بعد محافظ درعا.. الأسد يعفي محافظ حمص من منصبه

بعد خروج سكانها في تظاهرات احتجاج ومطالبات بإقالة «الوالي» بسبب انتشار الفساد

إياد غزال
TT

أصدر الرئيس السوري بشار الأسد أمس مرسوما يقضي بإعفاء محافظ حمص إياد غزال من منصبه، والذي كان يلقبه الأهالي بـ «والي حمص» في إشارة إلى صلاحياته الواسعة التي يتمتع بها دون سائر زملائه من المحافظين، ويرد ذلك إلى ما يقال عن علاقة الصداقة الشخصية التي تربطه بالأسد.

ومع أن أنباء إقالة إياد غزال سرت منذ نحو أسبوعين على خلفية التظاهرة الاحتجاجية الكبيرة التي شهدتها مدينة حمص في 25 من الشهر الماضي، فإن المرسوم صدر يوم أمس لينهي نحو 6 سنوات قضاها في منصبه بدءا من مطلع العام 2005، عانى فيها أهالي المحافظة من إجراءات تعسفية كانت حكرا على المحافظة، زادت أثرياءها الجدد ثراء وعمقت معاناة فقرائه، وصغار تجارها من الطبقة الوسطى.

وعرف عن غزال تبنيه لمشاريع ضخمة تراعي المتطلبات الحديثة للمدن الكبرى والحياة العصرية دون أي اعتبار للواقع المعيشي وطبيعة التركيب السكاني في المحافظة. وبدأت الشكاوى من طريقة إدارته بعد ثلاثة أشهر من تسلمه منصبه كمحافظ، حيث استغاث نواب من حمص برئيس مجلس الشعب ورئيس الحكومة وحتى رئيس الجمهورية لوضع حد لصلاحياته المطلقة، والتي وصلت حد تهديد أحد أعضاء مجلس الشعب بتجريده من الحصانة، وطالبوا بالتحقيق معه. ومع ذلك استمر غزال في منصبه، ودخل في تصنيف مجلة «أرابيان بزنس» قائمة أقوى 100 شخصية عربية في العالم. كما احتل المركز 14 من بين الشخصيات الأقوى المائة من العرب على مستوى عالمي. وقد ارتبط اسمه «بمشروع حلم حمص»، الذي سيقلب حياة حمص - حسب غزال - رأسا على عقب وسيحولها إلى نموذج للمدينة العصرية بكل شارع من شوارعها. بحسب أهالي مدينة حمص ارتبط اسمه «بكابوس حمص» الذي سيقلب حياتهم رأسا على عقب وسيقضي على محالهم التجارية ومنافذ عيشهم ويشردهم مع عائلاتهم. حتى إنهم وكمدينة شهيرة بالنكات أشاعوا أنهم يقضون الليل يجوبون بسياراتهم في محيط منزل المحافظ مع الأنوار الكاشفة وإطلاق أبواق السيارات لمنع المحافظ من النوم كي لا يحلم.

وفي السنوات الأخيرة، زادت الأحاديث عن فساد يسري في محافظة حمص ويفوح من غالبية مشاريعها وإجراءاتها، إلى حد دفع الحماصنة للخروج في مظاهرة تناصر درعا وتطالب بإسقاط المحافظ، أسوة بمحافظ درعا.

يشار إلى أن إياد غزال حاصل على إجازة بالهندسة الميكانيكية من جامعة حلب، وهو ابن لعائلة حلبية متوسطة الدخل، وأصبح لاحقا من الأثرياء، وهو ابن أخ الراحل اللواء زهير غزال الذي شغل أمين عام رئاسة الجمهورية العربية السورية. وبعد تخرجه التحق بالعمل لدى مؤسسة الإسكان العسكرية ومن ثم إلى بلدية حلب. أدى الخدمة العسكرية الإلزامية في الحرس الجمهوري مفرغا لدى المكتب الهندسي برئاسة الجمهورية وبعد نحو ستة أشهر من التحاقه بالقصر الجمهوري تم نقله إلى القصر الجمهوري بحلب ليكون المسؤول عن القسم الهندسي والصيانة، وبعد إنهائه الخدمة العسكرية نقل من ملاك وزارة الإدارة المحلية محافظة حلب إلى ملاك رئاسة الجمهورية. وعين لاحقا مديرا للقصر الجمهوري بحلب. وفي عام 1999 تم تعيينه مديرا عاما لمؤسسة الخطوط الحديدية السورية التي كانت تعد أكبر وأضخم المؤسسات الاقتصادية إنتاجيا وخدميا، وإلى جانب عمله الجديد احتفظ بمنصب مدير القصر الجمهوري بحلب. وفي عام 2005 تم تعيينه محافظا لمدينة حمص، إلا أن ذلك لم يمنع الشائعات والقصص الكثيرة التي راجت عن فساد في مؤسسة الخطوط الحديدية أثناء إدارته لها. وفي الوقت ذاته كانت تروج التكهنات بأنه سيشغل منصب وزير أو رئيس حكومة. وهو أمر لا يستبعده السوريون نظرا لما كان يتمتع به المحافظ من صلاحيات وإطلاق يد.

ويأتي إعفاء محافظ حمص في سلسلة من الخطوات قام بها الرئيس الأسد استجابة لمطالب شعبية مثل إعفاء محافظ درعا، والتحقيق بالأحداث التي شهدتها درعا واللاذقية، وتحسين الوضع الخدمي والمعيشي للمواطنين السوريين وغيرها.