رجال خلف خطوط الثوار لحماية «ليبيا الجديدة»

لجان شعبية لتأمين المدن وتوفير الاحتياجات الأساسية

TT

بينما يشتبك ثوار ليبيون مع كتائب العقيد معمر القذافي الذي يواجه نظامه أكبر تحد منذ توليه السلطة قبل 42 عاما، يقف خلف خطوط الثوار رجال يتولون مهام حماية المدن «المحررة» من قبضة القذافي، على طول الخط الواصل بين مرسى مطروح شرقا وطبرق غربا.

ففي قرية بئر الأشهب الليبية (80 كيلومترا غرب السلوم)، يقيم أهالي المدينة لجنة محلية (كما يسميها الليبيون) لتفتيش السيارات المارة على الطريق، والتأكد أنها تحمل مساعدات أو صحافيين أو ثوارا جددا، وخلاف ذلك الكل مشتبه به. يقودهم رجل خمسيني يدعى ناصر السنوسي، بملابس عسكرية خضراء اللون، وجهه المبتسم ينشر الطمأنينة عكس سلاحه الروسي الذي يحمله في يده اليسرى.

يقول السنوسي لـ«الشرق الأوسط»: «دورنا هنا تأمين الطريق، وضمان عدم سيطرة المرتزقة عليه من الجنوب إذا تم إلقاؤهم بالمروحيات مثلا، الكل هنا مستعد للشهادة من أجل ليبيا الجديدة».

الشباب الملتف من حوله ينفذون تعليماته بعناية، فالوضع الأمني هش وخبرة الشباب المشارك في اللجنة المحلية قليلة، مقارنة بناصر الذي خدم لفترة في الجيش الليبي قبل انقسامه بين الثوار ونظام العقيد.

وبعيدا عن حمل السلاح، يشارك رجال مصريون في دعم الشعب الليبي، على رأس أولئك الرجال يأتي الشيخ فرج العبد، وهو إمام مسجد الفتح بمرسى مطروح، صاحب الملامح الهادئة والجلباب الإسلامي المميز، حيث تتجمع عنده كل خيوط قوافل المساعدات الإنسانية التي ترسل للشعب الليبي، وهو من يعرف على وجه الدقة ماذا يحتاج الشعب الليبي عبر اتصالاته المستمرة ببنغازي وطبرق وجميع مدن الشرق الليبي.

ينقل العبد الحاجات الضرورية إلى الثوار من المساعدات الطبية التي ترسلها الجمعيات الخيرية التي تجمع التبرعات للشعب الليبي في محافظات مصر. يقول العبد لـ«الشرق الأوسط» إن «حجم المساعدات التي وصلت إلينا فاق المتوقع بكثير، الشباب المصري يضرب مثلا في الشهامة». وبالإضافة إلى هذه المهمة يقوم العبد بتنسيق الجهود وشرح الوضع بداخل ليبيا بدقة للسائقين والأطباء والمسعفين لتجنب مفاجآت الطريق.

وفيما يخص استقبال الأسر الليبية في مرسى مطروح أولى المحافظات التي تفد إليها العائلات الليبية، ينشط الشيخ صالح سالم (38 عاما)، ممسكا بدفتر صغير مدون به أسماء من يرغب في استضافة أسر ليبية، هاتفه الجوال الحديث لا يكف عن الرنين، فبين اللحظة والأخرى هناك أسر قادمة في الطريق بلا مأوى.

يقول سالم لـ«الشرق الأوسط» إنه «يوفر شقق المصايف (وحدات سكنية تستأجر في موسم الصيف) للأسر الليبية دون مقابل، نوفر لهم الطعام وكل ما يحتاجون إليه»، ولكن سالم أوضح أن هناك العديد من الأسر الليبية الميسورة التي تصمم على دفع تكاليف إقامتها في المدينة الساحلية في انتظار عودتهم إلى ديارهم.

وفي طريق العودة من طبرق، التقت «الشرق الأوسط» بسائق مصري، يحمل قميصه ألوانا متداخلة هي مزيج من العرق والشحم، يقود سيارة «تويوتا» بيضاء، يبدو أنها تعرضت لعدة حوادث مؤخرا، فزجاجها الخلفي مهشم.

يقول السائق شوقي الذي قام بخمس عشرة رحلة بين بنغازي والسلوم كانت أخطرها ليلة 19 مارس (آذار) الماضي قبل ليلة من التدخل الدولي، حيث كانت قوات القذافي على حدود المدينة: «أهتم بنقل عائلات ليبية من بنغازي وطبرق إلى السلوم دون مقابل.. أقود سيارة رجل أعمال ليبي، ونعطي دائما الأولوية للنساء والأطفال».