طهران تعتبر أزمة الجواسيس مع الكويت «سوء فهم».. وتذكر بمواقفها «الداعمة» إبان الغزو العراقي

إيران ساومت المتورطين للحصول على معلومات مقابل الجنسية الإيرانية

TT

حرصت طهران على نفي علاقتها بشبكة التجسس الإيرانية التي كشفت عنها الكويت مؤخرا، والتي قالت إنها هددت أمن الكويت السياسي والاقتصادي والعسكري، مما استدعاها إلى تبني إجراءات بحق عدد من الدبلوماسيين الإيرانيين تضمنت الطرد، فبعد أن نفى مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الإيرانية صلة بلاده بالخلية، سارع وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي إلى مهاتفة نظيره الكويتي لاحتواء الأزمة وترطيب الأجواء والتذكير «بمواقف» بلاده التي ساندت الكويت لدى الغزو العراقي عام 1990. وكانت محكمة كويتية قد أصدرت أحكاما بالإعدام الأسبوع الماضي بحق إيرانيين اثنين وكويتي بتهمة الانتماء لشبكة تجسس إيرانية، كما حكمت على اثنين آخرين بالسجن المؤبد.

ونشرت صحيفة «القبس» الكويتية أمس ملفا ضخما تناول حيثيات حكم محكمة الجنايات وتفاصيل القضية وتاريخها وتشكيل الخلية وكيف تورط المدانون فيها.

وذكرت الصحيفة أنه تبين خلال المحاكمة أن المتورطين السبعة كانوا مجندين لدى جهاز الاستخبارات الإيرانية وكانوا يتقاضون مبالغ مالية مقابل ذلك منذ عام 2001، وأن المتهمين أقروا بتصوير مواقع عسكرية حساسة في البلاد «والمنشآت النفطية التي كانوا يعتزمون تفجيرها بتحريض من أعضاء في الاستخبارات الإيرانية الذين زودوهم بمواد تفجيرية، وكانوا يلتقون بهم في سفارات بلادهم في الكويت والبحرين وإندونيسيا، فضلا عن المقر الرئيسي في طهران». كما اتضح خلال سير المحاكمة «كيفية تورط المتهمين وآلية تجنيدهم من قبل الملحق السياحي الإيراني في الكويت علي ظهراني، وكيفية تشكيل الخلية خلال 9 أعوام، بهدف الإضرار بمركز الكويت الحربي والسياسي والاقتصادي، فضلا عن رصد المواقع العسكرية واختلاس الوثائق وتصوير الأرتال الأميركية، ومعسكر عريفجان، وقاعدة علي السالم، ومعسكر فرجينيا، والمنشآت الحساسة والحيوية والنفطية».

كما نشرت الصحيفة لائحة بالأموال التي كان أعضاء الخلية يتقاضونها مقابل المعلومات التي بحوزتهم وحسب أهميتها، وتراوحت المبالغ ما بين 500 دينار كويتي مقابل كشوف بأسماء عسكريين وضباط أو لرصد إحداثيات خط أنابيب النفط، و3000 دينار كويتي مقابل معلومات هاتفية عن اصطفاف القوات الأميركية شمال البلاد وتحركاتها، وصعودا إلى 4500 دينار كويتي مقابل معلومات عن مواقع معسكرات الجيش الكويتي والأميركي وأماكن الصواريخ بالكويت وصور الأرتال العسكرية والمنشآت النفطية مخزونة على قرص مبرمج (سي دي).

وبحسب إفادات ضابط في أمن الدولة، فإنه «في نهاية عام 2009 وردته معلومات أكدتها تحرياته السرية وأعمال المراقبة بأن المدعو علي ظهراني الذي يعمل دبلوماسيا بوظيفة ملحق سياحي بالسفارة الإيرانية بالكويت هو عضو فاعل في جهاز الاستخبارات الإيراني المدار من قبل الحرس الثوري الإيراني الذي من أهدافه كشف الكويت من كل جوانبها وخاصة القوة الدفاعية لها، وكذا معرفة أماكن وجود القوات الأميركية الحليفة على أراضيها ومراكز قوتها، فتمت مراقبته لمعرفة ورصد تحركاته ونشاطاته التي تبين له أنها مشبوهة لكثرة تنقله في كثير من المناطق داخل دولة الكويت بمفرده ومستقلا مركبات متعددة غير دبلوماسية وبإجراء المزيد من التحريات، أسفرت عن أنه يقوم بإدارة شبكة تخابرية لجمع المعلومات عن الكويت وإبلاغ دولة إيران بها وينتوي من خلالها القيام بأعمال تخريبية داخل هذه الدولة تضم المتهمين جميعا».

كما تبين أنه تم بناء اللبنة الأولى لهذه الخلية في غضون عام 2001 عندما تم تجنيد المتهم الأول طارق هاشم مزبانيان، لدى وجوده في إيران لاتخاذ إجراءات حصوله على الجنسية الإيرانية (جنسية أجداده) بناء على طلب الجيش الكويتي لتسوية أوضاعه وقرنائه من فئة «البدون» العاملين بالجيش بشأن ضرورة حملهم لأي من الجنسيات المعترف بها، وتوصلت التحقيقات الكويتية إلى أن مسؤولي الجنسية في إيران قاموا «بمساومته على منحه الجنسية الإيرانية مقابل تزويد جهاز مخابراتهم بمعلومات عن الجيش الكويتي وعمله به وأعطوه لقاء ذلك مبلغا نقديا بالعملة الإيرانية بما يعادل 1500 دينار كويتي وإيصالا يحمل اسمه موجها للسفارة الإيرانية بدولة الكويت لتسهيل حصوله وبعض أشقائه على الجنسية الإيرانية».

وبحسب التقارير الكويتية، فإن الاتصال بالسفارة الإيرانية كان يمر عبر أحد عناصر الخلية، حسين كريم جواهر، الذي «تربطه صلة بالمدعو سيد منوجهر سيد جلالي، الملحق العمالي بالسفارة الإيرانية، وعضو جهاز الاستخبارات الإيراني».

وفي طهران، حاول وزير الخارجية علي أكبر صالحي احتواء الأزمة وإعادة المياه إلى مجاريها، وأفادت وكالة أنباء الجمهورية الإيرانية (إرنا) نقلا عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمان بارست أن صالحي تحادث هاتفيا مع نظيره الكويتي وتم البحث بالتفصيل بشأن العلاقات الثنائية بين الكويت وطهران. وأضاف مهمان بارست أن «صالحي وضمن إعلانه موقف بلادنا المبدئي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى كمبدأ أساسي لن تحيد عنه الجمهورية الإسلامية الإيرانية إطلاقا، أكد على استقرار وأمن جميع البلدان لا سيما البلد الصديق والشقيق الكويت».

وأضاف وزير الخارجية الإيراني أن «القضية القديمة المطروحة من قبل محكمة في الكويت وإلصاق ذلك بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، مشروع يتابعه الذين لا يريدون أن تكون هنالك علاقات طيبة بين البلدين، وهذا الأمر ليس سوى مخطط يأتي في سياق بث الخلافات بين الدول الإسلامية في المنطقة».

وذكّر وزير الخارجية الإيراني، أنه «حينما غزا جيش نظام صدام البعثي الكويت، تلك الفترة التي شكلت أحلك الظروف التي مرت على تاريخ هذا البلد، فتحت الجمهورية الإسلامية الإيرانية جميع أبواب البلاد أمام الحكومة والشعب الكويتي ولم تأل جهدا عن تقديم أي مساعدة ممكنة، ودعت على الدوام لتنمية وتطوير وأمن دول المنطقة».

وبحسب الوكالة الإيرانية، فقد «اتفق وزيرا خارجية البلدين في هذا الاتصال الهاتفي على استمرار المشاورات من أجل معالجة سوء الفهم الحاصل». ومن جانبه، فند مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الإيرانية «ادعاء» القضاء الكويتي حول كشف شبكة التجسس الإيرانية، ووصف «الادعاء بأنه زائف ولا أساس له من الصحة».

ونقلت وكالة «مهر» الإيرانية عن مصدر لم تسمه في الخارجية الإيرانية أن «هذا الموضوع لا يمت بصلة إطلاقا للجمهورية الإسلامية الإيرانية أو أعضاء السفارة الإيرانية، وتوجيه مثل هذا الادعاء إلى إيران من قبل الجهاز القضائي الكويتي هو ادعاء غير مسؤول». وأضاف: «عندما طرح ادعاء كشف هذه الشبكة في العام الماضي، احتجت أيضا وزارة خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية بشدة، ثم أعقب ذلك نفي المسؤولين الكويتيين لوجود أي صلة لهذا الموضوع مع إيران».

وزعم المصدر أن «طرح هذا الموضوع مجددا بعد مرور سنة أمر يثير التساؤل وينطوي على أهداف خاصة».