اليمن: عشرات الضباط وصهر صالح ينضمون إلى المطالبين بإسقاط النظام

الرئيس اليمني يتهم المعارضة بالتحالف مع الحوثيين و«القاعدة» و«الانفصاليين» لإسقاط نظامه

طفلات يمنيات يرفعن ايديهن وقد كتب عليها «ارحل» خلال مظاهرة للمعارضة في صنعاء امس (أ.ب)
TT

تلقى الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، أمس، ضربة جديدة بانضمام صهره إلى «ثورة الشباب»، في حين انضم عشرات الضباط إلى ساحات الاعتصام، وفي الوقت الذي أقال فيه صالح اثنين من كبار قادة الجيش، فقد أعلن عن توقف الوساطات والمفاوضات لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد، في الوقت الذي فتح صالح النار على خصومه، واتهم الحوثيين والمعارضة وتنظيم القاعدة والحراك الجنوبي، بالتحالف لإسقاط نظامه، الذي اعتبر سقوطه، سقوطا للوحدة اليمنية.

وأعلن الكابتن طيار، يحيى محمد إسماعيل الأحمر، انضمامه إلى «ثورة الشباب» المطالبة بإسقاط النظام ورحيل الرئيس علي عبد الله صالح، وحضر الأحمر إلى «ساحة التغيير» في العاصمة صنعاء، وألقى كلمة في المعتصمين، أكد فيها انضمامه إليهم وإلى مطالبهم، والأحمر الشاب كان والده قائدا للمنطقة العسكرية الشرقية، وقد لقي حتفه في حادث تحطم مروحية قبل أكثر من 10 أعوام، من جانبها أكدت مصادر متطابقة أن العشرات من ضباط القوات المسلحة والأمن اليمنية، التحقوا، أمس، هم وعائلاتهم بعدد من ساحات التغيير والحرية تأييدا لمطالب المعتصمين.

في هذه الأثناء، أقال الرئيس صالح، اثنين من كبار قادة الجيش الذين أيدوا «ثورة الشباب» وانضموا إليها، وقالت وزارة الدفاع اليمنية إن القائد الأعلى للقوات المسلحة أصدر قرارا بتعيين اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك، قائدا للمنطقة العسكرية الشرقية، وقائدا للواء «27 ميكا» بدلا عن اللواء الركن محمد علي محسن، وتعيين العقيد الركن حسين مشعبة، قائدا للواء «15 مشاة»، بدلا عن العميد الركن ثابت جواس، الذي يعد من أبرز القادة العسكريين الذين خاضوا الحروب الأخيرة ضد الحوثيين في صعدة.

وتوقعت مصادر سياسية يمنية صدور المزيد من القرارات بإقالة المزيد من قادة الألوية العسكرية الذين انضموا إلى الثورة، والذين يدينون بالولاء للواء الركن علي محسن الأحمر، قائد المنطقة العسكرية الشمالية والغربية، قائد الفرقة الأولى مدرع، أحد أبرز المنشقين عن نظام الرئيس علي عبد الله صالح في المؤسسة العسكرية.

على صعيد آخر، أعلنت مصادر في المعارضة اليمنية في تكتل «اللقاء المشترك» أن المفاوضات والوساطات التي كانت تقودها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية، بشأن انتقال سلمي وسلس للسلطة في البلاد، توقفت بعد تعثر الوساطة إزاء المواقف المتصلبة لدى الطرفين، حسب المراقبين، فالرئيس يرفض التنحي الفوري عن السلطة، ويربط تنحيه بجدول زمني، في حين تصر المعارضة و«شباب الثورة» على «الرحيل الفوري» لصالح.

وجاءت هذه التطورات بعد يوم واحد فقط على إعلان حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم تمسكه ببقاء صالح في الحكم حتى نهاية ولايته في عام 2013، وتوصيته بتشكيل حكومة جديدة بدلا من حكومة تصريف الأعمال، للقياد بإعداد دستور جديد للبلاد، وتشرف على إجراء انتخابات برلمانية وفقا لنظام «القائمة النسبية»، وكذا تقسيم البلاد إلى عدة أقاليم، وفقا للمبادرة التي أعلنها صالح مطلع الشهر الحالي.

في هذه الأثناء يواصل عشرات الآلاف من المحتجين التظاهر والاعتصام في ساحات التغيير والحرية في معظم المحافظات اليمنية للمطالبة برحيل نظام الرئيس علي عبد الله صالح، الذي تثير تصريحاته، التي يعلن فيها تمسكه بالسلطة، ردود فعل غاضبة في ساحات الاعتصام، ويعبر المعتصمون عن تلك المواقف برفع أصواتهم بهتافات: «ارحل.. ارحل» و«الشعب يريد إسقاط النظام.. الشعب يريد إسقاط الرئيس»، كما تتواصل المظاهرات شبه اليومية في محافظة صعدة، التي باتت بيد الحوثيين، وشهدت عاصمة المحافظة تظاهرت، قيل إن مئات الآلاف شاركوا فيها وهم يطالبون بإسقاط النظام، ويعلنون رفض «كل المبادرات والحوارات التي يحاول النظام من خلالها الالتفاف على الثورة وتمييعها»، حسب البيان الصادر عن المظاهرة، الذي أشار إلى أن المتظاهرين نددوا بـ«المجازر التي يرتكبها النظام بحق المعتصمين سلميا في محافظات الجمهورية»، مطالبين القوى السياسية بوقف الحوارات الهزلية التي يقوم بها البعض، غير مدركين أنها تعطي النظام فسحة من الوقت وعلى حساب الثورة الشعبية، باعتبار هذا خطأ تاريخيا فادحا، إضافة إلى إعلانهم التضامن «المستمر مع كل الأحرار في الوطن، سواء كانوا من الجيش أو من القيادات السياسية، الذين انضموا إلى خيار الشعب في مطالبه السلمية».

إلى ذلك، يواصل الرئيس علي عبد الله صالح تحركاته ولقاءاته بشرائح كثيرة في المجتمع اليمني، بهدف تخفيف الضغط الذي يلاقيه للتنحي، وقال صالح إن على «الطامعين في السلطة» أن يسلكوا «سلوكا حضاريا، وأن يتجهوا نحو صناديق الاقتراع، وإذا منحهم الشعب ثقته فسنسلم لهم السلطة أولا بأول، لكن ليس بالطريقة الفوضوية والغوغائية وثقافة أحزاب اللقاء المشترك، التي يريدون من خلالها الصعود على دماء هؤلاء الشباب، والصعود إلى كرسي السلطة على دماء الشباب».

وأضاف، خلال لقائه بالشباب في «جمعية الدفاع عن الوحدة»، إن الشباب هم «عماد الحاضر وأمل المستقبل»، وقال: «نحن إلى جانب الشباب الطاهر النظيف غير المسيس الذين لا يتم تسييرهم بـ(الريموت كنترول)، فأنتم خلقكم الله سبحانه وتعالى من أمهاتكم أحرارا، ولا ينبغي أن يتسلق على ظهور الشباب, الطامعون في السلطة»، وجدد أسفه لأحداث الجمعة قبل الماضية، التي قتل فيها أكثر من 50 شابا برصاص قناصة في «ساحة التغيير» بصنعاء، وحمل نتائج ما حدث أحزاب المعارضة «اللقاء المشترك»، لأنهم، بحسب قوله: «مسؤولون عن الدماء الزكية، التي سالت في تعز وأبين وصنعاء ومحافظات أخرى، ويتحملون مسؤوليتها؛ فهم أصحاب الأزمة، وهم الذين أقلقوا راحة المواطنين والمواطنات، فهم السبب وليس السلطة بسبب طموحهم غير المشروع وأسلوبهم غير الحضاري سعيا نحو الوصول إلى السلطة عن طريق الانقلابات».

وقال صالح بلغة شديدة اللهجة إن تنظيم «القاعدة» والحوثيين و«الانفصاليين» و«اللقاء المشترك»، موتورون ومتحالفون من أجل «إسقاط النظام السياسي»، واعتبر أن سقوط النظام السياسي يعني «سقوط الوحدة»، وأردف قائلا: «نحن مع الشباب، نحن معكم أيها الشباب، وسنلبي مطالبكم المشروعة، فنحن مع مطالب الشباب المشروعة وسنعمل وسنوجه الجهات المعنية على تلبية كل مطالبكم»، وقال إنه «لا يجوز شرعا أن أقلية تلوي ذراع الأغلبية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن الأقلية تلوي ذراع الأغلبية، فعامة الشعب 95 في المائة مع الأمن والاستقرار»، وأن عددا من قيادات «ما يسمى بالمعارضة لا يستحون ولا يخجلون عندما يقولون أمام القنوات الفضائية إن مسيرة يوم الجمعة المؤيدة للشرعية الدستورية، التي فاقت أكثر من مليون ونصف المليون هم من الأمن المركزي والحرس الجمهوري والنجدة، فهؤلاء دجالون وكذابون ولا يخجلون، وواحد من أحزاب اللقاء المشترك يقول: خلاص انتهى الحوار، ولماذا الحوار؟ فالرئيس كان أمس في صراع مع شعبه»، وأضاف أن «عليهم أن يرحلوا الآن، أن يرحلوا ومن دون ذكر أسمائهم، بدلا من أن يطالبوا الآخرين عبر القنوات الفضائية والصحافة بالرحيل، قولوا لهم ارحلوا، فليرحل المأزومون والمأجورون والعملاء من أرض الوطن.. يرحل من خان الثورة والجمهورية والديمقراطية».