عبد العاطي العبيدي.. رجل تطبيع العلاقات بين ليبيا والغرب

نال ثقة القذافي بعد انشقاق رجاله عنه

TT

مع استقالة موسى كوسا من منصبه كوزير للخارجية الليبية، وانشقاقه عن نظام العقيد الليبي معمر القذافي وفراره إلى بريطانيا، لم يجد الأخير سوى اسم عبد العاطي العبيدي لكي يعطي له ثقته بعد انشقاق غالبية رجاله عنه، واحدا تلو الآخر، ليكون العبيدي لسان حال الخارجية الليبية خلال المرحلة المقبلة.

والعبيدي كان نائبا لوزير الخارجية الليبي مكلفا الشؤون الأوروبية، وشغل منصب رئيس الوزراء في أواخر عقد السبعينات من القرن الماضي ولمدة عامين (1979 - 1981)، وأمين المؤتمر الشعبي العام (رئيس البرلمان)، وأمين الشؤون الأوروبية وأميركا الشمالية باللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي، كما تولى منصب المندوب السامي الليبي (سفير) في عواصم غربية وعربية أبرزها روما وتونس.

ويعد العبيدي أيضا أمين أول لجنة شعبية عامة عام 1977 والتي عرفت باسم (أمانة العبيدي).

ولد العبيدي في مدينة الجبل الأخضر عام 1939، وانخرط في العمل السياسي بعد قيام «ثورة الفاتح» عام 1969، وكان من أوائل المدنيين الذين انضموا للنظام الجديد. ويتحدر العبيدي من قبيلة «العبيدات» المتمركزة في المنطقة الشرقية، والمنخرطة في العمل السياسي، وهي إحدى قبائل الثورة في ليبيا التي لعبت دورا في تحرير البلاد من الاستعمار الإيطالي مع الشيخ عمر المختار. أما فيما يخص حياته الشخصية فهو متزوج من هند حامد العبيدي، وله منها أربعه أبناء هم حامد ونور العيون وحمزة ونيروز.

ويعكس تاريخ العبيدي أنه صاحب دبلوماسية خاصة في تقريب وجهات النظر، ومقدرة على تحسين علاقات ليبيا مع الدول الغربية والعربية، فمع اختياره في يوليو (تموز) 2010 سفيرا لبلاده في تونس (وكان قد عمل سفيرا في تونس لأول مرة في أواخر عقد الثمانينات من القرن الماضي، وغادرها مع مطلع التسعينات)، رأى مراقبون أن عودته إلى تونس مرة أخرى تعكس رسالة قوية على رغبة القذافي في تحسين علاقات بلاده الثنائية مع تونس.

ثم برز تأثير دور العبيدي عندما فرغه النظام الليبي للمشاركة في المفاوضات بين طرابلس وعواصم العالم الرئيسية، والتي أدت خلال السنوات الماضية إلى تطبيع العلاقات بين ليبيا والغرب، حيث لعب دورا بارزا في هذه المفاوضات بوصفه «كبير المفاوضين الليبيين»، وهي المفاوضات التي أدت إلى إنهاء العقوبات الدولية في حق ليبيا سنة 1999، والتي كان قد تم فرضها في أعقاب تفجير طائرة مدنية أميركية فوق قرية لوكربي والتي عرفت بـ«قضية لوكربي». ومنذ أيام ذهب العبيدي كمبعوث للعقيد القذافي في جولة خارجية لمناقشة حلول للأزمة في ليبيا، والتي شملت اليونان وتركيا ومالطا، حيث طار أولا إلى اليونان لكي يسلم رسالة من القذافي لرئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو، قائلا بعد تسليمها «ليبيا تريد حلا لإنهاء القتال»، وهو ما أكده أيضا في أنقرة. لكن رحلته هذه لم تمر مرور الكرام، ولم يدعها المراقبون والمحللون السياسيون تمر بسلام؛ فمع قيام العبيدي بالسفر الأحد الماضي إلى اليونان على متن طائرة انطلقت به من مطار جربة جرجيس الدولي التونسي بجزيرة جربة الواقعة على بعد نحو 500 كلم جنوب تونس العاصمة، بعد أن دخل البلاد عبر بوابة رأس جدير الحدودية المشتركة، خرجت الأصوات لترجح انشقاقه عن نظام القذافي على غرار انشقاق شخصيات ليبية بارزة مثل سابقه وزير الخارجية موسى كوسا، ومصطفى عبد الجليل وزير العدل رئيس المجلس الانتقالي حاليا، وعبد الفتاح يونس وزير الداخلية، وعبد الرحمن شلقم وزير الخارجية الأسبق.

لكن جاءت كلمات وكيل وزارة الخارجية الليبي خالد الكعيم مساء أول من أمس الثلاثاء في مؤتمر صحافي بالعاصمة طرابلس لتفند تلك الشكوك والترجيحات، بعدما أعلن بكلمات موجزة أن «السيد عبد العاطي العبيدي هو الوزير الجديد للخارجية».