احتجاجات سورية: «14 آذار» ترفض التدخل.. و«8 آذار» تلتزم الصمت

نائب عن الكتائب لـ «الشرق الأوسط»: إن كان من ربيع سوري آت فليكن صناعة محلية

TT

تراقب الساحة اللبنانية بكثير من الحذر والقلق الاضطرابات التي تشهدها بعض المدن السورية، ولا تملك القوى السياسية اللبنانية بمختلف أطيافها وانتماءاتها سوى التمسك بشعار «رفض التدخل في شؤون سورية الداخلية»، لدى سؤالها عن قراءتها للوضع السوري الداخلي.

وبدا لافتا أن مواقف قوى 8 آذار، وتحديدا حزب الله، لما يجري في سورية، جاءت مختلفة كليا عما كانت عليه في مقاربتها لحركة الاحتجاجات والثورات الشعبية في الدول العربية، على الرغم من أن دوافع الشعوب العربية هي عينها من تونس حتى سورية، وتتعلق بتحسين الظروف المعيشية وخلق فرص عمل وإطلاق الحريات والتخفيف من القمع والاضطهاد وترسيخ قيم الديمقراطية ومحاربة الفساد.

وإذا فضلت قوى 14 آذار عدم التعليق على الموضوع، متمسكة برفضها «التدخل في الشؤون السورية الداخلية»، فإن قوى 8 آذار لاذت بالصمت. وفي حين أطلق أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله خطابات «نارية» في ما يتعلق بتونس ومصر والبحرين وليبيا واليمن. مؤكدا دعم حزب الله لتحركات الشعوب العربية وانتفاضاتها، إلا أنه لم يتطرق للشأن السوري على الإطلاق في إطلالته الأخيرة السبت الماضي، بالتزامن مع تأييد بعض النواب والوزراء في «8 آذار» لنظرية «المؤامرة ضد سورية».

ومن المؤكد أنه سيكون للتحركات التي تشهدها سورية انعكاساتها على الوضع اللبناني، وفي هذا السياق، يوضح المحلل السياسي علي الأمين أن «أي تطور سياسي في سورية سيكون له تأثيره على ما يجري في لبنان». لافتا إلى أنه «مما لا شك فيه أن سورية دائما كانت ولا تزال قادرة اليوم على ترجيح كفة فريق على حساب فريق آخر».

وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحد الأدنى الذي يمكن أن يحصل في سورية هو الاكتفاء بتطبيق الإصلاحات الموعودة، في حين أن الحد الأقصى هو الوصول إلى مرحلة تغيير النظام». موضحا في ما يتعلق «بموضوع الإصلاحات الداخلية أن سورية مضطرة اليوم لإجرائها مع ما يعنيه ذلك من دخول فئات جديدة إلى السلطة، مع وجود غالبية سنية تعتبر نفسها اليوم خارج الحكم».

ولاحظ الأمين أن «سورية اليوم تسعى لإيجاد توازن بين علاقتها مع إيران وعلاقتها مع باقي الدول العربية لا سيما السعودية وتركيا». معتبرا أن «سورية اليوم عاجزة عن افتعال أي إشكال مع أي طرف عربي أو تركي». ورأى أن «سورية مضطرة اليوم إلى التعامل مع الوضع اللبناني بأقل حدة مما كانت عليه في السابق، وهي بحاجة إلى أن تشعر بأن علاقاتها مع كل الأطراف اللبنانية إن لم تكن بمعظمها جيدة لكنها ليست سيئة». ويستدل الأمين على هذه الوضعية السياسية من خلال تراجع الحديث على سبيل المثال عن ملف شهود الزور. موضحا أن «منشأ ذلك ليس لبنانيا فقط بل سوري أيضا، انطلاقا من أن سورية لا تريد اليوم افتعال انقسام لبناني وتشكل طرفا في واجهته».

وأعرب نائب رئيس حزب الكتائب اللبنانية الكاتب السياسي سجعان القزي عن قناعته بأن «أحداث سورية كانت منتظرة بحكم طبيعة النظام من جهة وبحكم كون الشعب السوري تاريخيا كالشعب اللبناني يتوق إلى العيش بحرية، فضلا عن أن السوريين كما اللبنانيين علقوا آمالا كبيرة على حكم الرئيس بشار الأسد وتوقعوا أن يكون متحمسا للتغيير الحقيقي وتطوير النظام أكثر من والده الذي ينتمي إلى جيل التوجس من الانقلابات وإلى مدرسة عسكرية لا مدنية».

ورأى أن «خطأ الأسد تجلى في إجرائه إصلاحات اقتصادية ناجحة من دون أن يقرنها بإصلاحات سياسية، انطلاقا من عدم قناعته بمتانة حكمه بعد غياب والده». لافتا إلى أن «كل ذلك جعل الأسد يشعر بأن نظامه في خطر، فزاد الانقلاب على أن يخرق الجدار الأمني للنظام نحو الانفتاح والإصلاحات، كما اتبع سياسة تمثلت في إطلاق الحريات الدينية أكثر من السياسية، ظنا منه أن بإمكانه احتواء المد الديني لا سيما السني، لكن تبين له أن سياسة التساهل الديني أدت إلى ما أدت إليه مؤخرا».

وشدد قزي على «أننا نجافي الحقيقة إذا اعتبرنا أن ما يحصل هو ثورة شعب يبحث عن الحرية ونجافيها إذا اعتبرنا كل ما يجري مشروع مؤامرة وفتنة لأن ما يجري هو الاثنان معا». وشدد قزي على أنه «على اللبنانيين، إلى أي طرف انتموا، أن لا يتدخلوا في شؤون سورية، وإن كان من ربيع سوري آت فليكن صناعة سورية من دون أن يشترك (حرفيون) لبنانيون في صناعته، لا سيما أننا لا ندري ما سيكون عليه البديل». مؤكدا أن «ما يهمنا هو تحسين العلاقات اللبنانية - السورية وأن توقف سورية تدخلها في لبنان». وأبدى أسفه لاستمرار النظام السوري، «على الرغم من كل ما يحصل، في التدخل بشؤون لبنان، لا سيما ما يحصل على صعيد عدم تشكيل الحكومة». معتبرا أنه «في وقت أعلن فيه كل اللبنانيين حيادهم، بل تأييدهم لسورية لم نر تحسنا في السلوك السوري تجاه لبنان».