تواصل المعارك في مصراتة.. وطرابلس: شيوخ قبائل يحاولون التفاوض مع المتمردين

الثوار الليبيون يرون في الهدنة المعلنة «فخا»

ثوار ليبيون يقومون بإطلاق النار باتجاه منطقة يتجمع بها قوات القذافي في مصراته أمس (أ.ف.ب)
TT

استؤنفت المعارك في مصراتة أمس رغم إعلان نظام العقيد معمر القذافي وقف عملياته العسكرية ضد الثوار في تلك المدينة التي تحاصرها قواته منذ شهرين في غرب ليبيا حيث يثير الوضع الإنساني قلق المجتمع الدولي.

وتواصلت المعارك في مصراتة أمس لكن حدتها خفت نسبيا مقارنة مع أمس. وأعلن نائب وزير الخارجية الليبي خالد الكعيم أن قوات القذافي «لم تنسحب من مصراتة» التي تبعد 200 كلم شرق طرابلس، بل «علقت عملياتها فقط» ضد المتمردين لتتيح للقبائل التوصل إلى حل سلمي. وأكد الكعيم أن «القبائل مصممة على حل المشكلة في مهلة 48 ساعة».

وأعلن الناطق العسكري باسم المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا العقيد عمر باني أن إعلان نظام العقيد معمر القذافي وقف العمليات العسكرية في مصراتة «فخ» وأن قواته تستعد لشن هجمات جديدة. وقال العقيد عمر باني: «إنه فخ.. فهم لم ينسحبوا». وأضاف: «لقد ابتعدوا قليلا عن شارع طرابلس لكنهم يستعدون للهجوم مجددا»، على هذا المحور الرئيسي في المدينة الذي تحول إلى خط جبهة. وأكد العقيد باني أن النظام يريد «إيهام العالم» بأن قبائل مدينة مصراتة الساحلية الكبيرة، ما زالت موالية له، مؤكدا: «أنه يريد التأكيد أنها حرب أهلية بين القبائل الليبية، لكن ذلك غير صحيح ولن يحدث أبدا». وتابع: «هل تظنون حقا أنني سأحارب عائلتي؟ هذا مستحيل. إنه مجرد حلم للقذافي».

وقال نائب وزير الخارجية الليبي إن عددا من شيوخ القبائل الليبية يسعون إلى إقناع المتمردين في مدينة مصراتة بإلقاء السلاح خلال 48 ساعة، في أعقاب الاشتباكات الدامية التي دارت بين قوات المعارضة وقوات معمر القذافي يوم السبت. وأكد خالد الكعيم، أنه في حال فشل المفاوضات قد يرسل شيوخ القبائل 300 ألف مسلح إلى المدينة لإجبار الثوار على الخروج منها. وأشار خالد إلى أن الجيش الليبي قام بتعليق عملياته في الوقت الحالي في مصراتة انتظارا لما ستسفر عنه جهود الوساطة. بيد أن مصراتة معروفة بكونها لا تخضع لهيمنة القبائل أو غلبة قبيلة بعينها. ولم يتضح بعد ما إذا كان لدى الثوار رغبة في التفاوض خاصة بعد المزاعم بأنهم أجبروا القوات التابعة للعقيد القذافي على التقهقر. وقال خالد إن شيوخ القبائل لا يزالون يحاولون التواصل مع قادة الثوار. وقد أكد مسؤولو قادة المعارضة على أن قوات القذافي تراجعت، لكنهم عبروا في الوقت ذاته عن شكوكهم في انسحاب قوات القذافي من المدينة بشكل كامل.

من ناحية أخرى، تحولت مصراتة، المدينة الوحيدة الخاضعة لسيطرة الثوار في غرب ليبيا الخاضع للقذافي، إلى أكثر ساحات القتال دموية منذ الانتفاضة الليبية، التي بدأت في فبراير (شباط). في الوقت الذي لا يزال القتال فيه متوقفا في المناطق الأخرى من جبهات القتال حتى مع ضربات «الناتو» التي بدأت الشهر الماضي.

وكان المئات من أبناء المدينة قد لقوا مصرعهم خلال شهرين من حصار القوات الحكومية، المدعومة بالدبابات وقذائف المورتر والقناصة الرابضين على أسطح المنازل. لكن الثوار تمكنوا من طرد القناصة من البنايات العالية في وسط المدينة، في انتكاسة للقوات الموالية للقذافي التي تسيطر على وسط المدينة، وقاموا الثوار بتعزيز مواقعهم حول ميناء مصراتة البحري.

ويقول أسامة الشهمي، أحد سكان المدينة عن قوات القذافي، بعد فراره من المدينة: «ليست لديهم رحمة. إنهم يدكون المدينة بالمدافع». وأضاف الشهمي، 36 عاما، وهو مدير لشركة إنشاءات أصيب بشظية من صاروخ «غراد»: «الجميع في مصراتة مصرون على ضرورة رحيل الدكتاتور». وأشار الشهمي بيديه بعلامة النصر وهو ينقل إلى سيارة إسعاف كانت تقله لدى وصوله إلى بنغازي معقل الثوار. على الجانب الآخر، أكد الكعيم، المسؤول الليبي أن الجيش أوقف العمليات في مصراتة، كجزء من محاولة شيوخ القبائل التفاوض للتوصل إلى اتفاق لخروج الثوار.

بيد أن السكان تحدثوا عن وقوع اشتباكات عنيفة وقصف مدفعي وانفجارات في شرق وجنوب مصراتة. وأفاد الأطباء بأن يوم السبت كان واحدا من أكثر الأيام دموية خلال أسابيع. وأشار أحد أطباء مستشفى مصراتة، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه خشية تعرضه للانتقام على يد القوات الموالية للقذافي، إلى أن ما لا يقل عن 24 شخصا قد لقوا مصرعهم وأصيب 75 آخرون، العديد منهم إصاباتهم خطيرة، وأن الأطباء الذين يخشون من تعرض المستشفى للهجوم عمدوا إلى صرف بعض الجرحى من المستشفى قبل اكتمال شفائهم لتوفير أسرة لاستقبال مزيد من المصابين.

وأكد خالد على أن قادة القبائل عازمون على إنهاء القتال نظرا لأنه أغلق الدخول إلى ميناء مصراتة. وقال: «شيوخ القبائل عازمون على إيجاد حل لهذه المشكلة خلال 48 ساعة». وأوضح أنه «في حال فشل المفاوضات، فإن الخيار الآخر لا يزال مطروحا أمام قادة القبائل ويتمثل في اللجوء إلى التدخل العسكري لتحرير مصراتة». ونوه بأن القبائل الست الرئيسية في المنطقة قادرة على حشد 60 آلاف مسلح. وقد شهد يوم الأحد أيضا وصول سفينتين حربيتين لإجلاء أكثر من 1.400 نازح من مصراتة غالبيتهم من العمال الأجانب الذين وصلوا إلى مدينة بنغازي شرق ليبيا. وكانت بارجات حربية قد نقلت المئات من الأشخاص من بينهم عمال مهاجرون وجرحى ليبيون من مصراتة إلى بنغازي خلال الأيام القليلة الماضية.

في الوقت ذاته، لا يزال ما يقرب من 2.000 إلى 3.000 شخص غالبيتهم من العمالة الأجنبية عالقين في ميناء مصراتة ينتظرون إجلاءهم، بحسب خافيير شبيرو، من اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وأشار إلى أن بعض هؤلاء المهاجرين ينتظرون منذ أربعة أو خمسة أسابيع، وأن الهلال الأحمر الليبي يحاول إمداد هؤلاء العمال بالغذاء والرعاية الطبية، لكن إرسال المعونات صعب نتيجة احتدام القتال.