المجلس الأعلى للجيش المصري ينفي وجود أي صفقات مع النظام السابق ويؤكد محاسبة كل المفسدين

النيابة تواصل تحقيقاتها مع مسؤولين سابقين مقربين من علاء مبارك.. وتصفهم بـ«عصابة الشيطان»

مصرية تحمل حزمة من الثوم فوق رأسها أثناء سيرها في أحد شوارع حي بولاق الشعبي بالقاهرة أمس (أ.ب)
TT

نفى المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر بشكل قاطع وجود أي صفقات بين النظام السابق والمؤسسة العسكرية، كما نفت النيابة العامة المصرية ما تناقلته بعض وسائل الإعلام والصحف من أن النائب العام المستشار عبد المجيد محمود أبلغ وفد «الفيدرالية الدولية» بأن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك لا يواجه أي تهم جنائية.

وأكد اللواء أركان حرب محسن الفنجري عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة أمام منتدى «الحوار مع طوائف الشعب السكندري» أمس بمقر قيادة المنطقة العسكرية الشمالية بمحافظة الإسكندرية (220 كيلومترا شمال غربي القاهرة)، أن «القوات المسلحة تعمل من أجل صالح شعب مصر العظيم والحفاظ على مكتسباته وأن ذلك ظهر جليا في البيانات الأولى التي أصدرها المجلس الأعلى للقوات المسلحة أثناء ثورة 25 يناير (كانون الثاني) وحتى الآن».

وشدد الفنجري على أن «كل من أفسد في البلاد سيتم محاسبته»، مشيرا إلى أنه صدرت قرارات من المجلس الأعلى للقوات المسلحة فور تسلمه لمهامه بألا تقلع أي طائرة خاصة من دون أوامر أو تعليمات وإلا سيتم ضربها فورا. وقال الفنجري «إن الشعب المصري فوض القوات المسلحة وهى أمانة وطنية لن نتركها حتى تقف مصر شامخة من جديد كعهدها»، مشددا على ضرورة تكاتف كافة فئات وطوائف الشعب للعمل لصالح مستقبل مصر وأجيالها القادمة لاستمرار مسيرة الدولة وتحقيق نهضتها المنشودة التي تليق بسمعتها وتاريخها العريق.

وأضاف الفنجري أن «القوات المسلحة جزء من نسيج شعب مصر العظيم»، مشيرا إلى أن ثورة 25 يناير أظهرت النسيج المصري الأصيل، وداعيا إلى ضرورة العمل نحو التعمير والبناء حيث «إننا ما زلنا في بدايات الثورة ونضع قواعدها لتحقيق النهضة».

من جانبها، نفت النيابة العامة المصرية ما تناقلته بعض وسائل الإعلام والصحف من أن النائب العام المستشار عبد المجيد محمود قد أبلغ وفد «الفيدرالية الدولية» بأن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك لا يواجه أي تهم جنائية.

وقالت النيابة العامة إن التهم الموجهة للمتظاهرين سقطت بسقوط النظام السابق.

وأكد الناطق الرسمي باسم النيابة العامة المستشار عادل السعيد عدم صحة تلك المعلومات جملة وتفصيلا.. مشددا على أن الرئيس السابق محمد حسني مبارك وكافة أفراد أسرته أو أي مسؤول آخر ليسوا فوق المساءلة الجنائية وفقا للقانون، شأنهم في ذلك شأن أي مواطن عادي، وقال «إن النائب العام سبق له أن أصدر قرارا بالتحفظ على كافة أموال وجميع ممتلكات الرئيس السابق وجميع أفراد أسرته داخل البلاد وخارجها سواء الأرصدة المصرفية أو الأسهم أو السندات أو الأموال المنقولة وغيرها، وأنه تمت مخاطبة جميع بلدان العالم في هذا الشأن، ووجد الطلب استجابة من مجلس دول الاتحاد الأوروبي ودول أخرى».

وعلى صعيد متصل، كشف المستشار عاصم الجوهري رئيس جهاز الكسب غير المشروع التابع لوزارة العدل المصرية النقاب عن تعهد أميركا الالتزام بالتعاون الكامل مع مصر في شأن حقوقها المشروعة باسترداد الأموال والممتلكات الموجودة على الأراضي الأميركية، التي تخص الرئيس المخلوع وأفراد أسرته وكبار المسؤولين السابقين، استنادا إلى الاتفاقيات الدولية التي تتعلق بمكافحة الفساد، علاوة على الاتفاقيات الثنائية بين الدولتين في هذا الصدد.

وقال المستشار الجوهري إنه التقى وفدا من وزارة العدل الأميركية أمس، وبحث معهم آليات التعاون لاسترداد الأموال المهربة، مشيرا إلى أن الوفد الأميركي أكد له حرص بلاده على التعاون الكامل والدقيق مع اللجنة القضائية التي شكلها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، كما أكد الوفد تعهد واشنطن بالالتزام الكامل والدقيق باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والمتعلقة باستعادة مثل تلك الأموال لملكية الشعوب، إلى جانب الاتفاقيات الثنائية الموقعة بين مصر وأميركا في هذا الشأن.

وواصل جهاز الكسب غير المشروع تحقيقاته الموسعة في شأن البلاغات والتقارير الرقابية المقدمة إليه والتي تفيد تضخم ثروات مجموعة من كبار المسؤولين السابقين.. حيث استمع الجهاز إلى أقوال ضباط هيئة الرقابة الإدارية بشأن التقارير التي أعدوها حول حجم ثروات وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان.. كما تلقى الجهاز أيضا حصرا جديدا وإضافيا قدمته الرقابة الإدارية بشأن ثروة الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب السابق وصفوت الشريف رئيس مجلس الشورى السابق. وقرر المستشار الجوهري إرسال تلك التقارير إلى محكمة استئناف القاهرة كي يتم ضمها إلى ملف القضية الخاصة بتأييد طلب التحفظ على أموالهما وجميع ممتلكاتهما، إضافة إلى زوجتيهما، ويشمل منعهما من التصرف في تلك الممتلكات.

وكانت الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة بوزارة الداخلية المصرية قد اعتقلت سليمان بقصره في منطقة القاهرة الجديدة بمحافظة حلوان للتحقيق معه في التهم المنسوبة إليه بالتربح وإهدار المال العام. وكان سليمان قد خضع للتحقيق أمام النائب العام المستشار عبد المجيد محمود العام الماضي بتهمة إهدار المال العام والتربح من وظيفته والقيام بعمليات بيع غير مشروعة.

وعلى صعيد قضايا الفساد التي طالت عددا من الوزراء والمسؤولين السابقين، استمعت محكمة جنايات القاهرة أمس إلى مرافعة الادعاء العام في قضية اتهام وزير الإسكان السابق أحمد المغربي، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة «أخبار اليوم» الصحافية القومية السابق محمد عهدي فضلي (محبوسين)، ورجلي أعمال آخرين (هاربين)، بالتربح على حساب المال العام والإضرار العمدي به.. كما استمعت المحكمة (قبل مرافعة النيابة) إلى أقوال 3 شهود كان دفاع المتهمين قد طلبهم وهم إبراهيم سعدة، رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم الأسبق، وجلال دويدار رئيس تحرير جريدة الأخبار الأسبق، وعزت الصاوي مدير شركة «أخبار اليوم للاستثمار».

من جانبه، طالب المستشار محمد النجار رئيس نيابة الأموال العامة العليا ممثل النيابة في القضية بتوقيع أقصى عقوبة مقررة قانونا بحق المتهمين، وإلزامهم برد مبلغ 272 مليونا و95 ألف جنيه تساوي قيمة ما تسببوا فيه من أضرار للدولة، وتغريمهم مبلغا مساويا لمبلغ الرد.. لتؤجل المحكمة القضية إلى جلسة اليوم للاستماع إلى مرافعة الدفاع عن المتهمين.

وعلى مدى ساعة تقريبا استعرض ممثل النيابة العامة الاتهامات الموجهة إلى المتهمين، كل على حدة، كاشفا عن أن مساحة الأرض موضوع القضية (113 فدانا) التي كانت قد خصصت إلى مؤسسة أخبار اليوم لأغراض سكنية للعاملين فيها، وبيعت منها لاحقا لصالح شركة يشارك في ملكيتها الوزير السابق بسعر بخس، استفاد منها علاء مبارك نجل الرئيس المخلوع، كونه أحد المساهمين في ملكية شركة «بالم هيلز».

ووصف ممثل النيابة المتهمين داخل قفص الاتهام (المغربي وعهدي فضلي) بأنهما كانا ضمن منظومة النظام السابق الذي دأب على خيانة العهد وإفقار البلاد والاستيلاء على المال العام، متهما علاء مبارك بـ«اللصوصية».

وشنت النيابة هجوما حادا على المتهمين ووصفتهم بأنهم «عصابة الشيطان وجنده وأعوانه تولوا هذا الأمر بغير حق وأدركوا ذلك فكانوا لغير الحق مطيعين وبالباطل متمسكين»، مشيرا إلى أن المغربي تولى وزارة الإسكان وهو غير مؤهل علميا لهذا المنصب إذ أنه من غير خريجي الهندسة.

وقال المستشار النجار «إن مصر تولى مقاليد السلطة فيها مجموعة من المماليك اللصوص وكأن التاريخ يعيد نفسه.. فأفرز هذا الزمن الطبال الذي يتولى منظومة العمل السياسي في مصر.. والوزيرة الحاصلة على الإعدادية.. ووزير النقل الحاصل على دبلوم نسيج».

وأشار ممثل النيابة إلى أن علاء مبارك انتهج أسلوب «اللصوصية والتخفي» بغية المساهمة في شركة «بالم هيلز» للاستثمار العقاري ليحصل على محفظة عقارية من أراضي هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة (ممثل وزارة الإسكان في إبرام التعاقدات على أراضي الدولة) على امتداد 23 مدينة في ربوع الجمهورية.