تركيا تنصح القذافي بالرحيل.. وتبحث عن «هدنة» لإطلاق العملية السياسية

مصادر في الخارجية لـ «الشرق الأوسط»: نريد انتقالا سلسا ثم إصلاحات لتداول طبيعي للسلطة

TT

حضت تركيا طرفي النزاع في ليبيا على «إبداء بعض المرونة» في المطالب المتقابلة. واعتبرت مصادر في وزارة الخارجية الليبية أن النتائج الأولية لـ«المحادثات غير المباشرة» التي تجريها أنقرة بين القيادة الليبية والمجلس الانتقالي المعارض «غير مشجعة» حتى الآن.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الطرفين لا يزالان متمسكين بشروطهما مما يعرقل أية تسوية، غير أنها أشارت إلى أن تركيا تأمل في التوصل إلى «هدنة» على الأقل تتيح للجميع البحث في حلول مفيدة للأزمة بعيدا عن سفك الدماء من الطرفين، وتوقف الخسائر في الأرواح والممتلكات بين المدنيين.

وتتوقع تركيا غدا أو بعده وصول وفد من «المجلس الانتقالي» الليبي لمتابعة المحادثات، رغم هذا التعثر، بعد أن كانت استقبلت نائب وزير الخارجية الليبي، عبد العاطي العبيدي، مبعوثا من الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي لإجراء محادثات بشأن شروط عامة لوقف إطلاق النار، وإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية. ولم يسفر اللقاء الذي جمع المبعوث الليبي ووزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو عن نتائج واضحة؛ إذ حرصت الخارجية التركية على تسريب معلومات عن وجود «تصلب لدى الجانبين». غير أن مصادر تركية أبلغت «الشرق الأوسط» أن المبعوث الليبي لمح إلى إمكانية وجود «مخرج للأزمة» يتمثل في تنحي القذافي لصالح ابنه سيف الإسلام الذي سيقوم بإصلاحات جذرية في النظام الليبي تسمح بعملية تداول للسلطة وقيام مؤسسات دستورية ومدنية حديثة، مشيرة إلى أن الشعب الليبي سيقرر بعدها إمكانية بقاء الأخير في السلطة أو مغادرتها. غير أن المصادر نفسها قالت إن المعارضة الليبية أعلمت الأتراك مسبقا أنها ليست مستعدة لأي حل لا يتضمن رحيل القذافي وعائلته من السلطة بشكل نهائي وفوري، مبدية عدم ثقة بكل وعود القذافي.

وقالت المصادر التركية لـ«الشرق الأوسط» إن داود أوغلو سلم العبيدي رسالة مفادها أن بلاده ترى أنه «من المناسب جدا تنحي القذافي في وقت قريب جدا للخروج من الأزمة». وقالت المصادر إن تركيا أبلغت الأخير أن ما يهمها هو الوصول إلى «انتقال سلس للسلطة يليه عمل على تداول طبيعي للسلطة في البلاد».

وكان أوغلو أعلن أن بلاده «ستمضي قدما في بذل قصارى جهدها لإنهاء المعاناة والإسهام في عملية صياغة خريطة طريق تتضمن المطالب السياسية للشعب الليبي».

وأنهى العبيدي جولة عاجلة شملت على التوالي اليونان وتركيا ومالطا، محاولا الترويج لخطة القذافي بعدما أعلن أن بلاده تسعى للتوصل إلى حل سلمى ووقف إطلاق النار.

وقالت مصادر ليبية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن العبيدي أبلغ القذافي في برقية عاجلة قبل عودته إلى طرابلس أن مساعيه باءت بالفشل بسبب اعتراض دول التحالف الغربي على هذه المقترحات.

وأجرى العبيدي محادثات مع رئيس الوزراء المالطي لورانس جونزي تناولت سبل إنهاء الصراع في ليبيا، بعدما أجرى محادثات مع مسؤولين حكوميين في اليونان وتركيا.

وقال جونزي إن مالطا ستشدد على وجهة النظر القائلة إنه يتوجب إنهاء جميع أعمال العنف في ليبيا قبل أن تكون هناك مبادرة للسلام. كما عبر عن «اشمئزازه» بشأن ما حدث في مدينة مصراتة ثالثة كبرى المدن الليبية التي تتعرض للقصف على أيدي قوات القذافي.

ونأت مالطا بنفسها عن الأعمال العسكرية التي أقرتها الأمم المتحدة ضد طرابلس ولكنها أرسلت مساعدات إنسانية إلى مصراتة عن طريق البحر.

كما رفض وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني الذي تباحث مع مسؤولين يونانيين رسالة العبيدي قائلا إن انقسام ليبيا ليس مقبولا وإن على القذافي أن يرحل.

وكان 10 من الجرحى الليبيين قد وصلوا إلى تركيا الليلة الماضية عن طريق طائرة نقل عسكرية تابعة للقوة الجوية التركية آتية من بنغازي. ويوجد ضمن الجرحى طفل، إلى جانب 8 مرافقين و3 أطباء. وتم أيضا نقل 7 من الجرحى الليبيين إلى مستشفى موغلا الحكومي والثلاثة الباقون إلى مستشفى بلدة «فتحية». في حين يتوقع أن تكون وصلت ليلا السفينة «أنقرة» التي انطلقت من ليبيا ناقلة نحو 350 جريحا من مصراتة وبنغازي.

وتعمل تركيا التي عارضت الضربات الجوية الغربية في بداية الأمر، قبل أن تصبح مساهمة في عملية مراقبة الحظر الجوي، على أن تكون وسيطا مقبولا من الطرفين، فهي تحافظ على اتصالات وثيقة بالقذافي، لكنها حولت قنصليتها في بنغازي إلى ما يشبه السفارة التي تجري من خلالها الاتصالات مع المعارضة الليبية.

وكانت أنقرة التي تمتلك علاقات تجارية مميزة مع ليبيا قد أبدت قلقها من التراجع الكبير في صادراتها إلى ليبيا، التي بلغت نسبة 87 في المائة في مارس (آذار) الماضي، كما أعلن وزير الدولة للتجارة الخارجية التركية ظفر تشاغليان أمس، مؤكدا أن التركيز في الوقت الراهن على توضيح الخسائر المالية للشركات التركية المتعاقدة في ليبيا.

وكانت شركات المقاولات التركية قد أقامت مشروعات قيمتها 7 مليارات دولار في ليبيا خلال العامين الماضيين.