيله». وأضافت أن «القرار الذي اتخذه مجلس الأمن بالإجماع هو رسالة قوية للقذافي وغيره من الاستبداديين بأنه لن يتم التغاضي عن انتهاكات حقوق الإنسان». كما أشادت «بتصميم المجتمع الدولي على إدانة العنف الذي يرتكبه القذافي».

وفي لندن، رفعت بريطانيا الحصانة الدبلوماسية عن القذافي وعائلته، وطالب وليام هيغ، وزير الخارجية البريطاني، الزعيم الليبي بالتنحي عن السلطة قائلا «حان وقت رحيل العقيد القذافي». وفي روما، قال وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني إن سقوط القذافي أصبح «حتميا». وأضاف فراتيني «لقد أصبح ذلك حتميا.. أعتقد أننا وصلنا إلى نقطة اللاعودة». وأضاف «لم نشهد في السابق وضعا حيث يعطي رئيس نظام أمرا بقتل أشقائه وشقيقاته، ويصل إلى حد الدفع لمرتزقة من أجل ذلك». وأعلن فراتيني كذلك تعليق معاهدة الصداقة الموقعة بين البلدين عام 2008، والتي سوت حسابات أكثر من ثلاثين عاما من الاستعمار الإيطالي لليبيا. يأتي ذلك فيما تتواصل عمليات نقل وإجلاء الرعايا الأوروبيين من ليبيا. ووصلت إلى جزيرة كريت اليونانية عدة طائرات أوروبية تحمل رعايا لدول مختلفة في الاتحاد الأوروبي وغيرها. وقالت الخارجية الهولندية في بيان إن أعدادا من الرعايا الهولنديين وصلوا على متن طائرة نقل عسكرية بريطانية مع آخرين إلى كريت، ثم تولت السفارة الهولندية عملية إعادتهم إلى هولندا، كما حدث نفس الشيء من خلال طائرة ألمانية وصلت إلى كريت صباح أمس.

ويرى وزير الخارجية الهولندي أوري روزنتال أنه لا بد من التريث قبل إصدار أي عقوبات على ليبيا حتى يتم إجلاء الرعايا الأوروبيين. وكانت طائرة عسكرية هولندية قد وصلت إلى قاعدة آيندهوفن الأربعاء الماضي وعلى متنها 32 هولنديا، كما نقلت الطائرة ما يزيد على خمسين شخصا من جنسيات أخرى، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وبلجيكا. ومساء الخميس الماضي نقلت طائرة هولندية عددا من الهولنديين ومعهم 33 شخصا من جنسيات أخرى.

ويعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اليوم جلسة يشارك فيها وزراء خارجية أوروبيون إضافة إلى نظيرتهم الأميركية هيلاري كلينتون، في جنيف، لمناقشة الاضطرابات في ليبيا. وكان المجلس تبنى يوم الجمعة قرارا يدعو إلى تعليق عضوية ليبيا التي انضمت قبل عام إلى عضوية المجلس، إضافة إلى إرسال لجنة دولية لإجراء تحقيق مستقل حول أعمال العنف التي يرتكبها نظام القذافي. وهناك إمكانية لاستبعاد ليبيا من عضوية المجلس في حال موافقة ثلثي أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار بهذا الشأن.

وفي الرباط، قالت مصادر دبلوماسية إن محادثات جرت بين المغرب والولايات المتحدة تناولت جميع الاحتمالات للتعامل مع الوضع الليبي المتفجر، بما في ذلك التدخل الخارجي، لكن الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية المغربي، قال عقب محادثات مع ويليام بيرنز، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، في الرباط «إن أي تدخل لحلف الناتو في ليبيا لن يكون مجديا». وكان بيرنز وصل إلى الرباط في وقت سابق في زيارة لم تكن مقررة في ختام جولة في منطقة الشرق الأوسط. وقالت مصادر رسمية مغربية إن الجانبين تباحثا خلال لقاء بينهما أمس حول عدد من القضايا المشتركة والإقليمية، تناولت الوضع في ليبيا التي تعرف انتفاضة شعبية منذ 17 فبراير (شباط) الحالي أسفرت عن سقوط مئات القتلى والجرحى.