محمد إسماعيل.. قصة رجل الأدوار كلها

أبرز مساعدي سيف الإسلام نجل القذافي

TT

لم يكن وصول محمد إسماعيل، مدير مكتب سيف الإسلام، النجل الثاني للزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، إلى بريطانيا سرا مؤخرا، مجرد مصادفة أو رحلة عابرة؛ فالرجل وثيق الصلة بسيف الإسلام ويعتبر ظله الذي يرافقه في حله وارتحاله، يعتبر أيضا كاتم أسرار سيف الإسلام وذراعه اليمنى.

اختفى محمد إسماعيل عن الأنظار إلى العاصمة البريطانية لندن، وأغلق هاتفه النقال ولم يعد معروفا تحديدا هل ظل في لندن أم غادرها عائدا إلى العاصمة الليبية طرابلس حاملا رسالة مقتضبة من مسؤولين في الحكومة البريطانية موجهة إلى القذافي ونجله، مفادها أنه «يتعين عليكما الرحيل وفورا».

على أن علاقة نجل القذافي بمدير أعماله والمسؤول الأول عن مكتبه تتخطى مجرد علاقة الرئيس بالمرؤوس؛ فإسماعيل يرافق نجل القذافي أينما وجد سواء في ليبيا أو خارجها وهو رفيقه في السفر والرحلات الرسمية والخاصة.

من يطلب لقاء سيف الإسلام أو يحاول الاتصال به يتعين عليه أولا أن يمر من بوابة مدير مكتبه محمد إسماعيل؛ فهو ليس مجرد كاتم أسراره أو مستشار إعلامي بل «صديق وأخ بالإضافة إلى عملهما معا».

يبدو أن هذا التوصيف في محله؛ فنجل القذافي لم ينسَ وهو يرافق عبد الباسط المقرحي المتهم الليبي في قضية لوكيربي على متن الطائرة التي أقلتهما من اسكوتلندا التي سجن فيها المقرحي لمدة 10 سنوات كاملة، أن يقول للمقرحي والطائرة تهبط في مطار طرابلس مشيرا إلى محمد إسماعيل: «هذا كان أحد الذين بذلوا الجهود من أجل إطلاق سراحك».

هذه الإشارة كانت تعني، بكل تأكيد، أن إسماعيل أحد المسؤولين الليبيين الذين لعبوا دورا خلف الكواليس لتأمين إطلاق سراح المقرحي ونقله إلى ليبيا لاستكمال بقية العقوبة المحددة ضده بالسجن المؤبد على الرغم من التحفظات البريطانية والأميركية.

وعلى الرغم من أن إسماعيل ينفي صلته بجهاز المخابرات الليبية، فإن ثمة إجماعا على أنه ضابط مخابرات برتبة عقيد، بل إن البعض وصفه بأنه «بنك المخابرات الليبية المتنقل» ومن النوع الصامت والحساس «إلى درجة أنه يبكي بسرعة إذا روى سلبيات مرت معه بالذات وعاناها».

ويروي عنه من يعرفونه أنه نام في إحدى المرات على كميات كبيرة من المال، نحو 25 مليون دولار وهو متوجه بطائرة خاصة إلى الفلبين في أواسط عام 2000 لدفعها لجماعة أبو سياف الإسلامية الانفصالية كفدية لإطلاق سراح 21 رهينة من السياح الأجانب.

يومها أسهم إسماعيل في إنهاء محنة الاختطاف بعدما تدخلت مؤسسة القذافي للتنمية على الخط، وهي مؤسسة غير حكومية يترأسها نجل القذافي ويتخذها ستارا لأنشطته الإعلامية والسياسية.

وكان هو نفسه الناطق الرسمي للمؤسسة في عملية إطلاق الأسرى الألمان من جماعة أبو سياف الفلبينية؛ حيث تولى الإشراف على حفل استقبال الرهائن الأجانب في طرابلس في السرايا الحمراء وفي مقر القيادة الشهير بثكنة باب العزيزية.

وسبق لإسماعيل أن أسهم في إطلاق سراح عدد من الليبيين الذين تم اعتقالهم في أفغانستان بعد تفجيرات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في واشنطن ونيويورك.

يقول موقع «ليبيون من أجل العدالة»: إن اسمه الكامل هو محمد أحمد إسماعيل، ابن ضابط سابق في الجيش الليبي، وعمه العميد نوري الصديق إسماعيل، ضابط الجيش المشهور في العهد الملكي، ينتمي إلى عائلة ابن إسماعيل، من سكان المنطقة الشرقية، وأصله من مصراتة، ويعيش في بنغازي.

كان والده قد قبل انقلاب العقيد القذافي على نظام العاهل الليبي الراحل إدريس السنوسي، يعمل في المعسكر نفسه الذي كان القذافي يعمل فيه وكان برتبة رائد.

وبعد الانقلاب كان والد إسماعيل من بين من أحيلوا إلى وزارة الخارجية؛ حيث عمل في دول عدة، من بينها مالي وآخرها كان في القنصلية العامة في الإسكندرية في أواخر التسعينات وهو متزوج من سيدة مصرية هي والدة محمد. درس محمد في كلية الهندسة (تخصص هندسة نووية) في الفترة نفسها التي كان يدرس فيها كل من سيف الإسلام ومحمد، نجلي القذافي.