ماكين يصف ثوار ليبيا بـ«الأبطال».. ويطالب أوباما بالاعتراف بهم

ساركوزي يوافق مبدئيا على زيارة بنغازي ويؤيد منح الأموال الليبية المجمدة لدى فرنسا للثوار

جون ماكين وإلى يساره عبد الحفيظ غوقة أحد قادة الثوار خلال جولة في مدينة بنغازي أمس (أ.ف.ب)
TT

حصل ثوار ليبيا أمس على دعم معنوي وسياسي كبير، حيث وصل السيناتور الأميركي والمرشح الجمهوري السابق للرئاسة الأميركية جون ماكين إلى بنغازي أمس. فيما كشف في باريس أمس أن الرئيس نيكولا ساركوزي وافق مبدئيا على زيارة بنغازي، لكنه أبقى على موعدها سرا لأسباب أمنية، وأيد ساركوزي منح الأموال الليبية المجمدة لدى فرنسا إلى ثوار بنغازي.

وأعلن ماكين من بنغازي أنه يعتبر الثوار «أبطالا»، مؤكدا الدعم الأميركي لهم. وبما أن ماكين العضو الأقدم في لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي، فإن زيارته تعتبر ذات أهمية سياسية، خاصة في التأثير على الكونغرس الأميركي. وكان ماكين من أول الدعاة لدور أميركي لدعم المعارضين للقذافي، وطالب بتدخل عسكري فوري في ليبيا. وقال من بنغازي: «هؤلاء أبطالي»، مطالبا الإدارة الأميركية بتزويدهم بالدعم المالي بالإضافة إلى تسليحهم «لإنهاء هذا الأمر». ودعا ماكين الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الاعتراف بالمعارضين الليبيين كصوت حقيقي للشعب الليبي، وإلى نقل الأصول الليبية المجمدة إليهم. وفي تصريحات للصحافيين أثناء زيارة إلى بنغازي معقل المعارضة في شرق ليبيا، دعا ماكين أيضا حلف شمال الأطلسي إلى تكثيف حملته الجوية. وقال إنه يجب على الحلفاء الغربيين تقديم مساعدات للمعارضين في مجال التدريب والأسلحة والقيادة والتحكم للمعاونة في الإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي.

وقال: «أشجع كل الدول خاصة الولايات المتحدة على الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي كصوت شرعي للشعب الليبي.. لقد اكتسب هذا الحق وصادره القذافي من خلال شن حرب على شعبه». ويعتبر ماكين أول سياسي أميركي يزور بنغازي منذ اندلاع الصراع في نهاية فبراير (شباط) الماضي. وقد قام بالرحلة إلى ليبيا بصفة شخصية. كما أعرب ماكين عن قلقه من وصول المعركة بين قوات القذافي وقوات المعارضة إلى طريق مسدود. وقال إنه سأل المعارضة عما يمكن للولايات المتحدة فعله لمساعدتها. وقال في مؤتمر صحافي: «أخشى الوصول إلى طريق مسدود يمكن أن يؤدي إلى ظهور متطرفين راديكاليين». وأعلن المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي الوطني المناوئ لنظام حكم العقيد معمر القذافي في مدينة بنغازي معقل الثوار، عقب اجتماعه مع السيناتور الجمهوري الأميركي صباح أمس، أن المجلس طلب من ماكين إقناع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بسرعة تقديم الدعم العسكري للثوار وأنه تلقى تطمينات ووعودا إيجابية.

ووسط استقبال شعبي ورسمي لافت للانتباه، التقى ماكين مع اللواء عبد الفتاح يونس رئيس المجلس العسكري التابع للثوار، لبحث وتقييم الأوضاع العسكرية وحاجة الثوار الضرورية للحصول على أسلحة ومعدات تقنية لمواجهة قوات القذافي. وقالت مصادر ليبية في بنغازي لـ«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف، إن اللواء يونس الذي يعتبر أرفع مسؤول عسكري في صفوف الثوار قد تقدم إلى السيناتور الأميركي بقائمة تضم عددا من الأسلحة والمعدات العسكرية التي يرى الثوار أنها كفيلة بتحقيق توازن في القوى على الأرض بينهم وبين قوات القذافي. وأوضحت أن السيناتور الأميركي تفقد أحد المعسكرات المخصصة لتدريب الثوار والمدنيين الذين يلتحقون بهم لمساعدتهم على الإطاحة بنظام القذافي. وللمرة الأولى منذ اندلاع الثورة الشعبية ضد نظام القذافي في السابع عشر من شهر فبراير الماضي، ظهر علم الولايات المتحدة في أيدي المواطنين في بنغازي حيث هتفوا بعبارات الشكر لإدارة أوباما وحثوها في المقابل على تسريع الخطوات العسكرية لإسقاط نظام القذافي. ودشن ماكين أول زيارة له إلى بنغازي، بزيارة مكان الساحة بجوار مقر المحكمة في المدينة، حيث رافقه عدد من مسؤولي المجلس الانتقالي يتقدمهم عبد الحفيظ غوقة الناطق الرسمي باسم المجلس الوطني الانتقالي ونائب رئيسه.

واستمع ماكين الذي التقى بعض وجهاء وممثلي الثوار في مدينة مصراتة الذين حضروا إلى بنغازي خصيصا لإطلاعه على ما وصفوه بالوضع المأساوي للمدينة إلى شهادات من شهود عيان وروايات إنسانية حول ما يجري في المدينة التي تحاصرها قوات القذافي وكتائبه الأمنية منذ نحو ثمانية أسابيع. وتولى فريق أمنى أميركي مرافق لماكين بالإضافة إلى عناصر أمنية محلية تابعة للمجلس الانتقالي تأمين زيارة السيناتور الأميركي، فيما قال مسؤول بالمجلس الوطني لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس يأمل في أن يقدم ماكين تقريرا مقنعا إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما وإدارته بشأن الحاجة إلى ما وصفوه بتعجيل العمل العسكري الجاد للتخلص من نظام القذافي.

وأضاف: «لم نطلب منه (ماكين) أن تحارب الولايات المتحدة نظام القذافي نيابة عنا، لكننا شرحنا له أن افتقادنا للسلاح والعتاد العسكري اللازم يمنح القذافي تفوقا عسكريا يجب إنهاؤه». وأوضح المسؤول الذي طلب عدم تعريفه: «طلبنا أيضا عودة القوات العسكرية الأميركية للمشاركة في الضربات الجوية والصاروخية التي يشنها حلف الأطلسي ضد المواقع والقوات العسكرية التابعة للقذافي».

وبالإضافة إلى الطلبات التي تتعلق بالوضع العسكري، فقد علمت «الشرق الأوسط» أن مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي طلب من السيناتور الأميركي تشجيع واشنطن على أن تحذو حذو قطر وفرنسا وإيطاليا للاعتراف بالمجلس كممثل شرعي ووحيد للشعب الليبي وإسقاط شرعية نظام القذافي. وقال مقربون من عبد الجليل إنه نفى للسيناتور الأميركي أي وجود لعناصر تابعة لتنظيم القاعدة في بنغازي أو ضمن صفوف المقاتلين في جيش تحرير ليبيا الذي يضم خليطا من العسكريين المنشقين على نظام القذافي والمدنيين المسلحين. وأوضح هؤلاء أن عبد الجليل أكد لماكين أن المجلس لن يسمح على الإطلاق بأي وجود لعناصر إرهابية أو متطرفة على الأراضي الليبية وأنه مستعد للتعاون التام مع المجتمع الدولي والإدارة الأميركية بشكل خاص في هذا الصدد، معتبرا أن مستقبل ليبيا سيقرره الشعب الليبي عبر صناديق الانتخابات بعد فترة انتقالية محدودة تمهيدا لنقل البلاد إلى مرحلة متقدمة من الحرية والديمقراطية.

وطبقا لمعلومات «الشرق الأوسط»، فقد استفسر ماكين من رئيس المجلس الانتقالي وأعضائه حول طبيعة الحياة اليومية لسكان بنغازي ومصراتة وأجدابيا، كما تساءل عن مغزى الروح القتالية والمعنوية المرتفعة التي تدفع الثوار للصمود في مواجهة قوات القذافي. وتلقى ماكين تقارير عن الوضع الطبي والاقتصادي في بنغازي. وكان ماكين قد أعلن أنه ذهب إلى معقل الثوار في مدينة بنغازي بشرق ليبيا لكي يرى الثوار الذين صمدوا هذه المدة الطويلة أمام المدافع الثقيلة للقذافي،، لافتا إلى أن محادثاته مع مسؤولي المجلس ستركز على كيفية حماية المدنيين.

والتزمت الحكومة الليبية في طرابلس الغرب الصمت حول زيارة ماكين الجمهوري البارز في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، وأحد المنادين بالعمل العسكري في ليبيا حتى قبل أن يصدر مجلس الأمن الدولي قراره بشأن القيام بعمليات عسكرية لحماية المدنيين وفرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا.

وفي باريس أعطى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي المجلس الوطني الانتقالي «موافقته المبدئية» على زيارة بنغازي، وأعرب عن تأييده منح أموال ليبية مجمدة إلى المجلس على ما علم أمس لدى الرئاسة الفرنسية. وأدلت الرئاسة الفرنسية بتصريحاتها بعد يومين من زيارة رئيس المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل الثوار مصطفى عبد الجليل إلى باريس. وقال عبد الجليل بعد لقائه ساركوزي إنه دعا الرئيس الفرنسي إلى زيارة بنغازي لدعم الثوار، مؤكدا أن الرئيس الفرنسي وافق مبدئيا. وقال: «دعونا الرئيس الفرنسي إلى زيارة بنغازي، أعتقد أن هذا سيكون مهما لمعنويات الثورة». وقال إن ساركوزي وافق مبدئيا من دون تحديد موعد. ولم يحدد الإليزيه تفاصيل الزيارة المرتقبة لأسباب أمنية، غير أن مصادر لمحت إلى أن الزيارة محاولة من ساركوزي، لاكتساب تأييد شعبي بعد تدني شعبيته بصورة كبيرة. وأعرب ساركوزي من جهة أخرى عن تأييده منح أموال ليبية مجمدة إلى المجلس الوطني الانتقالي، بحسب المصدر نفسه. وفرنسا هي الدولة الأولى التي اعترفت بالمجلس كمحاور مشروع عندما استقبل ساركوزي في 10 مارس (آذار) في الإليزيه ثلاثة مبعوثين للثورة الليبية.