حكم نهائي بحظر النقاب داخل لجان الامتحانات الجامعية يفجر جدلا سياسيا ودينيا

السلفيون: مشوب بسوء استخدام السلطة.. و«الإخوان» يقولون إنه لا يناقض الحرية الشخصية

سيدة منتقبة وسط أحد شوارع القاهرة (أرشيف «الشرق الأوسط»)
TT

دخلت معركة النقاب داخل الجامعات المصرية مرحلة جديدة من الجدل السياسي والديني، فبعد قرار المجلس الأعلى للجامعات السماح للطالبات المنتقبات بأداء امتحانات الفصل الدراسي الأول في يناير (كانون الثاني) الماضي، أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكما نهائيا بحظر ارتداء النقاب داخل لجان الامتحانات في الجامعات. وفيما وصف ائتلاف شباب الثورة الحكم بـ«الصادم»، أكدت جماعة الإخوان المسلمين على أن الحكم خاص بالامتحانات فقط كإجراء تنظيمي وليس له علاقة بحظر النقاب داخل الجامعات، بينما قال المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية لـ«الشرق الأوسط» إن إعادة إصدار القرار من قبل الجامعات بالمنع مرة ثانية سوف يكون مشوبا بسوء استخدام السلطة.

وأصدرت المحكمة الإدارية العليا أول من أمس حكما نهائيا بحظر ارتداء النقاب داخل لجان الامتحانات في الجامعات، وأيدت المحكمة، حكما سبق صدوره من محكمة القضاء الإداري بمنع ارتداء النقاب داخل اللجان أثناء تأدية الامتحان.

وجاء الحكم صدمة للجميع ويتنافي تماما مع إعلان المجلس الأعلى للجامعات بالسماح بدخول المنتقبات لأداء امتحانات الفصل الدراسي الأول، كما أنه يتنافي تماما مع أهداف الثورة المصرية التي أطاحت بنظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك.

وقالت الإدارية العليا في أسباب حكمها إنه يجوز للجامعات أن تصدر أمرا واجب النفاذ قانونا وشرعا بحظر ارتداء النقاب داخل قاعات الامتحانات، أثناء فترة أدائها، استنادا إلى أنه إذا كان ارتداء النقاب، بالنسبة للمرأة المسلمة، هو أحد مظاهر الحرية الشخصية، فإن هذه الحرية لا يتعارض معها التزام المرأة في الدائرة ذاتها بالقيود التي تضعها جهة الإدارة لاعتبارات أمنية أو تعليمية، أو غير ذلك من الاعتبارات التي تقتضي التحقق من شخصية من يرتدي النقاب.

وأضافت المحكمة في حكمها الصادر أن ما انتهت إليه في حكمها يسانده شرعا ما انتهى إليه الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية، من أن «ارتداء النقاب للمرأة المسلمة هو من قبيل العادات عند جمهور الفقهاء بناء على أن وجه المرأة ليس بعورة».

وقال نزار غراب، محامي الطالبات المنتقبات، إن الحكم جاء بناء على قرار الجامعة بمنع الطالبات المنتقبات من دخول الامتحانات، ولكنه جاء في الشق المستعجل فقط، الذي كانت الطالبات تطالب فيه بسرعة وقف تنفيذ القرار لدخول الامتحانات المقبلة، أما الشق الموضوعي، الذي كانت تطالب فيه الطالبات بإلغاء القرار من الأصل، فقد قررت الإدارية العليا إعادته إلى محكمة أول درجة للفصل فيه.

من جانبه، وصف محمد عباس عضو «ائتلاف شباب ثورة 25 يناير» حكم المحكمة الإدارية العليا بـ«الصادم جدا»، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «الحكم يعد تعديا على حرية الفرد ويتنافى تماما مع الحريات العامة»، موضحا أن «الائتلاف سوف يقوم بإصدار بيان للتنديد بالحكم، لمطالبة المجلس العسكري والحكومة بالتدخل للسماح للمنتقبات بأداء امتحانات الفصل الدراسي الثاني».

وأضاف عباس أن الحكم يتنافى مع متطلبات المرحلة الراهنة بعد ثورة 25 يناير التي أسقطت نظام الرئيس السابق، مؤكدا أن «رؤساء الجامعات تعهدوا للطالبات المنتقبات بالسماح لهن بأداء امتحانات نهاية العام».

وأكد الداعية عبد المنعم الشحات، المتحدث باسم الدعوة السلفية بمصر، أن بعض الجامعات المصرية قد منعت المنتقبات من حضور امتحان الفصل الدراسي الأول، وقامت المنتقبات برفع دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري ثم أمام الإدارية العليا لإلغاء هذا القرار، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: إن «الجامعات المصرية تراجعت عن هذا القرار بعد الثورة المصرية وأرسلت اعتذارا للمنتقبات، ثم صدر هذا الحكم الجديد ليؤيد حق الجامعة في المنع للمصلحة العامة»، موضحا أن الحكم الحالي سبقه قرار قد ألغي بالفعل من قبل الجامعة وبالتالي لا يوجد أزمة حاليا وليس له أثر عملي.

وأضاف الشحات «إذا تصورنا أن الجامعات عادت مرة أخرى إلى المنع، وأصدرت قرارا جديدا، فمن حق المنتقبات وقتها أن يقاضين الجامعة مرة أخرى على أنها ادعت يوما ما بأن منع المنتقبات من دخول الامتحانات للمصلحة العامة، ثم عادت واعتذرت وقررت دخولهن، مما يؤكد أن المنع كانت له دوافع أمنية، وأن إعادة إصدار قرار المنع مرة ثانية سوف يكون مشوبا بسوء استخدام السلطة».

في المقابل، أكد الدكتور محمد البلتاجي، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، أن الحكم صدر من قبيل التعرف على الطالبات، لضمان سلامة العملية الامتحانية، والحكم يعد إجراء من حق إدارة الجامعات أن تتخذه وبالتالي الحكم لا يناقض الحرية الشخصية في ارتداء النقاب، لكنه مجرد إجراء تنظيمي فقط، لافتا إلى أن الحكم يكتمل معه حكم آخر بأحقية الطالبات في لبس النقاب داخل الجامعات وبطلان قرار بعض رؤساء الجامعات السابقين بحظر ارتداء النقاب في الجامعات أو في أماكن العمل العامة، حتى تتكامل الصورة. وقال البلتاجي لـ«الشرق الأوسط»: إن «الحكم الصادر ليست له علاقة بحكم استحقاق لبس النقاب في الجامعات».

وفي السياق ذاته، أكدت الدكتورة سلوى الغريب، أمين عام المجلس الأعلى للجامعات، عدم صدور قرار من المجلس – التابع لوزارة التعليم العالي - بشأن منع المنتقبات من دخول لجان الامتحانات. وقالت: إن هذه القرارات صدرت من رؤساء الجامعات، بحيث يطبق كل رئيس جامعة قراره كما يراه، مضيفة أن رؤساء الجامعات قرروا منع النقاب في الامتحانات، بعد اكتشافهم العديد من حالات الغش عن طريق أجهزة الهواتف المحمولة.

من جهتها، دعت العديد من المنتقبات إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام دار القضاء العالي الجمعة المقبل للتنديد بالحكم، وأطلق شباب الحركة السلفية بالجامعات المصرية عدة حملات إلكترونية أمس تدعو إلى تنظيم تظاهرات حاشدة داخل الجامعات وأمام دار الإفتاء وأمام المجلس العسكري.