مقتل متظاهر في درعا برصاص قوات الأمن السوري.. و100 جريح بالغاز المسيل للدموع

إقالة محافظ المدينة.. وإطلاق سراح عدد من المعتقلين.. ومتظاهرون يحرقون مبنى البعث

سوريون يقدمون أمس واجب العزاء لأقارب أحد الضحايا قتل من قبل قوات الأمن السورية أثناء المظاهرات التي شهدتها مدينة درعا (أ.ف.ب)
TT

أعلن ناشط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان أن متظاهرا قتل أمس برصاص قوات الأمن السورية خلال مظاهرة ضد النظام في درعا بجنوب سورية. وقال هذا الناشط طالبا عدم الكشف عن اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية إن «القتيل الأول بين المتظاهرين اليوم (أمس) سقط برصاص حي ويدعى رائد أكراد». وأضاف أن شخصين آخرين أصيبا في الرأس و«هما في حالة خطيرة». وكان هذا الناشط أعلن في وقت سابق أن قوات الأمن ألقت قنابل مسيلة للدموع واستخدمت الرصاص الحي لتفريق آلاف المتظاهرين في درعا مما أدى إلى سقوط أكثر من 100 جريح.

وتشهد مدينة درعا مظاهرات لليوم الثالث على التوالي «وتحولت إلى بركان من النار»، بحسب ما قال هذا الناشط الذي كان يشارك في المظاهرة في الحي القديم وسط درعا. وأضاف المصدر أن قوات الأمن حظيت بمساعدة الشرطة المركزية وعناصر لا يرتدون الزي الموحد. واستقبل مسجد العمري الذي تحول إلى «مشفى ميداني» الجرحى، كما قال.

وقال المصدر إن وفدا حكوميا يضم نائب وزير الخارجية فيصل المقداد ووزير الإدارة المحلية تامر الحجي، توجه إلى منازل المتظاهرين الذين قتلوا الجمعة «لتقديم التعازي».

لكن هذا الوفد لم يلق استقبالا جيدا من قبل المتظاهرين الذين هتفوا: «إن من يضرب شعبه خائن». وقال المصدر الحقوقي أيضا إن المتظاهرين بدأوا السير بعد الظهر انطلاقا من مسجد العمري، مشيرا إلى توقيفات في درعا.

كما أفادت مراسلة وكالة الصحافة الفرنسية في درعا بجنوب سورية بأن متظاهرين قاموا بعد ظهر أمس بإحراق مبنى القصر العدلي في هذه المدينة، إضافة إلى مبان أخرى إثر مواجهات مع قوات الأمن التي انتشرت بكثافة في المدينة. وأضافت المراسلة أن المتظاهرين أحرقوا في طريقهم مبنى القصر العدلي والكثير من السيارات التي كانت متوقفة أمامه، ثم أحرقوا مبنيين تابعين لشركتي «سيريا تل» و«إم تي إن» للهاتف الجوال، إضافة إلى الكثير من السيارات.

وأفاد شاهد عيان بأن المتظاهرين وصلوا إلى مقر سكن المحافظ، وقام عدد منهم بإحراق أشجار أمام المنزل.

إلى ذلك، قال سكان مدينة درعا إن «محتجين يطالبون بالحريات العامة، والقضاء على الفساد أضرموا النار في منزل المحافظ وأجهزوا عليه» في مدينة درعا جنوب سورية مساء أمس، حسب ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).

إلى ذلك، سعت الحكومة السورية إلى تهدئة حالة السخط الشعبي بالإعلان صباح أمس عزمها على الإفراج بصورة فورية عن 15 طفلا كانت السلطات اعتقلتهم في درعا بعد أن كتبوا على الجدران شعارات تطالب بالحرية.

ونقلت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أنه تمت إقالة محافظ درعا فيصل كلثوم وذلك استجابة لمطالب أهالي المدينة. وفي السياق ذاته صرح مصدر مسؤول في دمشق أن اللجنة التي شكلت في وزارة الداخلية للتحقيق في الأحداث التي وقعت في محافظة درعا «تتابع البحث عن المسببين والفاعلين الحقيقيين»، لافتا إلى «أنه نتيجة متابعة التحقيقات التي تجريها اللجنة المشكلة للتحقيق في هذه الأحداث المؤسفة تبين أن مجموعة من الشبان لم يثبت التحقيق إدانتهم وسيتم إطلاق سراحهم فورا».

وكانت وزارة الداخلية السورية قد شكلت أول من أمس لجنة للتحقيق في هذه الأحداث «واتخاذ الإجراءات اللازمة ومحاسبة كل من يثبت التحقيق مسؤوليته أو ارتكابه لأي إساءة فيها».

فيما أكدت مصادر مطلعة أن «السلطات السورية استجابت لطلبات الجماهير في درعا وأفرجت عن عدد من المعتقلين ممن تم اعتقالهم منذ نحو أسبوع»، وفي التفاصيل قام كل من وزير الإدارة المحلية تامر الحجة ومعاون وزير الخارجية فيصل المقداد ممثلين عن الرئيس بشار الأسد بزيارة إلى درعا لتقديم العزاء، في الوقت نفسه تابعت لجنة رسمية يرأسها عضو القيادة القطرية أسامة عدي اجتماعاتها مع اللجان المحلية والأهلية لمناقشة مطالب المواطنين. وعلم أن شيوخ العشائر ووجهاء المنطقة سلموا قائمة مطالب للمسؤولين الذين أرسلهم الرئيس وأهمها «إطلاق سراح شباب جرى اعتقالهم في الأسبوع الأخير على خلفيات سياسية، وإقالة مسؤولي المحافظة وخفض الأسعار وإلغاء قانون الحصول على موافقات لبيع الأراضي الحدودية وعدم ملاحقة المشاركين في الأحداث الأخيرة والسماح بحفر الآبار إضافة إلى مطالب تنموية أخرى وتركزت أهم المطالب في محاكمة من أطلق النار ومحاسبة المسؤول عنه وتقديم الاعتذار لأهالي الشابين اللذين قتلا في الأحداث» كما تم الاتفاق على تشكيل لجنة من الأهالي والوجهاء والمسؤولين في المنطقة لمتابعة تنفيذ هذه المطالب.

إلى ذلك، أصدرت المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سورية أمس بيانا تسلمت «الشرق الأوسط» نسخة منه أدانت فيه «بأشد العبارات السلوك العنيف وغير المبرر الذي تعاملت به السلطات السورية مع الاعتصامات السلمية، مما أدى إلى سقوط أربعة ضحايا». وطالبت المنظمة بإقالة وزير الداخلية معتبرة أنه «الحد الأدنى الذي يجب أن تقوم به السلطات السورية، إضافة لبعض الإجراءات الأخرى، مثل رفع حالة الطوارئ والأحكام العرفية وإغلاق ملف الاعتقال السياسي وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، وإلغاء المحاكم الاستثنائية، وإصدار قانون للتجمع السلمي يجيز للمواطنين ممارسة حقهم بالتظاهر، وإصدار قانون للأحزاب يسمح للمواطنين بممارسة حقهم بالمشاركة السياسية في إدارة شؤون البلاد». وقالت المنظمة التي أعربت عن قلقها إن «السلطات السورية لا تزال مستمرة في اعتقالاتها العشوائية بين صفوف المواطنين السوريين على خلفية مشاركتهم في الاعتصامات الاحتجاجية التي شهدتها المحافظات السورية أو نتيجة لاتهامهم بكتابة عبارات تنتقد الحكومة السورية»، لافتة إلى أنه «ورغم أن الاعتقالات التعسفية تلك قد طالت العشرات إلى جانب الموقوفين الـ32 في دمشق فإن وزارة الداخلية ما زالت تتصرف وكأن تلك الانتهاكات تتم في بلد آخر، إذ لم تصدر أي تعليق أو توضيح سواء على الاعتقالات أو على إطلاق النار الحي على المتظاهرين العزل».

من جانبها، شنت صحيفة تابعة للنظام السوري هجوما عنيفا على وسائل الإعلام العربية واتهمتها بالتهويل ونشر الشائعات، إلا أن النصيب الأكبر من الهجوم انصب على وسائل الإعلام المحلية الرسمية لا سيما الفضائية السورية واتهمتها الصحيفة في مقال نشر على الصفحة الأولى أمس بالبقاء صامتة «وعدم تغيير برامجها لنفي ما يتم تداوله من أنباء كاذبة ومن تحريض واضح على الفضائيات الأخرى». ووصفت الصحيفة الوضع الإعلامي في سورية بـ«المؤلم» داعية إلى ضرورة الحديث عما حصل في الأيام الأخيرة. وأوردت الصحيفة روايتها لما جرى، وقالت إن «درعا وحدها كانت مسرح مواجهة بين المتظاهرين وقوات الأمن إذ خرج بعد صلاة الجمعة عدد كبير من الشبان يرددون شعار: «الله سورية حرية وبس» وعلى الفور وصل المحافظ إلى محيط المسجد وطالب المتظاهرين بتقديم طلباتهم فكانت: الإفراج عن عدد من الشبان الذين أوقفوا منذ أيام ولم يفرج عنهم، وموضوع المنتقبات ومسألة إعادتهم إلى التدريس وإقالة عدد من المسؤولين في المحافظة، وما إن تسلم المحافظ المطالب واعدا بدراستها حتى بدأ عدد من الشبان بالاعتداء على سيارة المحافظ التي تم تكسيرها وعلى بعض الممتلكات العامة مما أدى إلى مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وعناصر الأمن سقط خلالها شابان في مقتبل العمر الأول حسام عياش والثاني أكرم جوابرة..كما جرح أكثر من 22 من عناصر الأمن منهم إصاباتهم خطيرة» وعما شهدته مدينة بانياس الساحلية قالت «الوطن» تلخصت مطالب المواطنين الذين تظاهروا يوم الجمعة الماضي «بمنع الاختلاط في المدارس وإعادة المنتقبات إلى الجامعات وإطلاق سراح موقوفين بجرائم مختلفة والتنديد بارتفاع فواتير الكهرباء إضافة إلى مطالب شبيهة مثل التوظيف وغيرها».

وحول ما جرى في حمص والمظاهرة التي خرجت من جامع خالد بن الوليد أكدت «الوطن» أنه «لم يشارك فيها أي حمصي وأن كل المشاركين جاءوا من مناطق مختلفة من المحافظات السورية بهدف التظاهر في حمص وبث خبر أن المظاهرات (تعم) كل المحافظات السورية». وأضافت «الوطن» أن «الأوضاع كانت هادئة جدا في حلب وفي السويداء وحماة وطرطوس واللاذقية»، على الضد من المعلومات التي كانت تبث على الإنترنت والتي تشير إلى «مظاهرات في كل المحافظات السورية دون استثناء» واتهمت الصحيفة «مجموعات تعمل من خارج سورية ببث الأخبار الكاذبة على موقع (تويتر) وصفحات (فيس بوك) لتحريض الناس على التظاهر». وقالت: «نجح هؤلاء في بث كميات هائلة من الأكاذيب». كما نقلت عن «شباب سوريين يتابعون هذا الملف أن هناك مجموعات مهنية ومنظمة تعمل من خارج سورية وتحديدا من السويد وبروكسل ودبي وبدعم من مجموعات بالداخل منهم من هو معارض فعلا ومنهم من هو مغرر بالمال وبالوعود الكاذبة ومنهم من يعتقد أن الأمر تسلية ويريد المشاركة وأغلبيتهم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و22 عاما».