سجن طرة.. من محبس للإسلاميين إلى مقر لإقامة المسؤولين السابقين

يستقبل نزلاءه بـ«بودرة التطهير».. وعلاء وجمال مبارك انضما إليه

مدرعة وحراس أمام سجن مزرعة طرة بجنوب القاهرة أمس (رويترز)
TT

استحوذ سجن «طرة» بجنوب القاهرة على اهتمام المصريين منذ سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك، بسبب تحوله إلى مقر لإقامة عدد من كبار المسؤولين السابقين الذين قررت النيابة العامة حبسهم احتياطيا على ذمة القضايا المتهمين فيها، والتي تتنوع ما بين اتهامات بالفساد المالي والقتل والتحريض عليه واستغلال النفوذ والتربح بطريق غير مشروع.

المثير أن «طرة الكتاب» في اللغة العربية تعني حاشيته، أما «طرة» التي يعرفها المصريون فضمت حاشية مبارك، بدءا من أحمد المغربي وزير الإسكان السابق وزهير جرانة وزير السياحة السابق وأحمد عز أمين التنظيم السابق بالحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم سابق) وحبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق، ومرورا بأنس الفقي وزير الإعلام السابق، وأربعة من مساعدي وزير الداخلية الأسبق يحملون رتبة اللواء، وإبراهيم سليمان وزير الإسكان الأسبق، وأحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء الأسبق، وصفوت الشريف رئيس مجلس الشورى السابق، وأخيرا وليس آخرا علاء وجمال مبارك نجلا الرئيس المخلوع.

ورغم أن سجن «طرة» طالما اشتهر بسوء المعاملة وتعذيب نزلائه، الذين كان أغلبهم من الإسلاميين على اختلاف تياراتهم، فإنه تحول بعد دخول المسؤولين السابقين خلف أسواره إلى شيء آخر، مع أن إدارة السجن تصر على تطبيق القواعد العامة على هؤلاء الكبار، سابقا، من تسليم متعلقاتهم الشخصية من هواتف ونقود وغيرها، ورش بودرة التطهير عليهم فور دخولهم السجن، والتشديد على ارتدائهم ملابس الحبس الاحتياطي البيضاء، والانتقال من وإلى جهة التحقيق وهم مكبلون بالقيود الحديدية «الكلبشات» وفي سيارات الترحيلات التي يركبها بقية السجناء. ولعل الاستثناء الوحيد الذي منحته لهم إدارة السجن هو الزنازين الانفرادية خشية فتك السجناء بهم في حال وضعهم في عنابر جماعية.

وبمجرد دخول هؤلاء المسؤولين إلى سجن طرة، بدأ المصريون في إطلاق التسميات الساخرة على السجن، ومنها «بورتو طرة» و«طرة لاند» ومنتجع «طرة فارم»، نسبة إلى مشاريع سكنية ومنتجعات فاخرة أسسها رجال أعمال مقربون من النظام السابق، وتندر البعض بأنه يضم تشكيلة حكومية كاملة واقترح البعض أن يشكل السجناء «حكومة موازية».

وتضم منطقة سجون طرة 7 سجون ويحيط بكل سجن سور ويحيط بالمنطقة كلها عدة أسوار وأطواق أمنية تتغير على مدار اليوم، ومع آخر ضوء في النهار تغلق أبواب السجن ولا يسمح بدخول أو خروج أي شخص منه إلا بعد إجراءات إدارية وأمنية. وتفتح أبواب الزنازين في الثامنة صباحا وتغلق في الخامسة مساء. ومن أشهر سجون طرة، سجن استقبال طرة الذي يضم 3 عنابر أ، ب، ج، إضافة إلى عنبر التأديب، وبها ما يزيد على 1600 معتقل، ويتميز العنبران «أ» و«ب» بأنهما متعددو الطوابق ويضمان الزنازين الفردية في الدور الأول والجماعية في باقي الأدوار، ويتكون عنبر «ج» حديث البناء من دور واحد مبني بالخرسانة المسلحة، وهو عديم التهوية ويسمى عنبر شديد الحراسة.

كما تضم منطقة سجون طرة أيضا «مستشفى ليمان طرة» وهو عبارة عن عنبر منفصل مساحته 30م×20م وينقسم عنبر المستشفى إلى دورين منفصلين، يخصص الأول للسجناء الجنائيين، والثاني للسجناء السياسيين. وهناك أيضا سجن شديد الحراسة يبعد نحو كيلومترين من باب السجن.

أما سجن ملحق المزرعة، الذي يقضي به المسؤولون السابقون فترة الحبس الاحتياطي، فيضم 320 زنزانة مقسمة إلى 4 عنابر، يضم كل عنبر 80 زنزانة على شكل حرف H، ومساحة الزنزانة 2.5م×3م وارتفاعها 3.5م وبكل زنزانة شباك طوله وعرضه 90سم×80سم وارتفاعه عن الأرض 2.5م ويطل الشباك على طرقة مسورة أعلاها سقف خرساني، ويوجد بالسور فتحات على ارتفاع 3 أمتار من سطح الأرض يدخل منها الهواء والشمس بطريقة غير مباشرة، وللزنزانة باب حديدي ارتفاعه 2م وعرضهم واحد وبه فتحة على ارتفاع 1.5م طولها وعرضها 25×15سم بداخل كل زنزانة كشاف كهربائي به لمبة 100 وات ويتم التحكم في إضاءتها عن طريق غرفة التحكم الخارجية. وكي يحافظ السجناء على لياقتهم البدنية هناك مكان مخصص للتريض عبارة عن قطعة أرض خرسانية مغطاة بالرمال على شكل حرف L وتقع في مؤخرة الزنازين وهي خاصة بعشرين زنزانة ومساحتها 25م×15م، وهي مخصصة للحبس الانفرادي. وعن سجن طرة، يقول الدكتور طارق الزمر القيادي بالجماعة الإسلامية الذي قضى فيه فترة من عقوبته في قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات «سجن طرة من أفخر سجون مصر، أرضيته مكسوة بالسيراميك على عكس بقية السجون المصرية التي يغطي أرضيتها الإسفلت».

وأضاف الزمر «سمحت إدارة السجن بدخول التلفزيونات في عام 2004، وتقتصر المشاهدة فيه على القنوات الأرضية الحكومية، وهذا هو أقصى ما هو مسموح به داخل السجن من وسائل ترفيه».

وأشار الزمر إلى أنه شهد خلال وجوده في السجن دخول أول 3 وزراء سابقين وهم أحمد المغربي وزهير جرانة وحبيب العادلي بالإضافة إلى أحمد عز، مؤكدا أن معاملتهم من قبل إدارة السجن كانت عادية ومتساوية مع معاملة بقية السجناء، إلا أنه قال: «كانوا (المسؤولون السابقون) لا يخرجون من زنازينهم مطلقا وكانوا فقط يخرجون للذهاب للتحقيق».