اعتقال معارض سوري بعد مقابلة تلفزيونية.. رغم إقرار رفع حالة الطوارئ

الأسد قد يوقع مشروع قانون رفع الطوارئ وإلغاء محكمة أمن الدولة قريبا من دون انتظار انعقاد مجلس الشعب

TT

أعلن ناشط حقوقي، أمس، أن السلطات السورية اعتقلت المعارض محمود عيسى في حمص إثر لقاء أجراه، أمس، مع قناة «الجزيرة» الفضائية، بعد ساعات من إقرار الحكومة السورية مشروع مرسوم إنهاء حالة الطوارئ في البلاد، مما ينبئ بأن مشروع المرسوم التشريعي الذي أقرته الحكومة برفع حالة الطوارئ لن يمنع التضييق الأمني.

وأعلن رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس، أن «دورية تابعة لفرع الأمن السياسي في مدينة حمص اعتقلت مساء الثلاثاء، المعارض السوري البارز محمود عيسى إثر حديث أدلى به لقناة (الجزيرة) الفضائية». وأوضح عبد الرحمن أن عيسى أجاب خلال اللقاء «عن سؤال المذيع حول قضية استشهاد العميد عبدو خضر التلاوي وولديه وابن شقيقه في حمص على يد مجهولين، وأكد أنه يعرف الضابط بشكل شخصي ويحترمه ولا يعرف من ارتكب هذه الجريمة، لكنه طالب الدولة بفتح تحقيق فوري وإلقاء القبض على المجرمين».

ولفت رئيس المرصد، الذي يتخذ من لندن مقرا له، إلى أن «أفرادا من عائلة الضابط المغدور قاموا بمهاجمة منزل عيسى ومحاولة الاعتداء عليه، وعندما لم يتمكنوا من ذلك قاموا بالاتصال بالأمن السياسي الذي جاء واقتاد محمود عيسى مكبلا، حيث لا يزال قيد الاعتقال حتى اللحظة». وأضاف: «إثر ذلك تلقت زوجته اتصالات من مجهولين تتضمن تهديدات لها وللعائلة، مما جعلها تشعر بالخطر وتغادر المنزل مع أطفالها». وطالب المرصد في بيان السلطات السورية بـ«الإفراج الفوري عن عيسى وكافة معتقلي الرأي والضمير في السجون والمعتقلات السورية والتوقف عن ممارسة سياسية الاعتقال التعسفي بحق المعارضين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان».

وعيسى سجين سياسي سابق (1992 - 2000) بتهمة الانتماء إلى حزب العمل الشيوعي. وقد اعتقل في 2006 بسبب توقيعه إعلان بيروت، إلى أن أفرج عنه عام 2009، بحسب المرصد. وقال رامي عبد الرحمن، رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان، في تصريحات من بريطانيا، إن عيسى سجين سياسي سابق بارز واعتقاله بعد ساعات من الإعلان عن مشروع قرار لرفع حالة الطوارئ يستحق الشجب. وأضاف أن رفع حالة الطوارئ المفروضة منذ 48 عاما تأخر كثيرا، لكن هناك مجموعة أخرى من القوانين يجب إلغاؤها مثل تلك التي تعطي قوات الأمن حصانة من المحاكمة، والتي تعطي المحاكم العسكرية حق محاكمة مدنيين.

وكانت الحكومة السورية قد أقرت، أول من أمس، مشروع قانون يقضي برفع حالة الطوارئ في البلاد بعد قرابة نصف قرن من فرضها، وذلك في تنازل من جانب الرئيس السوري، بشار الأسد، في مواجهة احتجاجات حاشدة آخذة في التصاعد ضد حكمه الشمولي، لكن خطوة رفع حالة الطوارئ اقترنت بتشريع جديد يلزم السوريين بالحصول على إذن حكومي للتظاهر.

ورجحت مصادر مطلعة في دمشق، أمس، أن يتم مصادقة مشاريع القوانين التي تقضي بإنهاء حالة الطوارئ وإلغاء محكمة أمن الدولة العليا من قبل رئيس الجمهورية بشار الأسد في وقت قريب، وعدم انتظار انعقاد جلسة مجلس الشعب الاستثنائية بداية الشهر المقبل، لمناقشة مشاريع تلك القوانين ومن ثم إحالتها إلى رئاسة الجمهورية.

إلى ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، مارك تونر، أول من أمس، إن القانون الجديد الذي يلزم السوريين بالحصول على تصريح للتظاهر يجعل من غير الواضح إن كان مشروع قانون رفع حالة الطوارئ سيؤدي فعلا إلى تخفيف القيود. وقال إنه في ضوء بعض تصريحات وزير الداخلية السوري فإن «هذا التشريع الجديد قد يتبين أنه ينطوي على قيود مثل حالة الطوارئ التي خلفها». وأضاف أن الحكومة السورية «يجب أن تقوم على وجه السرعة بتنفيذ إصلاحات أوسع».

ويرى محللون أن السلطات تسعى جاهدة إلى منع المحتجين من تركيز الاحتجاجات في مكان بعينه، كما كان الحال في ميدان التحرير بمصر. وفضت قوات الأمن تجمعا بالقوة في حمص خلال مطلع الأسبوع، وقال نشطاء إن هذا أسفر عن سقوط 17 قتيلا كما قتل بالرصاص 3 آخرين في وقت مبكر، أمس. وقال مالكوم سمارت، مدير منظمة العفو الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لوكالة «رويترز»، إن «التنازلات التي تقدمها الحكومة الآن تمت بثمن باهظ للغاية من أرواح الناس». وأضاف: «يجب أن يتوقف القتل. على الرئيس السوري أن يتخذ إجراء حاسما الآن لوقف القمع الدموي الذي تقوم به قواته الأمنية وضمان محاسبة المسؤولين».

ويقول محامون إن حالة الطوارئ المعمول بها منذ تولي حزب البعث السلطة عام 1963 تمنح أجهزة الأمن سلطات واسعة لإخماد المعارضة من خلال حظر التجمهر لأكثر من 5 أشخاص والاعتقالات التعسفية والمحاكمات المغلقة.