مصادر ثوار ليبيا لـ «الشرق الأوسط»: أزمة ثقة مؤقتة مع الغرب

قالوا إن وراءها تقارير استخباراتية مغلوطة حول وجود قيادات من «القاعدة»

TT

كشفت مصادر مقربة من المجلس الوطني للثوار المناهضين للزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، لـ«الشرق الأوسط»، النقاب عن أن توقف الطلعات الجوية لطائرات قوات التحالف الغربي في معظم المدن الليبية، أول من أمس، يرجع إلى ما وصفته بأزمة ثقة مؤقتة بين المجلس وعدد من الحكومات الغربية.

وقالت المصادر، التي طلبت عدم تعريفها، عبر الهاتف من معقل الثوار في مدينة بنغازي «نعتقد أن توقف الهجمات الجوية والصاروخية لقوات التحالف، هو بالأساس تعبير عن استيائهم لعدم الحصول على إجابات عن أسئلة سبق أن طرحوها حول وجود عدد من قيادات تنظيم القاعدة ضمن صفوف الثوار». وأوضحت المصادر أن الموقف الجديد للتحالف لا يعني أن الضربات التي تستهدف قوات القذافي ومواقعه العسكرية ستتوقف نهائيا، لكن ربما تم تعليقها لأسباب فنية. وأضافت «تلقى المجلس الوطني الذي يترأسه المستشار مصطفى عبد الجليل عدة تساؤلات حول احتمال وجود أعضاء في تنظيم القاعدة أو من المحسوبين عليه ضمن صفوف الثوار».

وكشفت المصادر النقاب عن أن الحكومات الغربية وإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تشعر بقلق بالغ من إمكانية تسلل عدد من قيادات وعناصر تنظيم القاعدة إلى صفوف جيش «ليبيا الحرة» الموالي للثوار، وأنهم طلبوا معلومات محددة في هذا الصدد لكنهم لم يتلقوا أي رد.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن قيادات قوات التحالف بنوا كل شكوكهم على تقارير استخباراتية تتحدث عن أعداد الليبيين الذين كانوا يقاتلون سابقا في العراق، وبعضهم قتل هناك، مشيرة إلى أن هؤلاء الشباب هربوا في الأساس من جحيم نظام حكم العقيد القذافي وسجونه وعذاب زبانيته فوقعوا في أياد ورطتهم في عمليات لا إنسانية، على حد تعبيرها. وأضافت «الآن يقول التحالف الغربي وفقا للمعلومات والتقارير الاستخباراتية إن ليبيا باتت دولة يمكن اعتبارها منبعا للجهاديين والاستشهاديين، وهذا غير صحيح».

وقالت المصادر إن المجلس الوطني يجري حاليا اتصالات مع مختلف الدول المشاركة في التحالف الغربي ضد القذافي لتفنيد هذه التقارير، والرد على مزاعم القذافي بشأن وجود قياديين من «القاعدة» في صفوف المناوئين له. وتابعت «ربما يفسر هذا سر تباطؤ عدة دول في القيام بتسليح الثوار أو تقديم أسلحة دفاعية إليهم للتصدي للقوات العسكرية والكتائب الأمنية الموالية للقذافي».

وقال مصدر مقرب من الثوار في بنغازي لـ«الشرق الأوسط» إن بعض الأسئلة التي تقدمت بها الحكومات المشاركة في التحالف الغربي بقيت دون إجابات، وهو أمر أقلقها ودفعها للتروي بعض الشيء. وأوضح المصدر أن الدول الغربية طرحت أسئلة مشروعة حول القيادات الحقيقية لثورة السابع عشر من فبراير (شباط) الماضي، لكن انشغال كل مسؤولي المجلس الوطني بمواجهة مخططات القذافي العسكرية عطل الحصول على إجابات محددة. وأضاف «الثوار لا خبرة لهم سياسيا وإعلاميا وعسكريا، والحماس يجعلهم يندفعون ويرتكبون أخطاء كثيرة. فوجئوا أول من أمس بعدم قيام سلاح الحلفاء بأي طلعات ضد كتائب القذافي وقواته العسكرية.. لدى الغرب شكوك في ما قاله القذافي من أن هناك عناصر من تنظيم القاعدة». وتابع «هم بالضرورة لم يصدقوا مزاعم القذافي، لكنهم تعاملوا بشكل احتياطي مؤقتا وأخذوا الثوار بمنطق الشبهات، وهذا خطأ». ولفت إلى أن كل التقارير التي يروج لها النظام الليبي ويستند إليها موقف دول التحالف الغربي بنيت على أدلة ساذجة لا أساس لها من الصحة، من بينها أنهم اعتقدوا أن استماع بعض المشاركين في الثورة الشعبية ضد نظام القذافي لنشيد حماسي إسلامي ووضع لافتة إسلامية يعنى أن هؤلاء متطرفون، ومن «القاعدة». وأشار إلى أن بعض القنوات الأميركية والغربية بثت مؤخرا عدة لقطات مصورة تظهر استماع عدد من شباب الثورة والمقاتلين إلى جانبهم لأغان حماسية سبق أن أصدرها تنظيم القاعدة وحزب الله. وأضاف «مع أن هذه مجرد أناشيد حماسية لكن تم الربط بين الاستماع إليها والتنظيمات المتطرفة التي يتحسب منها الغرب، هذا مدهش ومخجل. أن تستمع إلى شريط أو تسجيل بحسن نية لا يعني الموافقة على ما يفعله حزب الله في لبنان أو تنظيم القاعدة في أفغانستان».

وقال المصدر «هناك أخطاء كثيرة جدا ارتكبها الثوار بحسن نية، أتصور أنه من حق العالم أن يعرف من قاموا بهذه الحركة. وهؤلاء معروفون». وتابع «العالم الخارجي يريد إجابات عن كل أسئلته، ونحن الثوار ندفع الآن ثمنا باهظا لعدم ثقة الغرب في العالم العربي». وأوضح أن الشباب الذين قاموا بالثورة استخدموا التكنولوجيا الحديثة، وتواصلوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فيس بوك» و«تويتر»، واتفقوا على يوم الانتفاضة في الذكرى التي قتلت فيه قوات نظام القذافي 17 شابا أمام القنصلية الإيطالية في مدينة بنغازي.

ومن المفارقات أن النظام الليبي هو من قام بهذه المظاهرات احتجاجا على موقف وزير إيطالي أيد الرسوم الدنماركية المسيئة للنبي (عليه الصلاة والسلام) عبر عناصره من حركة اللجان الثورية، قبل أن تتطور الأمور وتخرج عن السيطرة.