خامنئي لمديري الأمن الإيرانيين: المظاهرات العربية مستوحاة من ثورتنا

مؤشرات بقاء عميل فيدرالي أميركي على قيد الحياة في إيران تعيد القضية إلى الواجهة

صورة أرشيفية لزوجة العميل الفيدرالي السابق روبرت ليفنسون وابنه وهما يعرضان صورته خلال مؤتمر صحافي في السفارة السويسرية في طهران، لدى اختفائه في 2007 (رويترز)
TT

جدد مرشد إيران آية الله علي خامنئي الإعراب عن اعتقاده بأن الاحتجاجات والثورات التي شهدتها دول عربية مؤخرا مستلهمة من الثورة الإسلامية في إيران، دون أن يشير إلى حركة الاحتجاجات الضخمة التي شهدتها بلاده في أعقاب إعادة انتخاب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. وقال خامنئي حسب قناة «العالم» الإيرانية، إن الصحوة الإسلامية المتنامية اليوم في المنطقة حدث عظيم جدا، معتبرا أن التطورات الراهنة في المنطقة ستكون مؤثرة في مستقبل العالم.

واعتبر خلال كلمة له في حشد خلال لقائه مديري وخبراء وكوادر وزارة الأمن الإيرانية، الصحوة الإسلامية الراهنة في المنطقة بأنها مستلهمة من الثورة الإسلامية في إيران ونتيجة لصمود الشعب الإيراني.

وقال إن جبهة الاستكبار وعلى رأسها أميركا تعلم جيدا أن الأنموذج لهذه الحركات الشعبية هو الثورة الإسلامية في إيران، لذا تسعى للإيحاء بأن هذا الأنموذج يشكل تجربة غير ناجحة وفاشلة، في حين أنها (جبهة الاستكبار) شعرت بالعجز أمام عظمة الحشود المليونية التي شاركت في مسيرات 11 فبراير (شباط)، ذكرى انتصار الثورة الإسلامية في إيران.

وحذر خامنئي من الحرب الناعمة «التي يشنها العدو». وأكد ضرورة حفظ الانسجام في وزارة الأمن، والنظرة البعيدة عن الفئوية، والدقة والحساسية تجاه نفوذ الأعداء والتيارات الفكرية والسياسية المنحرفة، والاستفادة من خبرات الكوادر المتمرسة ذات الخبرة.

واعتبر النجاحات التي حققتها الوزارة في الأعوام الأخيرة، ثمرة لحضور القوى المؤمنة والشابة إلى جانب القوى الثورية وذات الخبرة.

وقال آية الله خامنئي: «إن الالتزام بقيم الثورة الإسلامية وتوطين المعرفة والتخصص خاصيتان بارزتان لوزارة الأمن حيث أدتا إلى التطور في مختلف الأبعاد الفنية والاستخبارية».

وأشار آية الله خامنئي إلى كيفية تبلور الجهاز الأمني في إيران على يد شباب مؤمن وثوري. وأوضح قائلا إن من المميزات البارزة للجهاز الأمني في بلاده توطينه وعدم اقتباس الأنموذج من أي مجموعة أمنية أخرى في العالم.

إلى ذلك تحولت قضية اختفاء روبرت ليفنسون، عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي المتقاعد، في إيران إلى قضية ساخنة بعد فترة من الفتور. فبعد نحو أربع سنوات من الصمت عما حدث لليفنسون، تلقت أسرته دليلا نهاية العام الماضي يفيد بأن ليفنسون، الأب لطفل عمره سبع سنوات، لا يزال حيا. لقد كان تطورا كبيرا كثّف من الجهود الدبلوماسية المبذولة من أجل إعادته إلى الوطن.

وحتى تلك اللحظة لم يكن هناك أي دليل يؤكد حياة أو وفاة ليفنسون منذ اختفائه في مارس (آذار) 2007 من جزيرة كيش في إيران. لكن لم يتضح بعد من يحتجز ليفنسون أو مكان احتجازه، لكن الدليل الذي يشير إلى وجوده على قيد الحياة كان باعثا على الأمل، بالنظر إلى عزم من كان يحتجزه على التفاوض من أجل إطلاق سراحه. وقالت زوجته كريستين: «لم أر زوجي الحبيب روبرت ليفنسون منذ أربع سنوات. وتحمست الأسرة منذ سماع نبأ بقائه على قيد الحياة، لكنها ما زالت تشعر بالقلق بشأن وضعه وسلامته». وذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أنها علمت بأمر ذلك الدليل بعد فترة قصيرة من وصوله، لكنها أجّلت الإعلان عنه لأن المسؤولين قالوا إن أي إعلان عن الأمر سوف يمثل خطرا على إمكانية إعادة ليفنسون إلى موطنه. ولن تنشر الوكالة أي معلومات عن طبيعة الدليل لاعتقاد المسؤولين أن ذلك من شأنه أن يضر بالجهود المبذولة من أجل إطلاق سراحه. وأصدرت وزارة الخارجية الخميس الماضي على لسان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بيانا من ثلاث جمل يوضح وجود مؤشرات تدل على وجود ليفنسون في جنوب غربي آسيا ويطلب العون من إيران. وذكرت الوكالة أنها استطاعت الحصول على معلومات أكثر تفصيلا بعد تحقيق طويل عن اختفاء ليفنسون وجهود إعادته إلى الولايات المتحدة. ولا تعرف السلطات السبب وراء ظهور خبر بقاء ليفنسون على قيد الحياة الآن بعد أعوام من الصمت. لكنها حفّزت من أكثر المحاولات الدبلوماسية بعثا على التفاؤل منذ اختفائه. وقد صرحت إيران مرارا وتكرارا بأنه ليس لديها أي معلومات عن ليفنسون، لكن الدبلوماسيين والمحققين الأميركيين قالوا كثيرا إنهم يعتقدون أنه محتجز من قبل عملاء للحكومة الإيرانية. ويعد التصريح الأميركي الذي صدر الخميس الماضي تغيرا مفاجئا في النبرة بعد توقف المناقشات. وقد عبرت الولايات المتحدة في السابق عن إحباطها الشديد مما اعتبرته عدم تعاون من جانب إيران. ومع مرور الأعوام، أصبح كثير من مسؤولي الحكومة الأميركية يعتقدون في وفاة ليفنسون البالغ من العمر 62 عاما الذي يعاني من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. ومع ظهور دليل على بقائه حيا، تصبح هذه القضية من أطول قضايا احتجاز الرهائن الدولية التي يكون مواطنون أميركيون طرفا فيها. لكن حالة ليفنسون غير مألوفة نظرا لعدم إعلان أي شخص لمسؤوليته عن احتجازه. وقال السيناتور بيل نيلسون، عن ولاية فلوريدا: «من المشجع أن يكون لدينا أنباء جيدة. أتمنى أن يعود إلى منزله وأسرته».

لقد كان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد متحفظا دائما فيما يخص ما تعرفه إيران عن ليفنسون. وقد قال في مقابلة إنه ليس لديه أي معلومات يمكن أن تساعد، متهما مكتب التحقيقات الفيدرالي بحجب معلومات تتعلق بسبب وجود ليفنسون في إيران. وقد تقاعد ليفنسون عن العمل في مكتب التحقيقات الفيدرالي عام 1998 وأصبح محققا خاصا. وكان ليفنسون يحقق في قضية تهريب سجائر بداية عام 2007 وقالت أسرته إن بحثه قاده إلى إيران. وتشتهر جزيرة كيش بأنها منتجع ومعقل التهريب والجريمة المنظمة. وهي إلى جانب ذلك منطقة تجارة حرة مما يعني أن المواطنين الأميركيين لا يحتاجون إلى تأشيرات من أجل السفر إلى هناك.

والجدير بالذكر أن وجود حدود بين إيران وباكستان وأفغانستان الواقعتين جنوب غربي آسيا يزيد من احتمال تهريب ليفنسون إلى إحدى الدولتين، فالمعابر على حدود الدولتين تستخدم في التهريب. وتؤدي المعابر على الحدود الباكستانية إلى منطقة القبائل التي تعد معقل المتمردين والجماعات الإرهابية والتنظيمات الإجرامية التي لا تخضع للقانون. وقد اختفى ليفنسون بعد لقاء له مع داود صلاح الدين، هارب أميركي مطلوب في قضية اغتيال دبلوماسي إيراني سابق في ولاية ميريلاند عام 1980. وقال صلاح الدين إن آخر مرة رأى فيها ليفنسون كانت أثناء تحقيق مسؤولين إيرانيين معه. وظهر توقيع ليفنسون آخر مرة في سجل الفندق الذي كان يقيم فيه عند مغادرته إياه، لكنه لم يصل إلى المطار. وعلى مدار السنوات كثرت الروايات من شهود عيان يزعمون أن لديهم دليلا يشير إلى مكان وجوده. لكن مثلما يحدث كثيرا مع إيران، لم تتمكن الولايات المتحدة من التأكد من صحة هذه الروايات.

وصرح رضا خليلي، وهو مهاجر إيراني يعيش حاليا في الولايات المتحدة بأن فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني اختطف ليفنسون. وقال خليلي إنه عرف من مصادر داخل إيران أن ليفنسون كان يحقق في قضية غسل أموال واكتشف وجود صلة بين عصابة روسية والحرس الثوري الإيراني. وقال خليلي إن ليفنسون اقتيد إلى منزل آمن في طهران، لكنه لا يعرف ما الذي حدث له بعد ذلك. فيما ذكر مسؤول سابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي أن الولايات المتحدة كانت على علم بهذه الرواية. ورغم قوله إن الخليلي مصدر موثوق به، لم يتسن للولايات المتحدة التأكد من صحة روايته.

وفي عام 2009، أخبر مهاجر إيراني السلطات الأميركية بأنه رأى اسم ليفنسون منقوشا على إطار باب زنزانته أثناء حبسه على يد الحرس الثوري الإيراني. وتم تضمين هذه الرواية في مذكرة دبلوماسية حصل عليها موقع «ويكيليكس» ونُشرت الشهر الماضي. لكن عندما توصلت وكالة «أسوشييتد بريس» إلى مكانه في أوروبا في بداية شهر يناير (كانون الثاني) قال إنه لم ير أبدا اسم ليفنسون. وقد دعت وزارة الخارجية الأميركية إيران أكثر من مرة إلى إيفائها بمزيد من المعلومات عن ليفنسون. كذلك طلب دبلوماسيون أميركيون من قادة دول أخرى منها الفاتيكان التدخل. لكن طبقا لوثائق وزارة الخارجية، وبّخت الحكومة الإيرانية سفير بابا الفاتيكان في طهران عام 2008 وأخبرته بأن الفاتيكان لا شأن له بتلك القضية. وفي عام 2009 أمرت هيلاري كلينتون ببذل المزيد من المحاولات الدبلوماسية. وفي مؤتمر للأمم المتحدة في لاهاي عقد ذلك العام، مررت كلينتون مذكرة شخصية إلى مسؤولين إيرانيين تحثهم فيها على المساعدة في العثور على ليفنسون.