احتجاجات واسعة في عدد من محافظات مصر في «جمعة رفض المحافظين»

المتحدث باسم مجلس الوزراء: لن تتم تلبية رغبات المتظاهرين إلا بعد امتثالهم للقانون

TT

شهدت بعض المحافظات المصرية أمس مظاهرات حاشدة، فيما عرف بـ«جمعة رفض المحافظين»، احتجاجا على تعيين عدد من المحافظين الجدد. حيث تواصلت المظاهرات في محافظات قنا والإسكندرية وبني سويف والمنيا والدقهلية، تدعو رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف بإعادة النظر في تعيين هؤلاء المحافظين، الذين يتهمونهم بأنهم «أتباع نظام مبارك السابق». وتصدرت محافظة قنا (بصعيد مصر) المشهد، حيث شهدت مظاهرات أكثر قوة، وأصر المتظاهرون على قطع الطرق والسكك الحديدية لليوم الثامن على التوالي، رغم محاولات التدخل الرسمي والشعبي، غير أن المتحدث باسم مجلس الوزراء قال لـ«الشرق الأوسط»: «لن تتم تلبية رغبات المتظاهرين إلا بعد امتثالهم للقانون وفتح الطرق».

واحتشد أكثر من 200 ألف مواطن من أبناء قنا لرفض قرار تعيين المحافظ الجديد اللواء عماد شحاتة ميخائيل، فيما عرف بـ«جمعة الثبات»، وهي المليونية التي تمت الدعوة إليها منذ أيام للتأكيد على أن أهالي قنا لن يتنازلوا عن مطلبهم بإقالة ميخائيل وتعيين محافظ جديد يكون مسلما مدنيا.

وبدأت المظاهرات بعد صلاة الجمعة في الشوارع والميادين الرئيسية وعلى خطوط السكك الحديدية. كما تظاهر الآلاف من أبناء المحافظة في مدنهم ومراكزهم وقراهم. وشهدت الاعتصامات لأول مرة وجودا مكثفا لسيدات وفتيات قنا، وهو ما لاقى ترحيبا شديدا من المتظاهرين ومنافسة حميمة من أجل إفساح الطريق أمامهم تحت شعار «وسع لاختك.. وسع لامك.. وسع لبنتك». وحذرت إذاعة الميدان من فلول الحزب الوطني الموجودة وسط المتظاهرين، محملين إياها الفتنة التي وقعت منذ يومين بين قرى قنا وأصيب خلالها 15 شخصا، في محاولة لإفشال المظاهرات.

وردد المتظاهرون شعارات عديدة منها: «يا شرف قول الحق أنت ظالمنا ولا لأ»، كما هتفوا «يا محمد قول لعيسى.. مش عايزين ميخائيل»، تأكيدا على الوحدة ونبذ الفتن الطائفية وأن رفض المحافظ يأتي بإجماع أهالي المحافظة مسلميها ومسيحييها.

ولم تشهد المظاهرات أي تدخل أو محاولة إجهاض من قبل القوات المسلحة رغم الوجود المكثف والتعزيزات الأمنية التي بدأت من مساء أمس، كما لوحظ اختفاء شبه تام لعناصر الشرطة.

ورغم المناشدات التي وجهها علماء الأزهر والشخصيات العامة للمتظاهرين بفتح شريط السكة الحديد، فإن المتظاهرين لم يستجيبوا لهذا المطلب، مؤكدين أن هذا التصعيد هو الذي يجعل الحكومة تشعر بهم، وأنه لن يتم فتح شريط السكة الحديد إلا بعد صدور بيان رسمي بتغيير المحافظ، قائلين: «لا تفاوض إلا بعد هذا البيان».

كما شهدت المظاهرات هجوما عنيفا على الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء، حيث اعتبروه السبب الرئيسي في تصاعد الأحداث ورددوا ضده هتافات قالت: «يا جمل إحنا أصحاب الجبل». وفي محاولة لاحتواء الأزمة، أكد رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف أنه يعتزم زيارة قنا نهاية الأسبوع الحالي في إطار مسعى لإنهاء الاحتجاجات المتواصلة منذ الجمعة الماضية. وقال شرف في صفحته على موقع «تويتر»: «أتمنى أن يقبلني أهلي في قنا ضيفا عليهم لنتحاور ونصل لحل يرضيهم».

وقال المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء الدكتور أحمد السمان لـ«الشرق الأوسط» إن «المجلس يجري حاليا عددا من الاتصالات مع قيادات المحافظة من أجل تسيير حركة المواصلات هناك»، مشيرا إلى أن الدولة لن تحقق رغبات هؤلاء المتظاهرين إلا بعد أن يتم فتح الطرق، مضيفا أن «مجلس الوزراء يعمل على تحقيق مطالب الناس ولن يفرض عليهم أحدا، لكننا لن نبحث أي شيء قبل امتثال الجميع للقانون».

وفي محافظة الإسكندرية انطلقت مسيرات إخوانية كبيرة من أمام مسجد القائد إبراهيم بمنطقة محطة الرمل وسط مدينة الإسكندرية عقب صلاة الجمعة، احتجاجا على تعيين المحافظ الدكتور عصام سالم، وردد المتظاهرون هتافات قالوا فيها: «عصام سالم يا كداب انت وأمن الدولة اصحاب».. كما قالوا «ليه ليه.. حزب وطني تاني ليه».

وبرر المتظاهرين سبب الاعتراض على سالم بأنه كان رئيسا لجامعة الإسكندرية، وأنه أول من أدخل عملية التزوير إلى انتخابات اتحادات الطلاب لصالح عناصر تابعة لجهاز أمن الدولة من الطلبة أعضاء الحزب الوطني. كما اندلعت المظاهرات في شوارع محافظة بني سويف عقب صلاة الجمعة، وأطلق عليها «جمعة الرفض»، حيث ندد المئات من المواطنين بتعيين الدكتور ماهر الدماطي كمحافظ وطالبت بضرورة إقصائه، لكنها أمهلته أسبوعا لتنفيذ مطلبهم قبل تصعيد الاحتجاجات، مؤكدين تورط الدماطي في وقائع فساد في جامعة الزقازيق وعلاقته بالنظام السابق والحزب الوطني.

وفي محافظة الدقهلية، قال اللواء محسن حفظي محافظ الدقهلية الجديد، إن الوقفة الاحتجاجية ضده، لا تمثل الرأي العام لأبناء المحافظة. مؤكدا أنه سينتظر ليرى بعينه رأي أبناء الدقهلية حول عمله، فإن كان غالبية الرأي العام مؤيد لوجوده، فسوف يحضر لأداء عمله بما يرضي الله، وإذا تبين له أن الغالبية بالمحافظة ترفضه فسيتقدم باستقالته فورا.

وفي محافظة الجيزة، قرر المحافظ الدكتور علي عبد الرحمن، إنهاء عقود جميع المستشارين بالمحافظة وإعطاء الفرصة كاملة أمام العاملين بالمحافظة لقيادة العمل والتلاحم مع المواطنين وإيجاد الحلول اللازمة لمشكلاتهم. وأضاف أنه سيتم خلال أيام، البدء في تنفيذ برنامج شامل لتدريب قيادات الصف الثاني والثالث والعمل على تصعيدها للوظائف القيادية وذلك في إطار خطة شاملة لضخ دماء جديدة، مؤكدا أن المحافظة مليئة بالقيادات الشابة القادرة على تحقيق مطالب وأهداف ثورة 25 يناير المجيدة.

وفي محافظة المنيا، بدد البيان الذي أصدره كل من مدير أمن المنيا والحاكم العسكري بالمحافظة، المخاوف من حدوث أعمال عنف متبادلة بين مسلمين ومسيحيين عقب صلاة الجمعة أمس، على خلفية الأحداث الطائفية الأخيرة التي شهدها مركز أبو قرقاص منذ يومين والتي راح ضحيتها قتيلان وكثير من المصابين.

وذكر البيان أن مديرية الأمن، بالتعاون مع الجيش، استطاعت القبض على المتهم علاء رضا رشدي، مرشح الحزب الوطني السابق لمجلس الشعب، الذي اتهمه المسلمون بالوقوف وراء مقتل اثنين من المسلمين، وأكد مدير الأمن أنه سيتم تقديمه لمحاكمة عاجلة، مما هدأ من غضب كثير من الأفراد في المدينة الذين طالبوا بسرعة تحرك الجيش.