بحرينيون سنة: تعاطفنا مع المتظاهرين في البداية.. لكن فرض النظام كان الخيار الوحيد

حصار المنطقة المالية أثار قلقهم من تكرار سيناريو لبنان

TT

عندما بدأت الحركة البحرينية المطالبة بالديمقراطية مظاهراتها في دوار اللؤلؤة الشهر الماضي، كان عاطف عبد الملك، المصرفي الذي تلقى تعليمه ويشكل أحد أقطاب النخبة السنية في البلاد، أحد داعميها، وأعلن عن تأييده لملكية دستورية وزيادة الفرص والدعم للفقراء الشيعة الذين يشكلون أغلبية سكان البلاد. غير أن طبيعة المظاهرات والآمال في أن تتجاوز المطالب الحدود الطائفية توحد البحرينيين في حركة ديمقراطية متماسكة تحولت خلال الأسبوع أو الأسبوعين الماضيين عندما المتظاهرين الشيعة تحركوا إلى ما دون دوار اللؤلؤة إلى المناطق المؤدية إلى الأحياء الدبلوماسية والمالية في العاصمة، حيث أغلقوا الطرقات بحواجز بدائية ورددوا شعارات تطالب بموت الأسرة الحاكمة. ويقول عبد الملك: «خمسة وعشرون في المائة من الناتج القومي البحريني تأتي من المصارف. أنا أتعاطف مع العديد من المطالب التي طالب بها المتظاهرون، لكن ما من دولة تسمح بالتعدي على المنطقة المالية بها. إن مستقبل الاقتصاد البحريني على المحك، وما جرى الأسبوع الماضي آلمني بقدر ما أسعدتني حالة الحراك».

غير أن السنة الذين يشكلون ثلث السكان، والذين يسيطرون على مقاليد السلطة فيها رأوا في ذلك كان الخيار الوحيد لدولة تواجه مدا متناميا للفوضى التي تهدد حاضرها ومستقبلها.

ويقول الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، وزير الخارجية البحريني، وهو من الأسرة الحاكمة لدى سؤاله مساء الجمعة الماضي في مؤتمر صحافي: «كيفي يمكننا إقامة حوار مع من يهددوننا؟».

ويرى مؤيدو الحكومة هنا أن الطريقة التي قام بها المتظاهرون بحصار المنطقة المالية كانت مثيرة للقلق على نحو خاص. ويؤكدون على أنهم قلقون من تكرار سيناريو لبنان فقد كانت بيروت عاصمة مالية للشرق الأوسط، لكن التوترات الطائفية بين السنة والشيعة والمسيحيين والدروز تفاقمت بسبب تدخل قوى أجنبية في منتصف السبعينات وأدت إلى نشوب حرب أهلية.

ويؤكد المدافعون عن الحكومة على أنه كان لا بد من اتخاذ إجراءات فورية، وأبدوا امتنانهم لما قامت به الحكومة. ومن ناحية أخرى يؤكد المتظاهرون على أن مطالبهم استغلت من المتشددين الذين يستلهمون أفكارهم - أو المرتبطين - من إيران.

لم تتوافر أدلة على مثل هذه الروابط، وينكر قادة الشيعة هنا على أنهم ينفذون أجندات إيرانية، لكن الوقائع على الأرض تكذب ذلك فلا تزال بعض مساجد الشيعة في البحرين تحمل صور الزعماء الروحيين الإيرانيين وزعيم حزب الله اللبناني، والصلات بإيران ضاربة بجذورها في أوساط العديد من الشيعة في البحرين.

من ناحية أخرى أصابت سيطرة الجيش على مستشفى السليمانية العالم أجمع بالصدمة، لكن هالة محمد الطبيبة السنية التي تعمل في المستشفى قالت إن المستشفى تحول في الأسابيع الأخيرة إلى دوار لؤلؤة مصغر حيث نصبت الخيام ورفعوا اللافتات المتطرفة. وقالت: «الأطباء الذين ساندوا المتظاهرين أصدروا بيانات بصورة مفاجئة نيابة عن الهيئة الطبية وقاموا بتسييس مؤسسة طبية. إذن الحكومة لم تحتل المستشفى ولكن حررتها، وأنا ممتنة لذلك». وتقول رانا عبد العالي إن الكثيرين من السنة لازموا منازلهم طوال الشهر الماضي، وكانوا يتوقعون انضمام الشيعة إلى الحوار لكنهم رفضوا ذلك. وما لم تتصرف الحكومة بهذه الطريقة لانتهى الأمر إلى حرب أهلية.

أما الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، وزيرة الثقافة البحرينية التي تدير مؤسستها العديد من المراكز الثقافية التي تستضيف كتابا وفلاسفة وشعراء ومفكرين من جميع أنحاء العالم والتي أدت الاضطرابات الأخيرة إلى توقفها فتقول: «كانت البحرين على الدوام بلدا منفتحا، ونحن لا نرغب في أن نراها إيران أخرى في المنطقة».

ويشير مؤيدو الحكومة إلى أن الحكومة تدعم مجانية التعليم والرعاية الصحية والإسكان وأسقطت الضرائب عن مواطنيها، لكن المشكلات الاقتصادية التي واجهتها البلاد كانت تعني تأخر مشروعات الإسكان ودفع المزيد من الفقراء إلى الانضمام إلى المظاهرات.

*خدمة «نيويورك تايمز»