قرار مجلس الأمن يسمح للقذافي بالمنفى.. ولا يحميه من المحاكمة الدولية

دبلوماسي بالمجلس من دولة دائمة العضوية لـ«الشرق الأوسط»: هناك طريقة لخروجه إذا قرر ذلك

TT

في وقت الذي تتصاعد فيه الاشتباكات المسلحة في ليبيا، تتواصل النداءات الدولية للرئيس الليبي العقيد معمر القذافي للتنحي وترك البلاد. وقاد الرئيس الأميركي باراك أوباما هذه النداءات، قائلا مجددا أول من أمس: «معمر القذافي فقد الشرعية للقيادة وعليه الرحيل»، حيث تعتبر الإدارة الأميركية أن الخيار الأفضل أو الأسهل لحل الأزمة المتفاقمة تأتي من اختيار القذافي ترك السلطة ونفيه من البلاد. وبينما تدور شكوك كبيرة في إمكانية تحقيق هذا الخيار، وخاصة أن القذافي ونجله سيف الإسلام القذافي كررا أكثر من مرة أنهما ينويان «العيش والموت في ليبيا»، يبقى النفي من بين المقترحات التي تتم دراستها في دوائر صنع القرار في الأمم المتحدة والولايات المتحدة.

وتزداد المطالب برحيل القذافي على الرغم من أن قرار مجلس الأمن 1970، الذي صدر يوم 26 فبراير (شباط) الماضي للرد على هجوم القوات الحكومية على المدنيين الليبيين، يحظر سفر القذافي وكبار أعضاء نظامه وأعضاء أسرته. ولكن دبلوماسيا من إحدى الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي شرح لـ«الشرق الأوسط» أن القرار الأممي يسمح بسفر القذافي والمشمولين بالقرار بموجب البند الـ16 من القرار. وأوضح الدبلوماسي الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه، أن «هناك طريقة له للخروج إذا قرر ذلك».

وبينما ينص البند الـ15 على منع سفر القذافي وإلزام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بمنع القذافي من دخول أراضيها أو المرور عبرها، فإن البند الـ16 يحدد أربعة استثناءات لهذا الحظر، ويمكن أن يستخدم الاستثناء الرابع في حال قرار القذافي التنازل عن السلطة». وينص البند الـ16 على أنه يمكن فرض الاستثناء «في حال تقرر دولة أن مثل هذا الدخول أو العبور مطلوب من أجل دعم السلام والاستقرار في الجماهيرية العربية الليبية وأن الدول المعنية تبلغ مجلس الأمن خلال 48 من هذا القرار». كما أن الاستثناء الثالث يعود لقرار مجلس الأمن نفسه بأن «مثل هذا الاستثناء سيساعد في تحقيق أهداف السلم والمصالحة الوطنية في الجماهيرية الليبية العربية واستقرار المنطقة». إلا أن المصدر المطلع اعتبر أن إبلاغ دولة ما ستستضيف القذافي الطريقة الأكثر احتمالا في حال قرر القذافي المغادرة إلى دولة صديقة مثل زيمبابوي أو فنزويلا. ويذكر أن الاستثناءين الآخرين هما بناء على «وضع إنساني» مثل تأدية فريضة دينية أو إذ كان ذلك من أجل «تأدية عملية قضائية».

والعملية القضائية هنا قد تصبح حقيقة في حال وجه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية تهما للقذافي وطلبه للشهادة أمام المحكمة. وهذه قضية أخرى قد تجعل القذافي مترددا في قبول خيار النفي، في حال كان يفكر فيه جديا مثلما تقول بعض أوساط المعارضة. إذ إن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بدأ يدرس قضية إمكانية وقوع جرائم ضد الإنسانية في ليبيا بعد استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين. وأكدت مصادر مطلعة في الأمم المتحدة أن قرار الجنائية الدولية بات خارج نطاق مجلس الأمن لدى الأمم المتحدة بعد أن تم تخويلها. وأضاف المصدر الدبلوماسي لدى مجلس الأمن: «قضية الجنائية الدولية أمر آخر، تعود إلى المدعي العام للمحكمة». ولكن لفت إلى أن «الهدف من هذه المسألة هو استهداف المسؤولين المحيطين بالقذافي وإرسال رسالة واضحة بأنهم سيحاسبون على ما يقومون به». وأضاف: «نريدهم أن يفهموا تداعيات جرائم الحرب، ولكن لا نتوقع أن هذا القرار سيغير من تصرفات القذافي نفسه».

وامتنعت وزارة الخارجية الأميركية عن الإجابة عن أسئلة «الشرق الأوسط» حول احتمال إعطاء الولايات المتحدة «ضمانات» للقذافي في حال قرر مغادرة ليبيا، بينما كررت الإدارة الأميركية مطالبتها بـ«رحيله». وقال مصدر دبلوماسي أميركي: «نريده أن يرحل وأسهل طريقة ستكون في حال قرر ترك البلاد، ولكن لا نعلم مدى جدية تفكيره بهذا الخيار». ولفت دبلوماسي غربي لدى الأمم المتحدة إلى أنه ليس من صلاحية الولايات المتحدة إعطاء ضمانات، حيث إن الأمر أصبح لدى مجلس الأمن وعليه اتخاذ الإجراءات اللازمة بعد إصدار قرار مجلس الأمن.

وبينما تدور تساؤلات حول القرارات السياسية والعسكرية التي يمكن أن تتخذها الولايات المتحدة والأمم المتحدة لمعالجة الأزمة الليبية، هناك تركيز أميركي على الجانب الإنساني من الأزمة. وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس: «بالطبع نحن قلقون من العنف المتواصل وتصرفات القذافي ونظامه ضد شعبهم»، مضيفة: «نحن نركز على طرق عدة يمكننا أن نقوم من خلالها بالمساعدة، ولكن حاليا نحن نركز على الوضع الإنساني». ولفتت كلينتون إلى إعلان أوباما أول من أمس إرسال طائرات لإجلاء اللاجئين، حيث وصلت طائرتان عسكريتان أميركيتان إلى تونس أمس، بالإضافة إلى فرق طوارئ على الحدود الليبية. وأضافت: «حيثما نستطيع، سنزود المساعدة المباشرة». وقالت إنها على تواصل مع حلفاء الولايات المتحدة في حلف الشمال الأطلسي (الناتو) والدول العربية والأمم المتحدة من أجل التوصل إلى طرق بناءة وفعالة لمعالجة الوضع المتطور في ليبيا.

والتقت كلينتون صباح أمس أعضاء السفارة الأميركية في طرابلس الذين تم إجلاؤهم من ليبيا للاطمئنان عليهم. ولم تخرج أي تصريحات أميركية حول هذا اللقاء.