اليمن: ترحيب رسمي بدعوة دول مجلس التعاون الخليجي للحوار

المعارضة توافق بشرط.. ومواقف متباينة لشباب التغيير

جندي يمني يلتحق بالمتظاهرين المطالبين برحيل الرئيس اليمني أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلنت الحكومة اليمنية، أمس، ترحيبها بدعوة مجلس التعاون الخليجي للحوار بين الأطراف السياسية اليمنية بشأن الأزمة الراهنة، وهي الدعوة التي جاءت في ختام اجتماعات وزراء خارجية دول المجلس، والتي نصت على دعوة ممثلين عن الحكومة اليمنية وأحزاب المعارضة لإجراء حوار مشترك في العاصمة السعودية الرياض.

وأكد مصدر يمني مسؤول أن موقف الحكومة اليمنية، دائما، هو الحرص على «الحوار وحل أي خلافات من خلال الجلوس على طاولة الحوار وبعيدا عن أي عنف أو فوضى أو تخريب». وفي هذه الأثناء، قالت أحزاب المعارضة اليمنية إنها لم تتلق أي دعوة رسمية من مجلس التعاون للحضور أو المشاركة في أي حوار، وإنها علمت بالأمر عبر وسائل الإعلام. وقال محمد قحطان، الناطق باسم أحزاب اللقاء المشترك في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» في لندن «إنهم في المعارضة لم يتسلموا الدعوة بعد، وإنما سمعوا عنها في وسائل الإعلام، وإن المشترك على أي حال لبى دعوة الأشقاء، ونحن مستعدون للذهاب للتحاور للضغط على الرئيس لتسليم السلطة لنائبه أو لغير النائب من المؤتمر على ألا يكون من أسرة الرئيس أو أقاربه». وأضاف قحطان «نحن غير مستعدين للخوض في أي حديث غير حديث نقل السلطة، وبعد ذلك يمكن أن نتحاور مع من تنقل له السلطة حول ترتيب وضع المرحلة الانتقالية، ومن ثم إدارة حوار وطني شامل يشارك فيه الأشقاء لصياغة مستقبل البلاد». وأكد قحطان أنه «ليس هناك من حلول وسط غير حل نقل السلطة». وقال قحطان «إن المبادرة التي أطلقها المشترك كانت محصلة لنقاش طويل مع الأشقاء والأصدقاء وتمثل مخرجا للبلاد من أزمتها الحالية على الرغم من أنها لا تلبي مطالب الشباب في ساحات الاعتصام».

وفي ساحة التغيير بصنعاء، أعرب عدد من «شباب الثورة» عن اعتقادهم أن المبادرة الخليجية المتمثلة في استضافة حوار في الرياض، جاءت متأخرة، لكن البعض رحب بأي حوار شريطة أن يرحل الرئيس علي عبد الله صالح وأبناؤه وأشقاؤه وأبناؤهم عن السلطة بصورة فورية، وقبل إجراء أي حوارات.

من جانبه، لا يعتقد الدكتور فؤاد الصلاحي، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، أن دول الخليج قد فهمت ما يدور في اليمن. وقال إنهم بالأمس فقط «أعلنوا رغبتهم في أن يحتكم اليمنيون للحوار، لكنهم لم يقدموا مبادرة محددة يمكن للفرقاء في اليمن دراستها ولم تتم دعوة ممثلي الشباب والمعارضة والحاكم لحوار في أي مدينة خليجية». ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن الثابت هو أن الخليجيين «لا يريدون ثورة في حدودهم الجغرافية، ولهذا فهم يعتمدون موقفا رماديا ربما في انتظار الموقف الأميركي الذي هو الآخر لا يزال يدرس الموقف في اليمن ولم يتخذ بعد قرارا واضحا على الرغم من مرور أكثر من 8 أسابيع على المظاهرات الاحتجاجية في اليمن». ويعرب الأكاديمي اليمني عن اعتقاده أن الطرفين، الأميركي والخليجي، ما زالا ينتظران «نقلة نوعية في فعل ثورة الشباب ومن ثم سيعلنان موقفهما المؤيد للتغيير وهنا أيضا أسجل أن كلا الطرفين لا يزال يبحث عن تأكيدات لطبيعة السياسات والمواقف اليمنية بعد التغيير من المسار الأميركي والسعودي، خصوصا ويبحث عن الأسماء والشخصيات اللي سيؤول الحكم إليها».

وتصاعدت لهجة المجتمع الدولي تجاه النظام اليمني، حيث كان أبرزها الموقف الأميركي والاتحاد الأوروبي، اللذين طالباه بنقل السلطة سلميا، فيما أعلن عن جهود خليجية لحوار يمني في الرياض. وقابل شباب الثورة في اليمن هذه المواقف بترحيب مشروط في اتجاه المساندة لهم في تحقيق هدفهم برحيل نظام الرئيس علي عبد الله صالح. ورفضت اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية، بصنعاء، في بيان صحافي، أي مبادرة خارجية لا تتضمن تحقيق مطلب رحيل الرئيس. ويقول أمين عبد الواسع الذبحاني من «حركة الأستاذ» إن الجهود الخليجية والأوروبية والأميركية «خطوة إيجابية»، ولكن إن كانت «على أساس رحيل النظام، وأي حوارات لا تتضمن ذلك فنحن نرفضها، ويستحيل أن نعود إلى منازلنا إلا بعد تحقيق مطلبنا». ومن حركة «الحرية والكرامة»، يعتقد محمد الماعطي أنه رغم تأخر المواقف الدولية، فإن ذلك يشكل «عامل ضغط مهما باتجاه الضغط على النظام للرحيل»، ويتفق جميع المعتصمين في «ساحة التغيير» بصنعاء على أن النظام فقد معظم أوراقه وكما تقول الناشطة البتول لـ«الشرق الأوسط»: «لم يعد هناك مجال للمراوغة، لقد استنفد النظام كل أوراقه، محليا وخارجيا، وأي حوار مع أي جهة محليا وخارجيا لا بد أن يكون وفق قاعدة الرحيل الفوري، ونتمنى من أميركا والاتحاد الأوروبي أن يعلنا صراحة على رحيل النظام بشكل فوري لأن مواقفهما ليست واضحة بما فيه الكفاية».

أما فريدة حسن، وهي من المعتصمات في الساحة، فتعتقد أن الموقف الدولي سيجعل النظام أكثر ضعفا بعد أن أوشك على الرحيل. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «نعرف أن الحكام العرب يخشون من الغرب أكثر من شعوبهم، وهم يستجيبون للضغوط الخارجية والدليل عندما اعتذر صالح لأميركا بعد أن اتهمها بإدارة الأزمات في الدول العربية من غرفة في إسرائيل، فيما لم يقدم لشعبه أي اعتذار». أما القيادي في ساحة الاعتصام، البرلماني فؤاد دحابة فيعتبر الموقف الدولي الأخير تجاه اليمن إيجابيا، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «أي موقف يساندنا لتحقيق هدفنا وهو رحيل النظام فهو مرحب به، لأن ذلك يقلل من فرص بقاء نظام الرئيس صالح». ثم يضيف: «أعتقد أن الضغط الدولي يمكن أن يعزز من الضغط المحلي، ولن يستطيع صالح أن يتحمل هذه الضغوط فالوقت ليس في صالحه».