لبنان: قراءات متباينة لخطاب الأسد وسليمان وميقاتي يشددان على استقرار سورية

علوش لـ «الشرق الأوسط»: نسخة من خطابات العقود السابقة.. وأبقى النار تحت الرماد

الرئيس نجيب ميقاتي (رويترز)
TT

خضع خطاب الرئيس السوري بشار الأسد الذي ألقاه أول من أمس أمام مجلس الشعب في دمشق، لقراءات لبنانية مختلفة حول جدواه وما يمكن أن يترك من انعكاسات على الأرض، فقد أبدى رئيس الجمهورية ميشال سليمان ارتياحه لمسار الأوضاع في سورية، مشددا على «أهمية الاستقرار فيها وانعكاسه الإيجابي على الوضعين الاقتصادي والأمني في كل من البلدين». وتمنى «عودة الأمور إلى طبيعتها كي يتم استكمال المسيرة الإصلاحية وفق الأولويات الأساسية»، ومجددا ثقته بـ«قدرة القيادة السورية على تجاوز ما حصل وببقائها في خط الممانعة».

وأجرى الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي اتصالا هاتفيا، ظهر أمس بالرئيس السوري بشار الأسد، بحثا خلاله الأوضاع الراهنة في الشرق الأوسط. ونوه ميقاتي خلال الاتصال بالتفاف الشعب السوري حول قيادة الرئيس الأسد وتفويت الفرصة على مشاريع الفتنة.

في هذا الوقت رأى عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش، أن «خطاب الرئيس السوري بشار الأسد الذي ألقاه أمام مجلس الشعب في دمشق جاء رتيبا، ولم يخرج عن الخطاب العام الذي اعتاد عليه السوريون على مدى عقود». ولفت علوش في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «كل الوعود التي انتظرها الناس بناء على التغيير القائم في المنطقة لم تصل إلى آذان النظام السوري، وحتى الوعود التي تحدثت عنها (المستشارة الرئاسية) بثينة شعبان لم يتطرق إليها الرئيس الأسد، ما يبقي النار تحت الرماد». وعن التعاطي اللبناني مع ما يجري في سورية، أوضح علوش أن «هناك في لبنان من اعتبر نفسه حياديا حيال التطورات السورية، خصوصا تيار (المستقبل) وفريق (14 آذار) مع تأييدنا أن يأخذ الناس حقوقهم، أما بالنسبة لقوى (8 آذار) فإن عقليتها تتناسب مع عقلية النظام السوري، وهي تستمد قوتها واستمرارها من هذا النظام وبالشكل الذي هو عليه اليوم». وردا على سؤال عن إصرار بعض فريق الثامن من آذار على اتهام تيار «المستقبل» بالتورط في أحداث سورية وتهريب أسلحة إلى اللاذقية عبر البحر، قال علوش «نحن لسنا في وضع المتهم لنرد على هذه الأكاذيب علما بأن التلفزيون السوري كذب كل هذه الإشاعات، والجميع يعلم أن سياسة «المستقبل» بعيدة عن هذا الأسلوب، رغم كل الأذى الذي لقيه التيار من الحكم في سورية، ومن الواضح أن البعض يناسبه استخدام ملف سورية في الصراع الداخلي اللبناني لتبرير استمرار السلاح غير الشرعي. وختم القيادي في «المستقبل» بأنه «رغم استمرار الإسفاف الكلامي في لبنان، نحن نطالب بكل الإجراءات القانونية إذا ثبت تورط أي لبناني بما يجري في سورية».

من جهته رأى رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط أن «خطاب الرئيس السوري بشار الأسد أمام مجلس الشعب السوري يفتح آفاقا إيجابية بعد القرارات التي اتخذتها القيادة القطرية لحزب (البعث) منذ أيام لإحداث تغييرات هيكلية وجوهرية تصب في مصلحة الشعب السوري إذا ما تمت متابعتها وتطبيقها بجدية، وهي تسهم في تكريس الوحدة الوطنية السورية واستقرارها الداخلي». ورأى أن «سورية تمر كما المنطقة العربية بأكملها، بمرحلة حساسة ودقيقة، تتطلب قراءة هادئة لكل التطورات السياسية والمتغيرات والتحولات اللاحقة، وتستوجب من الجميع التحلي بأعلى درجات المسؤولية بما يحفظ استقرار المنطقة وعدم انزلاقها نحو الفوضى والتقسيم والتفتيت». وقال جنبلاط «للذين في لبنان يترقبون بشغف تطور الحوادث في سورية، قد يكون من المفيد تذكير هؤلاء بأن أمن لبنان من أمن سورية وبالعكس»، لافتا إلى أن «الاستقرار في سورية يصب في المصلحة الوطنية اللبنانية، وهذه معادلة استراتيجية بعيدا عن الأصوات اللبنانية الضيقة الأفق من هنا وهناك».

واعتبر منسق الأمانة العامة لقوى «14 آذار» فارس سعيد، أن «ما يحصل في سورية اليوم قد حصل قبلا في مصر وليبيا وغيرها، وما نشهده هو انتفاضة عربية ولكن بعض الفرقاء حاولوا توريط فريق لبناني بها». وقال «نحن عملنا طويلا كفريق (14 آذار) كي لا يتدخل أحد في شؤوننا وبالتالي لا نتدخل في شؤون أحد، وما يحدث في سورية يعني الشعب السوري ومن حق الشعوب تقرير مصيرها».

بدوره لفت عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب قاسم هاشم، إلى أن «كلام الرئيس السوري بشار الأسد ترجمة واضحة لإرادة الشعب العربي السوري، الذي قال الكلمة الفصل قبل يومين بين مشروع الوطن والممانعة والمقاومة ومشروع الفتنة التي يريدها أصحاب المشروع العدائي عبر أدوات رخيصة، استثمارا واستغلالا لشعارات إصلاحية». وقال «لهذا كانت كلمته (الرئيس السوري) الحد الفاصل بين مرحلة ومرحلة لوضع حد لكل المتآمرين الذين يستهدفون العرب كوطن وأمة باستهدافهم سورية لأنها تمثل قلعة المقاومة والممانعة والحصن المدافع عن الحق العربي والهوية والتاريخ».

ولاحظ نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان أن «ما شهدته سورية من اضطرابات وقلاقل محاولة يائسة، فشل أصحابها في تحقيق أهدافهم بفعل وعي الشعب السوري وحكمة قيادته ووقوف سورية، شعبا ودولة ومؤسسات، خلف الرئيس السوري بشار الأسد، الذي عبر في مواقفه عن تطلعات وآمال الشعب السوري في الإصلاح وتحصين موقع سورية المقاوم كسد منيع بوجه المشاريع المشبوهة والفتن والمؤامرات التي تسعى إلى النيل من دورها في دعمها وتبنيها مشروع مقاومة الاحتلال والعدوان الصهيوني». ونوه قبلان بـ«خطاب الرئيس الأسد أمام مجلس الشعب، إذ استطاع أن يؤصل الثوابت والركائز التي تحفظ لسورية موقعها ودورها وهويتها العربية».