اليمن: السلطة والمعارضة تتسلمان دعوات خليجية.. و«شباب الثورة» يصرون على تنحي الرئيس

سكرتير الرئيس صالح لـ«الشرق الأوسط»: الدعوة تدرس ويجب مشاركة «شباب الثورة» في الحوار

يمني يطلق شعارات تطالب برحيل الرئيس صالح في احدى مظاهرات الاحتجاج المستمرة في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

تسلمت أطراف الأزمة اليمنية، أمس، دعوات رسمية من قبل دول مجلس التعاون الخليجي للمشاركة في حوار سياسي لإنهاء الأزمة، يفترض أن تحتضنه العاصمة السعودية الرياض، في وقت تتواصل فيه المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام.

واستقبل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح سفراء المملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان ودولة قطر الذين سلموا إليه قرار الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي بدعوة الحكومة اليمنية وأحزاب المعارضة إلى الاجتماع في الرياض من أجل «إجراء مباحثات تكفل الخروج من الأزمة الراهنة والحفاظ على أمن واستقرار اليمن ووحدته».

ونقلت مصادر رسمية عن صالح، خلال اللقاء، ترحيبه مجددا بالوساطة الخليجية وحرصه على «الحوار الجاد والبناء لتجاوز الأزمة وتداعياتها»، وتأكيده على أن «أمن اليمن واستقراره جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار أشقائه في منطقة الخليج والجزيرة العربية»، وكان لافتا أن الرئيس صالح وعند استقباله للسفراء الخليجيين لم يكن يلبس «رابطة عنق»، كما هو معمول «بروتوكوليا» في اليمن، ونفس الحال مع كبار المسؤولين اليمنيين الذين كانوا حاضرين اللقاء، مثل نائب رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، ورئيس الوزراء الدكتور علي محمد مجور، والمستشار السياسي للرئيس الدكتور عبد الكريم الإرياني، وكذلك السكرتير الخاص للرئيس عبده بورجي. وفيما علمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية مطلعة في صنعاء أن جولة المباحثات بين السلطة والمعارضة في اليمن، ستعقد في بحر الشهر الحالي في الرياض، قال مسؤول يمني إن الدعوة التي تسلمتها القيادة اليمنية، أمس، هي «قيد الدراسة حاليا وتدرس مكوناتها وبنودها». وأضاف أحمد الصوفي، السكرتير الصحافي للرئيس علي عبد الله صالح لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس يرحب بأي نوع من الوساطات التي من شأنها أن «تعقل أداء أحزاب اللقاء المشترك وترفع من مستوى حرصهم على الاستقرار العام»، وردا على سؤال بشأن تحديد الدعوة لعدد الأشخاص الممثلين للسلطة والمعارضة في الحوار، قال الصوفي إن قضية الحوار تشمل «خارطة مكونات الحوار نفسه، أي الأطراف المشاركة، لأن هناك الكثير من القوى السياسية هي أطراف في المسألة اليمنية، كما أن هناك أطرافا جديدة كالشباب في الساحات، إضافة إلى أحزاب التحالف الوطني وغيرهم»، وأكد الصوفي أن «شباب الثورة» يفترض أن يكونوا «بروتوكوليا» في «المقدمة» لأنهم في الساحة، وأن المعارضة التحقت بهم، لأن الحوار، حسب قوله، «يتجاوز المؤتمر الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك».

وتسلمت المعارضة اليمنية، أيضا، دعوة من دول «التعاون» للمشاركة في مباحثات الرياض، حيث التقى سفراء الدول الخليجية الثلاث أمناء عموم أحزاب «اللقاء المشترك»، وضمنيا أبدت المعارضة موافقتها على المشاركة في المباحثات، وقال محمد قحطان، الناطق باسم المشترك لـ«الشرق الأوسط» إن «الجهود التي يقوم بها الأشقاء، هي جهود بناءة تصب في صالح الشعب اليمني ولا يمكن أن يأتي للعشب اليمني من أشقائه إلا كل خير»، وردا على سؤال بشأن رفض «شباب الثورة» أية مبادرات لا تنص على التنحي الفوري للرئيس علي عبد الله صالح وموقف المعارضة من هذا الطرح، قال قحطان إن «شباب الثورة هم اليوم مركز الثقل في القرار السياسي ولا يمكن أن تتخذ أية جهة أي موقف لا يعبر عن تطلعاتهم وإرادتهم»، وتجنب محمد قحطان الحديث عن تفاصيل المساعي الخليجية وموعد المباحثات في الرياض، وقال إنها «قضايا ترتبط أو تتصل بطبيعة العمل الدبلوماسي والأعراف الدبلوماسية».

وحول آخر مواقف المعارضة من التطورات الميدانية وتحديدا ما يجري في محافظة تعز من قمع مظاهرات غاضبة، قال ناطق المشترك لـ«الشرق الأوسط» إن محافظة تعز تعيش «في حالة عصيان مدني شامل». وأضاف «نحن في اللقاء المشترك وشركائه أطلقنا نداء إلى المجتمع الدولي وإلى أشقائنا وأصدقائنا وقلنا لهم بصريح العبارة: إن المجتمع المدني في اليمن يذبح اليوم وإن المطلوب هو استخدام الآليات الدولية لإيقاف المجازر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، وما زلنا نكرر هذا النداء».

وأعلن «شباب الثورة» في ساحات «التغيير والحرية» أنهم مع أي مبادرة أو حوار، ولكن على أساس «الرحيل الفوري» للرئيس صالح ونظامه، قبل الشروع في أي حوار.

وخرجت صباح ومساء أمس، مظاهرات حاشدة في العاصمة صنعاء ومدن الحديدة، تعز وعدن وغيرها من المحافظات، للمطالبة بإسقاط النظام ورحيل الرئيس علي عبد الله صالح وأفراد عائلته وأقاربه عن السلطة، وللتنديد بقمع المتظاهرين في أكثر من محافظة وتحديدا ما تعرض له المتظاهرون والمعتصمون في محافظتي تعز والحديدة الأيام القليلة الماضية من قمع وهجمات لقوات الأمن ومجاميع «البلطجية»، حسبما باتوا يعرفون بذلك، وخرجت مظاهرات نسائية حاشدة في الحديدة والمكلا، وواصلت قوات الأمن قمع المتظاهرين، وأصيب ما لا يقل عن 4 متظاهرين في عدن جراء استنشاق الغاز السام عندما فرقت قوات الأمن مسيرة بالقوة سيرها طلاب جامعة عدن، وأخرى مسائية قمعت أيضا.

وفي مدينة تعز، قامت قوات الحرس الجمهوري التي يقودها النجل الأكبر للرئيس صالح، العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح، بانتشار واسع وإجراء تعزيزات أمنية حول القصر الجمهوري ومبنى المحافظة والإذاعة والبنوك وغيرها من المنشآت الحيوية، وذلك خشية أن تتعرض لمحاولة اقتحام من قبل المتظاهرين، وأكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن المدينة شهدت ما يشبه العصيان المدني الشامل، فجميع المحال التجارية والمصالح الحكومية أغلقت، إلى جانب توقف وسائل المواصلات العامة والخاصة.