أبو العلا ماضي: حزب الوسط مستعد للانتخابات البرلمانية.. والمعركة المقبلة معركة أفكار

قال لـ «الشرق الأوسط»: نريد مرشحا رئاسيا توافقيا ليطمئن الداخل والخارج

أبو العلا ماضي
TT

حزب الوسط الجديد هو أول حزب سياسي مصري يحصل على ترخيص قانوني للعمل بعد ثورة 25 يناير، وهو الحزب الأول في تاريخ مصر ذو مرجعية إسلامية، ويضع مبادئ الشريعة ومقاصدها الخمسة ضمن إطاره العام وضمنها في برنامجه، الذي تم رفضه من لجنة شؤون الأحزاب لأربع مرات، ورفضه بمحكمة شؤون الأحزاب التابعة للقضاء الإداري لثلاث مرات سابقة. أما أبو العلا ماضي، الذي تم اختياره رئيسا للحزب، فقد كان طوال 15 عاما وكيلا للمؤسسين.. وهو ذو خلفية إسلامية، وكان عضوا ناشطا في جماعة الإخوان، وتقلد أكثر من منصب خلال وجوده في الجماعة.. وقدم تجربة عملية لدمج الإسلاميين في العمل السياسي والعمل العام دون ارتباك أو إصابة الآخرين بالقلق، إلا أن هذا وضع جماعة الإخوان في مأزق وجعلها تسرع في الإعلان عن اسم حزبها. ويعتبر أبو العلا ماضي نفسه محظوظا، لأن حزبه خرج في أجواء ثورية، وفي ظل موجة أسقطت النظام والخوف والأحزاب الكارتونية، وتصالح المصريون مع السياسية. وهو متفائل بأن المعركة المقبلة هي معركة أفكار، وليس معركة تنظيم، مما يجعله، كما يقول، أكثر استعدادا للانتخابات البرلمانية المقبلة. ويرى أن اللحظة الكاشفة التي جاءت بها الثورة ستفرز الجميع والأحزاب الجديدة، والتي لها ثوابت في الشارع هي التي سوف تعيش، فالخريطة الجديدة لوعي المصريين تغيرت بعد 25 يناير. وإلى نص الحوار:

* ما دلالة حصولكم على حكم لصالح إنشاء حزب «الوسط» في التوقيت الحالي؟

- لو حلمنا طوال الـ15 عاما لنختار توقيتا، لم نكن لنجد أفضل من التوقيت الحالي.. فالفضل لثورة 25 يناير وأجوائها، بعد أن سقط النظام وزالت كل الضغوط، وجئنا في الوقت الذي تصالح فيه الشعب مع السياسية.. فنحن محظوظون.

* لكن تصالح المصريين مع السياسة يساعد أكثر الأحزاب القائمة ذات الإمكانيات والمقرات المنتشرة في الشارع.

- بل سيكون التدفق في العضوية والمشاركة للأحزاب الجادة، الجديدة منها ومتوسطة العمر.. فالناس أصبحت فاهمة، أما الأحزاب القديمة، فالناس تعرف من كان يمثل، ومن كان يقبل الفتات من تحت المنضدة، ومن كان جادا ومتواجدا في الشارع. فالشعب فاجأ نفسه والعالم كله، وكان طوال الوقت يفهم، وواعيا بما يحدث، فهناك من كشف نفسه في الثورة، فرأسمالنا مصداقيتنا، الآن لدينا خريطة جديدة تتشكل بعد أن خرج الملايين للشارع، غالبيتهم ستشارك، ومعروض علينا حتى الآن 100 مقر، وكلها عن طريق التطوع، وبعضهم رفع لافتة للحزب دون أن نعرفه، وهذا يشعرنا بالقلق والمسؤولية.

* هل هذا يضعكم أمام تحدٍّ؟

- نعم، نحن الآن أمام تحديين رئيسيين، هما تنظيم العضوية والاستفادة من الكوادر الموجودة وتصنيفها، لأننا نهدف لعضوية الكوادر، وكذا التواجد في الشارع، ولدينا تحرك فعلي بدأ من أول يوم للحكم، لقاءات يومية مع أعضاء جدد وجلسات في معظم المحافظات.

* هل هذا يؤهلكم للانتخابات البرلمانية المقبلة التي قد تكون خلال أشهر قليلة؟

- نحن نستعد، حتى لو تمت غدا، وهناك كثير من النواب السابقين يعرضون علينا الانضمام، منهم نواب سابقون في الحزب الوطني، لكننا نقوم بغربلتهم، ولن نقبل أي فاسدين أو عليهم ملاحظات، ولكن مطالبنا التي قدمناها للمجلس العسكري الحاكم أن تكون الانتخابات البرلمانية بعد عام، وليس بعد أشهر، وقبلها تعديل قانون الأحزاب ليكون بالإخطار، ويعطي كل الأحزاب القائمة والجديدة فرصة للإعداد وتقوية نفسها لتعبر عن المجتمع بتنوعه.

* ولكن هذا سيتسبب في طول الفترة الانتقالية.

- لا مانع، بشرط أن يكون هناك مجلس مدني رئاسي انتقالي، غالبيته من المدنيين، يشرف على الفترة الانتقالية كاملة، لضمان فترة انتقالية يحقق فيها الحد الأدنى من المطالب، خاصة الحريات والديمقراطية، المناخ العام يساعد في تقديم القوى السياسية للمجتمع والأفكار الجديدة، ليكون هناك فرصة للتمثيل في البرلمان، لأن التحول المقبل بالغ الأهمية، وهنا يكون لدينا فترتان انتقاليتان أوليان، هما في وجود المجلس الانتقالي ثم فترة الرئاسة الأولى لاختيار جمعية تأسيسه، ووضع دستور جديد.

* لكن هناك مأزقا دستوريا بسبب حلف اليمين للرئيس الجديد.

- لدينا حل قدمناه للمجلس العسكري، فتكون الانتخابات الرئاسية أولا ويحلف الرئيس اليمين أمام الجمعيات العمومية لمجلس الدولة والمحكمة الدستورية والقضاء العادي مجتمعين، فالبرلمان بالغ الأهمية في تركيبته، ولا بد أن يمثل القوى الجديدة بشكل جيد.

* لماذا التخوف من تركيبة المجلس المقبل في ظل هذا الوعي الذي تتحدث عنه؟ ومن له القدرة على الفوز في أقرب انتخابات؟

- في حالة إجراء الانتخابات بالوضع الحالي، هناك قوتان لهما قدرة الحشد ومستعدتان، وبقية القوى غير مستعدة، وهذا يؤدي لخلل، فـ«الإخوان» وفلول الحزب الوطني فقط لديهما قدرة على الحصول على أكبر عدد من المقاعد، لكننا نحتاج خريطة جديدة، وفرصة أولى لبنية أساسية لتشكيلات القوى الجديدة، خاصة أن عضوية البرلمان سيعاد تركيبتها من جديد.

* هل أنت مع حل الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم في عهد مبارك)؟

- لا، لأن فكرة الحل ضد الحريات، والحزب الوطني انتهى، لكن فقط مطلوب إعادة أملاك الدولة التي وضع يده عليها من مقرات وأراض وأموال الدولة لتستثمر في مشاريع خدمية، ولابد من تركه لتعرف الناس ما هو الحزب الوطني، مع محاسبة كل من تورط في فساد من أعضائه.

* لكن قد يتم تنظيم فلوله ليعود بأشكال أخرى.

- لا أخاف من هذا، بسبب الوعي لدى المصريين الذين علموا من معهم ومن ضدهم، فالقلق من الالتفاف على الثورة والثورة المضادة دليل وعي لدى الناس، والجماهير غير مستعدة لأن يضحك أحد عليهم، ويقظون لأي تصرف ومستعدون للعودة مرة أخرى للميدان.

* البعض يتحدث عن أن النظام لم يسقط كليا.

- رأس النظام سقط، والنظام المصري كان قائما على الفرد كشبكة ممتدة، جميع خيوطها تنتهي عند الرئيس، فحتى نستطيع أن نغير هذا النظام كان لا بد أن نسقط رئيسه، لكن ما زال هناك أصابع وخاضعون له في كل مؤسسات الدولة وحتى الآن المحافظون ومديرو الأمن وتشكيلات كثيرة في مؤسسات وهيئات، وأغلبهم عينهم مبارك، وعليهم ملاحظات، وأغلب الاعتصامات الفئوية يحركها رموز الوطني، المطالب مشروعة أحيانا، لكن لا بد للناس أن تعمل لتحافظ على الإنتاج، ويتم تشكيل لجان لدراسة المطالب، فما زالت فلول الوطني باقية، وفي كل الهيئات والمؤسسات الضخمة.

* هل المحاكمات التي تتم حاليا لكثير من القيادات غير كافية؟

- طبعا غير كافية، لأن هناك خطرا على الثورة وخطرا على المستقبل، وأول هذه الأخطار رموز الفساد والتربح، ولا بد من اجتثاث هؤلاء بالقضاء، لكن بتدقيق وعدم التوسع، وحزمة من المقترحات، وطموحنا كشعب ومطالبنا أن يتم تغيير النظام بشكل حقيقي، ولا بد من إجراءات عاجلة.

* هل تعديلات حكومة تصريف الأعمال، التـــــي يرأسها الفريق أحمد شفيق، تكسبهــــــا المصداقيــة والقبـــــول والمشروعية؟

- لا، إنها غير مقبولة، وليس الأمر أسماء، فمنهم أسماء نحترمها، لكن رئيس الحكومة لا يصلح لأن يقود حكومة ثورة وشرعيته جاءت من مبارك، وليس من النظام الجديد، بل ما زال على اتصال بالرئيس السابق، وهذا استفزاز للناس، ووزير الخارجية لا يصلح أن يستمر، كذلك استمرار حالة الطوارئ غير مقبولة.

* بعض الشخصيات كالبرادعي وزويل ونور وصباحي وعمرو موسى أعلنوا نيتهم للترشح للرئاسة؛ فهل ستنافس معهم؟ وما رأيك في هذه الترشيحات؟

- أولا لم نناقش في الحزب مسألة الترشيح أو المشاركة في الانتخابات الرئاسية، ولكن في النهاية هذه الترشيحات كلها ما قبل 25 يناير، وحسم ترشيحات الرئاسة سابق لأوانه، وننتظر التعديلات الدستورية، وهذا يفتح الباب لشخصيات كثيرة، وأرجح فكرة توافق وطني على شخصية واحدة تصلح لعمل فترة انتقالية أولى.

* وجود «الإخوان» في لجنة التعديلات الدستورية والعودة للإعلام الرسمي قد يقلق البعض، كيف ترون تأثيره؟

- «الإخوان» قوة موجودة لا يمكن إنكارها ولا بد من تنظيم وجودها والتعامل معها بشكل عاقل وناضج، ولكن بقواعد ديمقراطية، ولكن أولا عليهم، في ظل الوضع الجديد، أن يحسموا موقفهم، وأن يكونوا جماعة دعوية تربوية تمارس دورها من خلال جمعيات تابعة للشؤون الاجتماعية، أو تمارس السياسة من خلال حزب.

* ولكنهم فعلا أعلنوا عن حزب من خلال مكتب الإرشاد، مع وجهة نظر في الاحتفاظ بالجماعة كما هي؛ فهل هذا يريح السياسيين؟

- هذا لا يصلح في الوضع الحالي وجو الحريات الحالي، فالكيان الدعوي قائم على مبادئ وأخلاق، وليس له مصالح مباشرة، ودور الواعظ أن يوجه الناس لاختيار من يصلح ليكون صادقا، وله تأثير إيجابي، لا أن يوجههم ليختاروه هو على أنه الأصلح، فهنا يكون خلل في العدالة، خاصة أن المكون الديني هو أساسي في التركيبة المصرية للمسلمين والمسيحيين، فلو انفصلت الجماعة انفصالا تاما عن الحزب يكون هذا الأنسب، فـ«الإخوان» يريدون أن يقيموا النموذج الأردني، ويكون الحزب الذراع السياسية للجماعة، والقرارات الرئيسية تتخذ في الجماعة، ويبلغ بها الحزب، وهذا أسوأ نماذج الجماعات، ويتحول الحزب كمسرح العرائس وهذا غير مقبول، أما إن كان هناك حرية الحزب واستقلالية كاملة، كأن يخرج أفراد من الجماعة مع آخرين وينشئوا حزبا كما فعلنا، وهنا قد يكون هناك أكثر من حزب يحمل فكر ومدرسة «الإخوان»، أو أعضاء فيها من الجماعة.

* لكن أحد أعضاء مكتب الإرشاد أصبح وكيلا للمؤسسين.

- هذا استمرار للإشكالية التي تقع فيها الجماعة ولا تستطيع حسمها؛ يريدون أن يكون الحزب جناحا سياسيا للجماعة، ففكرة الإخوان الرئيسية هي فكرة مدرسة للأفكار والتربية والقيم، وتخرج من يقوم بإنشاء حزب أو جمعية أو يعمل في الدعوة وآخرين في العمل الخيري، أما التنظيم بالوضع الحالي الذي له في كل شيء ويسيطر على كل خريجي المدرسة، مسألة غير قابلة للتطبيق في الواقع، والجماعة لو قامت كمدرسة تكون أفضل.

* هل وجود حزب لـ«الإخوان المسلمين» يؤثر على حزب الوسط باعتبار أنهما مدرسة واحدة تقريبا وذات مرجعية واحدة؟

- بالعكس، نحن سعداء بخروج حزب للإخوان إلى النور لأنه يؤكد أن حزب الوسط ليس له علاقة بـ«الإخوان»، وإلا لماذا يقيمون حزبا جديدا، نؤمن بالتعددية داخل التيار الواحد، والحكم للجمهور، لسنا قلقين لأننا لدينا تجربة فــــــي بنــــــــاء العلاقات مع أطيـــــــاف مختلفة بـــالمجتمع وقبول عـــــــدة أطراف تجعــل جمهور فكرتنــــــا موجودا.

* لكن هذا الجمهور قد يكون في اختبار يوم التصويت عندما يكون «الوسط» و«الإخوان» وفصائل إسلامية أخرى في تنافس في صندوق واحد في الانتخابات.

- نحن غير قلقين، والمعركة المقبلة هي معركة أفكار، وليس معركة تنظيمات، في إقناع الناخبين ووجوه مقبولة والبرنامج، وكانت الانتخابات في ظل البلطجة والمال تحتاج لتنظيم قوي لحراسة الصناديق والحفاظ على الأصوات، ولكن في ظل الحرية تحتاج لإقناع الناخبين وجذبهم للمرشحين والقوة قوة أفكار، ونرحب بوجود حزب الإخوان في تنافس شريف معهم ومع الآخرين.

* هناك تخوف أكبر من تحالف الإسلاميين في الوصول للسلطة.

- أي تحالفات مشروعة، لكن هناك أفكارا لتحالفات القوى الجديدة، وليس القوى الآيديولوجية معا، ومستعدون للتحالفات السياسية وليس الآيديولوجية لطبيعة المرحلة للجميع.

* هل يمكن أن يكون لمثل هذه التحالفات تأثير سلبي مثلا على اتفاقيات، مثل كامب ديفيد وغيرها؟

- أي شخص يتحدث عن إلغاء أو إعادة النظر في اتفاقية كامب ديفيد غير مدرك للواقع، فهذه اتفاقيات غير مطروحة الآن للنقاش لأسباب كثيرة، منها التوازنات الدولية، وكذلك رغبة المصريين في بناء وطنهم داخليا بالحرية والديمقراطية فليس لها أولوية الآن.

* هل قلق الغرب من الإسلاميين ما زال قائما؟

- التغيير لن يحدث بين يوم وليلة، فالمظاهرات التي خرج فيها المصريون بالملايين كانت للمصريين، وليس للإسلاميين، بل كانوا جزءا منها، فالشعب المصري تكوينته ليست إسلاميين مسيسين، لكن ليس كل من يرتاد المساجد هو «إخوان» أو «جماعات»، ليس من حق أحد أن يقصي الإسلاميين ولا المبالغة في قوتهم، فهم يقدمون نموذجا مثل إيران.

* قد يكون وجود المرجعية الإسلامية في برنامج الحزب مقلقا لكثيرين؟

- ليس من حق أحد أن يقلق، ولن نتغير لأننا من أول يوم وكلامنا لم يتغير؛ فالشعب المصري بطبعه متدين بمسلميه ومسيحييه، والثقافة الإسلامية مكون رئيسي من مكونات المجتمع، ودور الدين مهم، لكن الأهم ضبط العلاقة، وقدمنا تفسيرا متوازنا بين المؤسسات الدينية والمجتمع، وقدمنا مرجعية الثقافة بالمفهوم الحضاري، وتفسير نص المادة الثانية من الدستور بما يطمئن القلقين؛ فالمادة الثانية لن تُمس، ولكن قد يتم وضع إضافات أخرى للدستور حتى لا يتلاعب بها أحد، من خلال مناقشات لجميع القوى، وتأسيس عقد اجتماعي مستقر لا يصلح العبث معه.

* هل الثورة أسقطت النظام السياسي فقط، أم هزت كيانات أخرى؟

- أهم ما أسهمت فيه الثورة، بجانب إسقاط النظام والأحزاب الكارتونية التي كانت تعيش وتتعايش عليه، هو كسر هيبة قوتين مهمتين، قيادة الكنيسة الأرثوذكسية وقيادة الإخوان، فالشباب الذين خرجوا من الجانبين وكسروا التعليمات، خاصة يومي 25 و28 يناير (كانون الثاني)، كسروا حاجزا كبيرا واتجهوا للتغيير في داخل كياناتهم أيضا.