المخاوف من «طريق مسدود» تدفع واشنطن إلى تصعيد العمليات العسكرية في ليبيا

مولن يصف القذافي بـ«المنبوذ» ويؤكد استنزاف 30 إلى 40% من قواته

ثوار ليبيون يرفعون علمهم في قرية على الحدود مع تونس (أ.ب)
TT

أمر الرئيس الأميركي باراك أوباما باستخدام طائرات الـ«بريداتور»، وهي الطائرات من دون طيار المتطورة، لقصف قوات العقيد معمر القذافي في تصعيد جديد ضده، في وقت باتت مخاوف الولايات المتحدة وحلفائها في حلف الشمال الأطلسي (الناتو) من «طريق مسدود» يدفع قراراتهم إلى تصعيد العمليات العسكرية في ليبيا.

وأعلن رئيس الهيئة المشتركة للقوات المسلحة الأميركية الأدميرال مايك مولن أمس أن عمليات «الناتو» استطاعت «استنزاف ما بين 30 إلى 40%» من قوات القذافي، إلا أن العمليات العسكرية لم تستطع بعد حسم المعركة. وجاء إعلان قرار واشنطن إشراك طائرات «بريداتور» القتالية في العمليات العسكرية في وقت تدور تساؤلات عن المهمة النهائية لتلك العمليات العسكرية. وبينما كرر مولن أمس في تصريحات خلال زيارته إلى بغداد الموقف الأميركي العلني بأن تفويض الأمم المتحدة لـ«الناتو» لا يشمل «تغيير النظام» الليبي، أكد في الوقت نفسه على مطالبة واشنطن القذافي بالتنحي عن السلطة. وقال مولن: «الإجماع الدولي هو على ضرورة رحيل القذافي» من السلطة. وأضاف مولن: «الهدف السياسي البعيد الأمد هو رحيله.. دوليا هذا الرجل منبوذ وأغلبية الدول تواصل الضغط عليه إلى حين رحيله».

ولكن في الوقت نفسه، حذر مولن من أن العمليات العسكرية في ليبيا «تتجه بالتأكيد إلى طريق مسدود»، حيث إن الطرفين يفتقدان تفوقا يمكن لطرف أن يغلب، خاصة أن قوات القذافي «تطور تكتيكاتها». وبينما قدر مولن أنه تم «استنزاف بين 30 و40% من قدرات قواته البرية»، توقع أن تضعف القوات البرية مع مرور الوقت. وبعد أسابيع من القتال، هناك مخاوف جدية من التوصل إلى «طريق مسدود» وغرق ليبيا في حرب أهلية إذا لم تستطع قوات الثوار التقدم على طرابلس ولم تتخل عناصر جديدة من القوات المسلحة الليبية عن القذافي. ولكن كرر مولن الموقف الأميركي الحاسم بعدم إرسال قوات برية أميركية إلى ليبيا، بينما تبقي فرنسا وبريطانيا عدد «المستشارين العسكريين» التي بعثتهما إلى بنغازي في العشرات في الوقت الراهن. وشرح ناطق باسم البيت الأبيض لـ«الشرق الأوسط» أن «الولايات المتحدة وافقت على استخدام طائرات (بريداتور) المسلحة» لدعم العمليات في ليبيا. وأضاف: «بناء على الوضع الراهن على الأرض وتقييم الناتو، نؤمن بأن طائرات (بريداتور) المسلحة تعطي قدرة فريدة في مساعدة الناتو في جهوده لحماية المدنيين».

يذكر أن طائرات «بريداتور»، وهي الطائرات من دون طيار المتطورة، تستخدم في العمليات العسكرية ضد قوات القذافي منذ البداية إلا أنها استخدمت سابقا للمراقبة والتقاط الصور ولكنها منذ مساء أول من أمس سلحت وبدأت في عمليات قصف. وهناك طائرتان «بريداتور» على مدار الساعة فوق الأجواء الليبية الآن، ويمكنهما بقصف «أكثر دقة» في المناطق المكتظة بالسكان. واستخدام الطائرات العسكرية من دون طيار لدعم الحرب ضد قوات القذافي تأتي في وقت تمتنع واشنطن عن الموافقة على تسليح الثوار مباشرة، وهو مطلب تقدم به بعض أطراف المعارضة الليبية. ويواصل الدبلوماسي الأميركي كريس ستيفنز مهامه في بنغازي للتعرف على عناصر المعارضة الليبية وخاصة «المجلس الانتقالي الليبي». وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن «ستيفنز يزودنا بمعلومات جديدة بشكل منتظم». ورغم عدم اعتراف الولايات المتحدة بالمجلس الانتقالي كالممثل الشرعي للشعب الليبية، مثل ما فعلت قطر وفرنسا ودول أخرى، أكد الناطق الأميركي «أننا نعمل عن كثب مع المجلس الانتقالي». ولكن أردف قائلا: «هذا الأمر معقد، فالمعارضة تتضمن مجموعة لم تتبلور الصورة عنها كليا وما زالت حديثة التشكيل». وهناك مخاوف أميركية من انخراط عناصر متطرفة أو على علاقة بتنظيم القاعدة في المعارضة الليبية، ولكن استبعد مولن ذلك أمس. وقال: «لم أر أي تمثيل لـ(القاعدة) هناك على الإطلاق». وكان من اللافت أن إعلان موافقة أوباما على إرسال الطائرات الحربية جاء وهو خارج واشنطن وفي زيارة إلى ولاية نيفادا للحديث عن الاقتصاد الأميركي. وقام وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس بإعلان القرار في مؤتمر صحافي مع نائب رئيس الهيئة المشتركة للقوات المسلحة الأميركية الجنرال جيمس كارترايت، بينما كان مولن متجها إلى بغداد من كابل. ويقود مولن جهودا لطمأنة الجنود الأميركيين المنتشرين في أفغانستان وبغداد بمواصلة دعم العمليات الأميركية في البلدين بينما تنشغل واشنطن بالتطورات في ليبيا وباقي الدول العربية.