20 جريحا في هجوم لقوات الأمن و«البلطجية» على المتظاهرين بصنعاء وعدن

مقتل 4 جنود في هجوم في حضرموت.. والسلطات تحمل «القاعدة» مسؤوليته

متظاهر يمني لدى مشاركته في مظاهرة في صنعاء أمس تطالب برحيل الرئيس عبد الله صالح (أ.ب)
TT

شهد اليمن، أمس، مظاهرات غير مسبوقة في إطار الاحتجاجات المطالبة بسقوط النظام ورحيل الرئيس علي عبد الله صالح، وذلك بعد يوم واحد على إعلانه مبادرة لتطوير النظام السياسي وبعد أن فشلت مساعي التوفيق بينه والمعارضة التي قام بها العلماء والمشايخ الذين أعلنوا أن صالح متمسك بالسلطة، هذا في الوقت الذي سقط فيه جرحى في قمع قوات الأمن لمتظاهرين في محافظة عدن.

وتظاهر مئات الآلاف في «ساحة التغيير» أمام جامعة صنعاء وهم يهتفون بسقوط الرئيس، وأطلق المنظمون لهذه المظاهرات اسم «جمعة الصمود» على مظاهراتهم واعتصاماتهم، وكانت الحشود المشاركة في التظاهر هي الأكبر منذ اندلاع الاحتجاجات قبل أكثر من شهر، حيث غطت الجماهير شارع الدائري الذي تقع فيه الجامعة والشوارع المجاورة والفرعية، في الوقت الذي توسعت مساحة الاعتصام في بضع عشرات الأمتار في المنطقة، وأدت الحشود الكبيرة صلاة الجمعة في الساحة، وقد ألقى خطبتي الجمعة الدكتور عبد الوهاب الديلمي، نائب رئيس جامعة الإيمان التي يرأسها الشيخ عبد المجيد الزنداني، الذي يعد من أبرز رموز التيار الإسلامي وكان حليفا للرئيس صالح في حرب صيف 1994، ودعا الديلمي، وهو وزير سابق للعدل، المعتصمين إلى «الاستمرار في اعتصامهم حتى نيل كافة حقوقهم المشروعة»، وشدد على «الالتزام بالسلوك السلمي والحضاري، وعدم الانجرار للعنف ودعوات الفتنة»، وأفتى رجل الدين اليمني البارز بأن من حق الشباب التظاهر واعتبر أن اعتصامهم وتظاهرهم «ليس خروجا على الحاكم»، وأن الخروج على الحاكم هو بـ«حمل السلاح ضده، أما هؤلاء فشباب عزل معتصمون سلميا للمطالبة بحقوق مشروعة كفلها الدستور والقانون والشرائع السماوية»، وخاطب الديلمي الرئيس صالح وقال له: «اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب، فكيف بمن حبس وظلم وامتهن شعبا».

وأضاف الدكتور الديلمي في خطبة الجمعة: «لقد برهن رئيس الجمهورية عن حبه ورأفته بكم وتلبيته لمطالبكم بأن أرسل جنوده مساء الثلاثاء لإطلاق الرصاص الحي عليكم والغاز المحرم دوليا». وشيع المتظاهرون أحد زملائهم وهو الشاب عبد الله حميد الجائفي الذي قتل في قمع قوات الأمن اليمنية للمعتصمين، مساء الثلاثاء الماضي، في صنعاء، وجرى التشييع بمشاركة والد الشاب وهو عقيد في الجيش، وقد دعا في كلمة له إلى إسقاط النظام ورحيله، كما ألقى شيخ المنطقة والقبيلة، عايض يحيى عايض، كلمة قال فيها إن القبيلة «يقولون إنها معهم، هي معكم ومع إسقاط النظام».

كما شهدت أكثر من 12 محافظة يمنية مظاهرات مماثلة، كان الحشد الأكبر، كالعادة، في مدينة تعز الواقعة إلى الجنوب من العاصمة صنعاء (240 كم)، وقدرت مصادر المعارضة عدد المشاركين في المظاهرات بعموم البلاد، بأكثر من 3 ملايين شخص، ورغم عدم حدوث أية مواجهات أو أعمال قمع للمتظاهرين والمعتصمين في صنعاء، فإنه وبعد عصر أمس، قام مسلحون بأسلحة خفيفة وعصي وأسلحة بيضاء، بمهاجمة أطراف الاعتصام في أكثر من منطقة، وقال شهود عيان إن المدنيين المهاجمين زعموا أنهم من ملاك المحال التجارية التي يقع الاعتصام في نطاقها، غير أن المعتصمين قالوا إن المهاجمين هم من عناصر الحزب الحاكم أو من يسمون «البلطجية»، وبحسب مصادر ميدانية فقد أصيب ما لا يقل عن 8 متظاهرين، وقال بيان صادر عن لجنة الحوار الوطني المعارضة إنه جرى نشر بعض القناصة فوق أسطح بعض المنازل المطلة على ساحة الاعتصام.

وفي مدينة عدن، كبرى مدن جنوب البلاد، قمعت قوات الأمن المتظاهرين أثناء مرورهم في حي «خور مكسر» الراقي بالمدينة، وقال شهود عيان، الشرطة استخدمت الرصاص الحي في تفريق المتظاهرين، على الرغم من التوجيهات الرئاسية التي صدرت، أول من أمس، بحماية المتظاهرين، وأكدت مصادر محلية سقوط ما لا يقل عن 10 أشخاص جرحى برصاص الأمن، ومنذ انطلاق المظاهرات المطالبة بسقوط النظام، سقط في عدن، عشرات القتلى ومئات الجرحى على يد رجال الأمن وقد نددت منظمات حقوقية محلية ودولية بما جرى.

في هذه الأثناء، تظاهر عشرات الآلاف من مؤيدي النظام في «ميدان التحرير» بقلب العاصمة اليمنية صنعاء، وردد المتظاهرون هتافات مؤيدة لصالح ولمبادرته الأخير التي تهدف إلى إجراء إصلاحات سياسية خلال العام الحالي ومطلع العام المقبل، من خلال دستور جديد يحول نظام الحكم إلى برلماني، وندد المتظاهرون بما سموه «العنف والتخريب والفوضى»، ويشهد الميدان استمرارا متواصلا لمؤيدي الرئيس صالح وهم ممثلون لمناطق مجاورة للعاصمة صنعاء، وأنصار حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم في العاصمة، وبحسب مصادر رسمية فقد رفع المشاركون في المهرجان والمظاهرة التأييدية للمبادرة صور رئيس الجمهورية وشعارات تدعو إلى انتهاج الحوار السلمي للخروج من الاحتقان السياسي وتجنيب الوطن الفتنة وصون مكتسباته ووحدته وسلمه الاجتماعي، ورددوا «هتافات منددة بتنصل أحزاب اللقاء المشترك من الحوار وانقلابها على كافة الاتفاقيات السياسية التي تم توقيعها معهم ورفضها الحوار كمبدأ حول القضايا التي تهم الوطن وتعزز الديمقراطية والحرية فيه».

وأدى المتظاهرون المؤيدون صلاة الجمعة في التحرير، ودعا خطيب الجمعة، الشيخ كمال باهرمز، مدير عام الأوقاف بمحافظة أبين، إلى «نبذ الفتنة والاختلاف والتفرقة والالتزام بتقوى الله عز وجل في السر والعلن.. مذكرا بحديث النبي عليه الصلاة والسلام الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه «إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم»، وأكد ضرورة «التزام المسلمين بمنهج المحبة والأخوة والتسامح والنهي عن التباغض والتقاطع والتحاسد»، وحذر من «حرمة دم المسلم والاعتداء عليه»، وشدد على «ضرورة تفويت الفرصة على أعداء الدين والوطن وأن يتوحد الجميع صفا واحدا في رأب الصدع ولم الشتات».

إلى ذلك، نددت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، وللمرة الثانية في غضون أسبوع، بعمليات قمع المتظاهرين سواء عبر «البلطجية» أو بواسطة قوات الأمن، وقالت في بيان صدر عنها، أمس، إن على السلطات اليمنية أن «تتحرك فورا لضمان صد قوات الأمن للاعتداءات التي تستهدف المتظاهرين المعارضين للحكومة وأن تعتقل المسؤولين عن هذه الهجمات. في مختلف مدن اليمن». وأشارت المنظمة الحقوقية الدولية إلى أن قوات الأمن اليمنية «وقفت بلا حراك أو فرت» إزاء الهجمات التي يتعرض لها المتظاهرون، وأنها «أخفقت في حماية الأفراد الذين يمارسون حقهم في التظاهر السلمي، وفي بعض الحالات يبدو أن أعدادا قليلة للغاية من قوات الشرطة انتشرت على سبيل السعي لوقف الهجمات». وانتقدت «هيومان رايتس ووتش» الاعتداء الذي تعرض له المتظاهرون في محافظة إب، بوسط البلاد، في الـ6 من مارس (آذار) الحالي.

في موضوع آخر، قتل 4 جنود يمنيين من أفراد قوة «الانتشار الأمني» في مدينة الهجرين التاريخية في مديرية دوعن في محافظة حضرموت (حضرموت الوادي أو الداخل)، واتهمت السلطات اليمنية تنظيم القاعدة بتنفيذ الهجوم، وقالت مصادر محلية رسمية بحضرموت لموقع «سبتمبر نت» التابع لوزارة الدفاع اليمنية إن «عناصر إرهابية هاجمت النقطة الأمنية وأسفر الاعتداء عن استشهاد أربعة جنود وهم: فواد عبد الله الجعيري، وبكيل صالح موساي، وإبراهيم محمد الهادي، وعبد الله أحمد العماد». وأكدت المصادر أن حملة أمنية قامت بعملية ملاحقة لـ«الجناة لضبطهم وتقديمهم للعدالة». هذا ويعد هذا هو الهجوم الرابع على ضباط وجنود في حضرموت في غضون شهر.