غموض حول الوضع في أبيدجان.. ووتارا يدعو الأمم المتحدة للتدخل

فرار مئات المدنيين.. وغباغبو يدعو «لمقاومة» الجيش الفرنسي

TT

اتسم الوضع في أبيدجان، أمس، بالغموض غداة قصف على الفندق الذي يتحصن فيه الحسن وتارا، الرئيس المعترف به دوليا، الذي طلب محاموه من الأمم المتحدة وباريس «القضاء» على قوات لوران غباغبو. وفر مدنيون صباح أمس من محيط فندق غولف، قرب حي كوكودي (شمال) حيث يتحصن وتارا وحكومته منذ اندلاع الأزمة التي تلت الانتخابات الرئاسية منذ أكثر من 4 أشهر.

وقد تعرض فندق غولف، الذي يحظى بحماية القوات الدولية، بعد ظهر أول من أمس، لقصف بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، خصوصا بقذائف هاون، في هجوم نفى معسكر الرئيس المنتهية ولايته لوران غباغبو مسؤوليته عنه. وقال شهود من الحي إنهم شاهدوا ما بين 200 و300 شخص يفرون من الحي. وقالت امرأة من سكان الحي: «ما إن انتهت (المعارك) حتى بدأ الناس يحزمون أمتعتهم، إنهم يرحلون مع أمتعتهم». وأضافت: «شاهدنا هذا الصباح (الأحد) سيارات رباعية الدفع فيها رجال مسلحون تدخل المنطقة» من دون أن توضح إلى أي معسكر ينتمون. وتابعت: «هذا الصباح سمعنا بعض الأعيرة النارية، ربما كانت أعيرة تحذيرية». لكن موظفا في فندق غولف قال إن «الليلة كانت هادئة»، مؤكدا أن «الموظفين الذين وضعوا في مكان آمن استأنفوا العمل بعد السادسة مساء (بالتوقيتين المحلي وغرينتش) ولا شيء يذكر هذا الصباح»، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

وأعلنت قوات الأمم المتحدة في ساحل العاج أن جنودها الذين يتولون حماية فندق غولف ردوا على هجوم استهدف الفندق واستهدفوا مصدر النيران. غير أن أهوا دون ميلو، المتحدث باسم غباغبو، نفى بشدة مهاجمة معقل وتارا. ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية قوله: «هذا غير صحيح إطلاقا. لم يحصل هجوم على (فندق) غولف»، واصفا الحادث بأنه «هجوم وهمي». وأضاف: «هذا أمر مفبرك، لم يحصل إطلاق نار من مقر الرئيس غباغبو على (فندق) غولف، حصلت مواجهات محدودة في منطقتي ريفييرا 2 و3 (في الحي نفسه شمال أبيدجان)، بعيدا عن (فندق) غولف». وتابع المتحدث أن الاتهامات التي وجهتها قوات الأمم المتحدة عن هجوم على مقر وتارا تثبت «انحياز قوات الأمم المتحدة في ساحل العاج، التي، بالتواطؤ مع قوات ليكورن (الفرنسية)، تحضر حتما لهجوم ثان» على موقع غباغبو الذي هاجمته ليل الرابع من أبريل (نيسان) الحالي.

كما نشر المتحدث نداء وجهه لوران غباغبو لمقاومة القوات الفرنسية. وقال أهوا دون ميلو: «إن الرئيس غباغبو يدعو إلى المقاومة ضد القصف والإجراءات التي يتخذها الجيش الفرنسي في ساحل العاج؛ لأنه في النهاية الجيش الفرنسي هو الذي يهاجمنا». وأضاف أن «قواتنا في طور إعادة تشكيل نفسها بعد أن تعرضت لهجوم وحشي من المتمردين المدعومين من الأمم المتحدة وقوات ليكورن» الفرنسية المتمركزة في مطار أبيدجان، جنوب المدينة.

ونشر محاميا وتارا الفرنسيان، جان بول بنوا وجان بيار مينيار، أمس، في باريس، وثيقة تحض الأمم المتحدة وفرنسا على «القضاء من دون تأخير على الأسلحة الثقيلة والسيطرة على عناصر الميليشيات العاملة لحساب غباغبو، التي تمثل قوة احتلال غير شرعية، وتسليم المرشح المهزوم للعدالة». وأوضح المحامي بنوا أن الوثيقة التي تم نقلها إلى الرئاسة الفرنسية والأمم المتحدة، كتبت بمبادرة من المحاميين لكن «مع موافقة وتارا» الذي حصل على الوثيقة. وبحسب المحاميين، فإن تدخلا مماثلا يتلاءم مع «نص وروح القرار 1975 الصادر عن مجلس الأمن» في 25 مارس (آذار) الماضي، الداعي خصوصا إلى استخدام «جميع التدابير اللازمة» لحماية المدنيين ومنع استخدام الأسلحة الثقيلة ضد المدنيين.

واعتبرت وزارة الخارجية الأميركية، أول من أمس، أن مساعي غباغبو للتفاوض خلال الفترة الأخيرة «لم تكن سوى حيلة لتجميع قواته وإعادة تسليحها». كما قالت حكومة وتارا، أول من أمس في بيان، إن القوات الجمهورية الموالية له تواصل التقدم من حي إلى آخر بهدف إعادة الوضع إلى طبيعته في العاصمة العاجية. واتهمت الحكومة معسكر غباغبو «بزج شبان مدججين بالسلاح في المعركة أملا في تقويض عملية التهدئة». وتقاتل قوات غباغبو بشراسة في معاقلها، في حين تعمل قوات وتارا على تأمين باقي أنحاء العاصمة التي كان يعيش فيها 4 ملايين شخص في بداية المعارك في 31 مارس، والتي تعيش وضعا مأسويا.

واتهمت منظمة هيومان رايتس ووتش، أول من أمس، قوات كل من الحسن وتارا وغباغبو بارتكاب مجازر في غرب ساحل العاج، مؤكدة أن لديها أدلة تثبت تلك الفظاعات التي سبق أن أدانتها الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية. وفي تقرير نُشر في نيويورك أكدت المنظمة أن قوات الرئيس الحسن وتارا المعترف به دوليا قتلت واغتصبت مئات الأشخاص وأحرقت قرى نهاية الشهر الماضي في غرب ساحل العاج.