إرسال أسلحة للثوار الليبيين يثير الجدل في العواصم الفاعلة

لندن لا تستبعد ذلك.. وروسيا تحذر.. والصين تدعو للحوار

ثوار ليبيون يقصفون براجمات الصواريخ قوات القذافي المتقدمة من راس لانوف إلى العقيلة أمس (أ.ف.ب)
TT

تزايد الجدل أمس بين الدول الفاعلة في الساحة الدولية بشأن إرسال أسلحة للثوار في ليبيا. فبينما لم تستبعد واشنطن ولندن وباريس القيام بذلك، عارضت الكثير من العواصم الأمر.

وفي لندن، أعلن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أمس، أن بلاده لا تستبعد إمداد الثوار في ليبيا بالأسلحة، لكن القرار لم يتخذ بعد.

وقال كاميرون للبرلمان إن الوضع على الأرض في ليبيا «متقلب للغاية». وذكر أنه في ما يتعلق باحتمال إمداد الثوار بالأسلحة، فإن بريطانيا تحتاج «للتحرك بحذر». وذكر أن «الوضع القانوني واضح، وهو أن حظر تصدير الأسلحة ينطبق على الأراضي الليبية بالكامل». لكنه أضاف أنه في الوقت ذاته، فإن قرار الأمم المتحدة رقم 1973 يسمح باتخاذ «كل الإجراءات الضرورية لحماية المدنيين والمناطق المأهولة بهم». وقال كاميرون «نرى أنه لا ينبغي بالضرورة استبعاد احتمال مساعدة هؤلاء الذين يحمون المدنيين في ظروف معينة». وأضاف «لا نستبعد ذلك لكننا لم نتخذ القرار بعد». وتأكيدا لتعليقات كاميرون، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ «لا نشارك حاليا في أي عمليات تسليح للمعارضة أو القوى الثائرة (في ليبيا)». وكانت فكرة تسليح الثوار الذين يعانون ضعفا في التجهيز والتنظيم في وجه القوات الموالية للقذافي، طرحت الثلاثاء من جانب الولايات المتحدة وفرنسا، وهما العضوان البارزان في الائتلاف الدولي الذي تدخل في ليبيا. وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما مساء الثلاثاء على شبكة «إن بي سي»: «لا أستثني» الفكرة. إلا أنه أضاف «لكنني لا أقول أيضا إن هذا سيحصل».

وكان وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أعلن في وقت سابق في لندن أن فرنسا مستعدة للبحث مع حلفائها بشأن مساعدة عسكرية للثوار، معترفا في الوقت نفسه بأن هذا الأمر ليس مدرجا في القرارات الأخيرة للأمم المتحدة.

ومن جهتها، حذرت روسيا الغرب أمس من تسليح المعارضين المسلحين الذين يقاتلون قوات القذافي. وقالت إن الليبيين يجب أن يرسموا المستقبل السياسي لبلادهم دون تدخل أجنبي.

وأكد سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، معارضة بلاده لتسليح المعارضة الليبية. وقال في مؤتمر صحافي بعد محادثات مع نظيره النمساوي ميخائيل شبيندليغر «منذ وقت ليس ببعيد أعلن وزير الخارجية الفرنسي أن فرنسا مستعدة لمناقشة إمدادات الأسلحة إلى المعارضة الليبية مع شركائها في التحالف». وأضاف «وعلى الفور رد أندرس فوغ راسموسن، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، بأن العملية في ليبيا تهدف إلى حماية الناس وليس تسليحهم. ونحن نتفق تماما في هذا مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي».

وعادت موسكو إلى تأكيد أن وقف إطلاق النار بين العناصر المتحاربة في ليبيا هو الحل الوحيد للخروج من المأزق الراهن هناك. وقال لافروف إن المهمة الرئيسية تتلخص اليوم في ضرورة إقناع السلطات الليبية وفصائل المعارضة بوقف القتال والتحول إلى الحوار من أجل الاتفاق حول التطورات في ليبيا من أجل بلوغ الاستقرار وتحقيق الإصلاحات الديمقراطية من دون تدخل خارجي، ولتجنب وقوع الضحايا بين المدنيين، مؤكدا أن بلاده تدعم مبادرة الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية بهذا الشأن.

وفي برلين، أعلنت الحكومة الألمانية أن تسليح الثوار الليبيين مسألة غير مطروحة بالنسبة لها الآن، حسب وكالة الأنباء الألمانية. وقال نائب المتحدث باسم الحكومة الألمانية، كريستوف شتيغمانس، أمس، إن الحكومة الألمانية لن تنشغل بمثل هذه «القضايا الافتراضية». وفي بروكسل، أعلنت بلجيكا التي تشارك في التحالف الدولي المكلف بحماية المدنيين الليبيين، أمس، رفضها فكرة تسليح الثوار الليبيين، وذلك في تناقض واضح مع موقفي فرنسا وبريطانيا اللتين لم تستبعدا هذا الخيار، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال وزير الخارجية البلجيكي ستيفن فاناكير للإذاعة العامة إن مد الثوار الليبيين بالسلاح «خطوة (تمضي) بعيدا جدا»، مؤكدا أن هذا الأمر «سيكلفنا خسارة دعم العالم العربي» للتدخل العسكري الدولي في ليبيا. وأضاف أن «الهدف (من التدخل في ليبيا) ليس استخدام القوة إلى حين رحيل القذافي عن السلطة». وفي روما، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيطالية، ماوريتسيو ماساري، أمس، رفض روما لفكرة تسليح الثوار الليبيين، معتبرا أن هذا الإجراء في حال حصوله سيؤدي حتما إلى «انقسام الأسرة الدولية»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي أوسلو، استبعدت النرويج، التي تشارك في التحالف الدولي المكلف بحماية السكان المدنيين في ليبيا من هجمات قوات القذافي، أمس، تسليح الثوار الليبيين. وقالت وزيرة الدفاع غريت فاريمو «في ما يخص النرويج فإن تزويد الثوار الليبيين بأسلحة ليس مطروحا»، وذلك بحسب ما نقلت عنها القناة التلفزيونية العامة «إن آر كيه» خلال زيارة إلى طواقم ست مقاتلات إف - 16 قررت أوسلو إرسالها إلى جزيرة كريت اليونانية للمشاركة في العمليات العسكرية في ليبيا.

إلى ذلك، انتقد الرئيس الصيني هو جينتاو أمس الهجمات الجوية التي تشنها الدول الغربية علي ليبيا. ونقلت وسائل الإعلام عن هو جينتاو قوله خلال مباحثاته بشأن ليبيا مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي «إن الحوار والسبل السلمية الأخرى هي الحل الأمثل للمشكلات». وأضاف هو جينتاو أن التاريخ أظهر عدة مرات أن استخدام القوة يزيد من تعقيد المشكلات.