محكمة مصرية تضع نهاية لهيمنة حزب مبارك على الحياة السياسية في البلاد

الأوساط السياسية وصفت الحكم بـ«التاريخي».. وترقب وصول الرئيس السابق إلى مستشفى عسكري

TT

في حين لا يزال طريق التحقيقات مع الرئيس المصري السابق حسني مبارك، مفتوحا على كل الاحتمالات، وضعت محكمة مصرية أمس نهاية لحزب مبارك (الحزب الوطني الديمقراطي) الذي ترأسه منذ وصوله للسلطة مطلع ثمانينات القرن الماضي، وقضت بحله وتصفية أمواله وممتلكاته.

وإعمالا لقرار النائب العام بالتحفظ على مبارك في مستشفى عسكري، رهنا للحبس الاحتياطي على ذمة تحقيقات بشأن مسؤوليته عن مقتل متظاهرين إبان الثورة المصرية، يترقب المصريون وصول الرئيس السابق إلى المركز الطبي العالمي التابع للقوات المسلحة الواقع في منطقة صحراوية، بين مدينتي الشروق التابعة لمحافظة القاهرة والعاشر من رمضان التابعة لمحافظة الشرقية، وسط إجراءات أمنية مشددة، فيما ينتظر بدء التحقيق معه في قضايا فساد مالي خلال الأسبوع الحالي.

وسلمت اللجنة الثلاثية الطبية التي شكلها النائب العام تقريرها النهائي بشأن الحالة الطبية للرئيس المصري السابق. وقالت مصادر إن التقرير أوصى باستمرار وجود مبارك في مستشفى مجهز، خشية تعرضه لأي إصابات طبية مفاجئة أو أزمات غير متوقعة، مع التأمين الكامل له باعتباره متهما محبوسا احتياطيا، في حال ما إذا تم نقله إلى سجن مزرعة طرة، فيما لم يصدر تصريح رسمي بهذا الشأن من مكتب النائب العام.

وفي غضون ذلك، أصدرت المحكمة الإدارية العليا (دائرة الأحزاب) بمجلس الدولة حكما نهائيا بحل الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم سابقا) وتصفية جميع أمواله وممتلكاته على أن تؤول للدولة.

وذكر مصدر قضائي مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن تنفيذ القرار سيقع على عاتق الحكومة المصرية، مشيرا إلى أن الحكم غير قابل للطعن عليه بأي وجه من أوجه التقاضي.

وقالت المحكمة في أسباب حكمها الصادر برئاسة المستشار مجدي العجاتي نائب رئيس مجلس الدولة إن «ثورة الشعب المجيدة في 25 يناير (كانون الثاني) الماضي قد أزاحت النظام السياسي القائم وأسقطته وأجبرت الرئيس السابق حسني مبارك الذي هو رئيس الحزب الوطني، على التنحي في 11 فبراير (شباط) الماضي، وهو الأمر الذي يكون معه الحزب قانونا وواقعا قد أزيل من الواقع السياسي المصري رضوخا لإرادة الشعب، ومن ثم فلا يستقيم عقلا أن يسقط النظام الحاكم دون أدواته وهو الحزب، ولا يكون على المحكمة في هذه الحالة إلا الكشف عن هذا السقوط، حيث لم يعد له وجود بعد إجبار الشعب رئيس الجمهورية السابق على التنحي».

وأضافت المحكمة أن «المجلس الأعلى للقوات المسلحة - الذي منحه الشعب شرعية إدارة شؤون البلاد بصفة مؤقتة حتى يكتمل بناء المؤسسات الدستورية - امتنع عن إعلان حل الحزب الوطني (وحسنا فعل) حتى لا يقال إنه اغتصب سلطة هذه المحكمة المنوط بها دون غيرها الكشف عن حل الأحزاب وذلك احتراما من المجلس الأعلى للقوات المسلحة للسلطة القضائية».

وتابعت المحكمة أنه «لزاما عليها وبعد أن كشفت عن سقوط واقع ما كان يسمى (الحزب الوطني الديمقراطي) وانحلاله أن تقضي بأيلولة أمواله إلى الدولة التي هي - ابتداء وانتهاء - أموال الشعب، خاصة وقد ثبت للمحكمة أن أموال الدولة اختلطت بأموال الحزب».

وأعرب النائب السابق طلعت السادات ابن شقيق الرئيس الراحل أنور السادات مؤسس الحزب (عام 1978)، عن دهشته، واصفا الحكم بـ«السياسي»، مؤكدا أن مسألة إنشاء حزب جديد باسم «الحزب الوطني الجديد» ليس بالأمر الصعب.

وتسلم طلعت السادات الذي كان معارضا لنظام الرئيس السابق رئاسة الحزب خلفا لرئيسه السابق مبارك، قبل يومين من صدور قرار المحكمة وسط جدل لائحي وسياسي. واستقبلت الأوساط السياسية في مصر، بارتياح بالغ، الحكم الذي وضع نهاية لهيمنة الحزب على الحياة السياسية في البلاد منذ تأسيسه. وعلق مراقبون على قرار المحكمة بقولهم إنه «حكم تاريخي، وينهي بالكامل محاولات فلول الحزب (الوطني الديمقراطي) المنافسة في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في سبتمبر (أيلول) المقبل».

وعلقت قيادات من ائتلاف شباب الثورة على الحكم بقولها إنه يحتاج إلى قرار آخر من المجلس العسكري بجعل المنافسة في الانتخابات البرلمانية المقبلة بنظام القائمة النسبية لكي يكتمل مفعول الحكم، مشيرين إلى أن الانتخابات بالنظام الفردي المعمول به حاليا ما زال يعطي الفرصة لرجال الحزب الوطني للعودة إلى مقاعد البرلمان مرة أخرى بصفة مستقلين.