ميدان التحرير بالقاهرة يندد بمثيري الفتنة الطائفية

شهد مظاهرة حاشدة أكدت على روح الأخوة بين المصريين

مواطن مصري يرفع «المصحف الشريف» في يد وفي اليد الأخرى «الصليب» بميدان التحرير في وسط القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

شهد ميدان التحرير بقلب العاصمة القاهرة مظاهرة حاشدة أمس دعما للوحدة الوطنية. وعلى مقربة من الميدان دعا آلاف المسيحيين المتظاهرين أمام مبنى التلفزيون بسبب حريق كنيسة أطفيح إلى وقف الهتافات الاحتجاجية أثناء صلاة الجمعة احتراما لمشاعر المسلمين الذين يؤدون الصلاة. ووجه قساوسة دعوات لهم للالتحام بمتظاهري التحرير. كما طالب أئمة المساجد في ربوع مصر بضرورة نبذ العنف والتصدي للفتنة الطائفية. ودعت أحزاب وقوى سياسية وشباب ائتلاف «ثورة 25 يناير» إلى تنظيم مسيرة مليونية إلى قرية «صول» بمركز أطفيح حيث الكنسية المحترقة.

ومنذ الساعات الأولى أمس توافد آلاف المواطنين في مظاهرة مليونية جديدة أطلق عليها «جمعة الوحدة». طالب المتظاهرون (مسلمين ومسيحيين) بالتمسك بأواصر الوحدة الوطنية ووأد الفتنة، مؤكدين على روح الأخوة بين المصريين منذ قديم الأزل، وأن الفتن تأتي من فلول النظام السابق، وهتف المتظاهرون الذين رفعوا الأعلام المصرية مرسوما عليها الهلال وبداخله الصليب «يا محمد قل لحنا.. مصر هتبقى جنة»، و«نجاح ثورتنا في وحدتنا»، و«مسلم مسيحي إيد واحدة»، و«الشعب يريد الوحدة الوطنية».

وأم الشيخ مظهر شاهين إمام مسجد عمر مكرم المصلين في صلاة الجمعة بميدان التحرير، وطالب في خطبته «المسلمين بأن يحاربوا الأيادي الخفية التي تريد ضرب الوحدة الوطنية»، قائلا: «كنائس مصر في عهدتنا نحن المسلمين والمساجد في عهدة المسيحيين». وأطلق شاهين حملة «كنائسهم كنائسنا وبيوتهم بيوتنا» داعيا المسلمين للتبرع لصالح بناء كنيسة أطفيح.

وعقب أداء صلاة الجمعة، قام المسيحيون بالميدان بأداء الصلاة حتى يعم السلام والمحبة المجتمع المصري بأكمله. وشهدت المنصة صعود الممثل هاني رمزي وهو يمسك بيد أحد الشباب المسلم بينما مسك الاثنان بيديهما علم مصر.

وقبل أن يلقي قائد المنطقة المركزية العسكرية بالجيش المصري كلمته إلى المتظاهرين في ميدان التحرير طلب مصحفا وصليبا ثم رفعهما في الهواء وأعلن انتصار الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك.

وقال اللواء حسن الرويني وهو يمسك مكبرا للصوت بيد ويرفع بالأخرى المصحف والصليب، إن الثورة نجحت... لا تتركوا أحدا يتدخل بينكم وهتف المتظاهرون «مسلم مسيحي.. إيد واحدة».

وانضم إلى متظاهري ميدان التحرير وفد من المتظاهرين أمام مبنى التلفزيون، ثم صعد إلى المنصة ممثلان للكنيسة الإنجيلية والأرثوذكسية وقال الأخير إن متظاهري ماسبيرو، حيث يوجد مبنى التلفزيون «ليست لهم مطالب طائفية وإنما يريدون حقهم في المواطنة».

وشدد على أن أعضاء من الحزب الوطني الذي كان يحكم البلاد طوال عهد مبارك وعناصر من جهاز أمن الدولة وراء حرق الكنيسة.. والأسماء الآن أمام النيابة العامة.

كما دعا شباب «ثورة 25 يناير» وعدد من الأحزاب والقوى السياسية إلى انطلاق المسيرة من ميدان التحرير إلى قرية صول بمركز أطفيح بمحافظة حلوان تحت شعار «لا للفتنة الطائفية». وأكد نور عبد الحميد، عضو ائتلاف شباب الثورة أن «المسيرة هدفها تعزيز الوحدة الوطنية وإخماد الفتنة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ائتلاف الثورة أرسل بيانا إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أكد فيه أن المسيرة هدفها تعزيز الوحدة الوطنية ومدتها 12 ساعة، وأن أي شخص يحاول التواجد في ميدان التحرير بعد انطلاق المسيرة لن يكون من ثوار التحرير».

وفي سياق آخر، علمت «الشرق الأوسط» أن شباب ائتلاف «ثورة 25 يناير» «أعد مذكرة سيقدمها اليوم (السبت) إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، للمطالبة بوقوف الجامعة إلى جانب شباب الثورة الليبية، والإطاحة بنظام الرئيس الليبي معمر القذافي، واعتبار المجلس الوطني في ليبيا هو الممثل الشرعي للشعب الليبي لدى الجامعة العربية».

وفي قرية صول بمركز أطفيح، ألقى الداعية الإسلامي عمرو خالد خطبة الجمعة من مسجد علي بن أبي طالب «حث خلالها على نبذ الفتنة وإفشاء السلام والوحدة». وقال خالد في مؤتمر شعبي عقب صلاة الجمعة إن «الرسالة الذي جاء بها للقرية هي أن المصريين جميعا يرفضون الفتنة ويتصدون للفوضى». وأضاف خالد أنه «لن يحمي الوحدة في قرية صول وكافة القرى والمدن المصرية سوى المصريين أنفسهم»، مطالبا «شباب القرية المسلمين أن يعاودوا بناء الكنيسة مرة أخرى».

ومن جهتهم حث أئمة المساجد في ربوع مصر المصلين إلى الحد من الفتنة، وقال الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية في خطبته بمسجد «آل رشدان» بمدينة نصر شرق القاهرة إن «الله خلق الإنسان سواء كان مسلما أو مسيحيا من أجل تعمير الأرض»، مؤكدا على أن «الإسلام والمسيحية يدعوان المؤمنين إلى المواطنة الراقية»، موضحا أن «الله أمرنا أن ننزل المسيحيين منزلة النفس وأن نرفع عنهم كل العوائق والظلم والقهر والتهميش»، مطالبا «الجميع بالتحلي بثقافة العمل والأمل والوعي».

وأمام مبنى الإذاعة والتلفزيون بكورنيش النيل واصل المتظاهرون المسيحيون اعتصامهم لليوم السابع على التوالي. وأطلقوا على أنفسهم «شباب ماسبيرو» وأكدوا أنهم لن يفضوا اعتصامهم حتى يتم الانتهاء من إعادة بناء الكنيسة في موقعها الأصلي وإعادة بناء مبنى الخدمات المجاور لها الذي تم تدميره، وتشكيل لجنة تقصي حقائق للتحقيق في الأحداث ومحاسبة المتسببين فيها.

وأصدر المتظاهرون 3 بيانات جديدة أمس طالبوا فيها بوضع ضمانات لتوفير الحماية للمسيحيين وصرف تعويضات عن الخسائر التي تعرض لها مسيحيو القرية، وتفعيل المساواة بين المصريين في ممارسة الشعائر الدينية وبناء دور العبادة.

وردد المتظاهرون الذين وصل عددهم إلى أكثر من 20 ألف مسيحي شعارات وشهدت محافظات مصر مظاهرات ومسيرات للتنديد بالفتنة الطائفية، ففي الإسماعيلية، «تظاهر المئات بمنطقة ميدان الممر للتنديد بالفتنة». وفي السويس، شارك العشرات في مسيرة للتنديد بالفتنة الطائفية وقام قائد الجيش الثالث ومدير أمن السويس ووفد من القوى السياسية وجماعة الإخوان المسلمين وعدد من النشطاء السياسيين بزيارة كنيسة مريم للتأكيد على الوحدة الوطنية ووأد الفتنة.