معارضون ليبيون بالقاهرة يجرون محاكمة شعبية للقذافي.. واختفاء الصدر من بين التهم

البحث عن شبيه للعقيد الليبي للوقوف أمام المحكمة.. والمدعي العام أستاذ قانون من جامعة طرابلس

TT

يجري معارضون ليبيون بالقاهرة محاكمة شعبية للعقيد الليبي معمر القذافي، وعلى رأس التهم الموجهة إليه قتل آلاف الليبيين وإخفاء رجل الدين الشيعي موسى الصدر، بينما يبحث المعارضون عن شبيه للعقيد الليبي للوقوف أمام المحكمة في مقر نقابة المحامين بالقاهرة غدا الثلاثاء، وسيرأس فريق الادعاء فيها أستاذ قانون من جامعة طرابلس. يأتي ذلك على غرار المحاكمة الشعبية التي حاكم فيها معارضون مصريون الرئيس السابق حسني مبارك في ميدان التحرير بالقاهرة مؤخرا. وحسب المحكمة الشعبية التي يشارك فيها قانونيون وقضاة شعبيون من ليبيا، سيواجه القذافي، الذي يحكم ليبيا منذ أكثر من 40 عاما، عدة تهم، على رأسها قضية مقتل 1266 سجينا سياسيا في سجن أبو سليم. وسيمثل المدعي العام في جلسة المحاكمة الدكتور رمضان المخطوف، الأستاذ الدكتور بكلية الحقوق جامعة طرابلس. ويقول المدعون: إن وقائع هذه القضية ترجع لعام 1966، حين أصدرت السلطات أمرا باستخدام الأسلحة النارية في قمع احتجاج للسجناء على سوء المعاملة في السجن الواقع في ضواحي العاصمة طرابلس.

وحسب المدعين فإن نظام القذافي يتحمل المسؤولية عن إطلاق قوات الأمن النار على السجناء الذين كان ينتمي أغلبهم إلى جماعات إسلامية من ليبيين وعرب، بدعوى تمردهم داخل السجن الذي يعتبر الأكثر تحصينا في ليبيا. وبناء على الادعاء فإن قوات القذافي قامت بدفن الجثث في ساحة السجن وفي مقابر جماعية متفرقة في ضواحي طرابلس.

ويقول القانونيون الذين سيشاركون في المحاكمة: إن التعويضات التي قرر النظام الليبي منحها لأسر ضحايا مجزرة أبو سليم لا تسقط مسؤولية القذافي عن الجريمة باعتباره المسؤول الأول في النظام، وإن أي إجراء من هذا القبيل (أي مقتل 1226 سجينا) لا يمكن أن يتم إلا بعلم مسبق من السلطات. كانت الحكومة الليبية قد قررت، تحت الضغوط المحلية والدولية، صرف تعويضات تقدر بـ120 ألف دينار ليبي (98 ألف دولار) لأسرة كل قتيل أعزب، و130 ألف دينار لأسرة كل سجين متزوج، مقابل عدم مقاضاة أجهزة الدولة في الداخل والخارج، لكن غالبية الأسر رفضت هذه العروض، مطالبة بمحاسبة المسؤولين عن سفك دماء أبنائهم.

والقضية الثانية التي ستوجه فيها المحكمة الشعبية التهم للقذافي تتعلق بحقن أطفال ليبيين بالإيدز قبل نحو 11 سنة. وفي ذلك الوقت اتهم القذافي طبيبا فلسطينيا و5 ممرضات من بلغاريا في مستشفى الفاتح للأطفال بمدينة بنغازي بأنهم وراء حقن 426 طفلا ليبيا بدم ملوث بفيروس الإيدز. واستمرت القضية 8 سنوات من 1999 إلى 2007، وانتهت بتسوية قضت بالإفراج عن المتهمين الـ6 بعد أن كان القضاء الليبي قد أصدر عليهم أحكاما بالإعدام. ويعتقد أن ذلك تم نتيجة تدخلات وضغوط مكثفة من قبل الاتحاد الأوروبي. ويقول المدعون على القذافي في هذه القضية: إن العقيد الليبي تدخل للإفراج عن مدانين من القضاء الليبي بعد أن ثبت ارتكابهم تلك الجرائم. ويحملونه المسؤولية وراء الأمر بإطلاق سراحهم وتركهم يغادرون إلى بلادهم من دون القصاص منهم لصالح أسر الأطفال الذين خسروا مستقبلهم جرَّاء المرض المتسبب في فقدان المناعة الطبيعية.

أما القضية الثالثة التي ستعرضها المحاكة الشعبية فهي تتعلق باتهام المدعين للقذافي بقتل مجموعة من الطلاب في الحرم الجامعي في مدينة بنغازي قبل نحو 30 سنة. وترجع وقائع هذه القضية لعام 1976 حين تلقى نظام القذافي، بحسب المدعين، تقارير من قبل جهاز اللجان الثورية الأمني بأن هؤلاء الطلاب معارضون لنظامه.

والقضية الرابعة التي سيتم توجيه التهم فيها للقذافي تتعلق بمسؤولية نظامه، كما يقول المدعون، عن اختفاء الإمام موسى الصدر، الزعيم اللبناني الشيعي الذي اختفى في ظروف غامضة عام 1978 أثناء زيارته لليبيا، وادعت السلطات الليبية أنه توجه إلى روما من دون أن يحضر الاجتماع المقرر بينه وبين العقيد القذافي وقتها.

أما القضايا الأخرى التي ستتم محاكمة القذافي بشأنها فتدور حول الأحداث الجارية في ليبيا؛ حيث يتهم المدعون العقيد الليبي بالمسؤولية عن قتل أكثر من 10 آلاف ليبي بالمدفعية والصواريخ لقمع الثورة الشعبية التي قامت ضد حكمه منذ 17 فبراير (شباط) من هذا العام، بالإضافة إلى تهم أخرى، منها: سب الليبيين من خلال خطاباته على التلفزيون الرسمي الليبي، وتشبيههم بالجرذان ومتعاطي حبوب الهلوسة وأنهم من تنظيم القاعدة.

ومن بين مقيمي الدعاوى أمام المحكمة الشعبية: ياسين السمالوسي، أمين عام اتحاد الثوار الليبيين في مصر، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: سأحاكم القذافي، وقدمت دعوة ضده أدينه فيها بـ6 قضايا ومعي من المستندات ما يوقعه في دائرة الاتهام والزج به في السجن، بل سيصل الأمر إلى الإعدام، مشيرا إلى أن قضاة شعبيين من مصر وليبيا سيتولون أمر المحاكمة وأن ممثل الادعاء سيكون ليبيا، وسيتم توجيه الدعوة إلى الفنان محيي إسماعيل ليلعب دور القذافي في المحاكمة، وذلك لأنه قريب الشبه به من حيث الشكل، و«أعتقد أنه فنان جميل لن يرفض الدعوة».

وسيمثل المدعي العام للجلسة الدكتور المخطوف الذي قال إن نظام القذافي ارتكب الكثير من الجرائم التي يحاسب عليها «لكننا سلطنا الضوء على أهم هذه القضايا ولدينا الكثير من المستندات واعترافات مسؤولين كبار في الدولة، وإذا نظرنا الآن فقط فهناك أكثر من 10 آلاف قتيل و15 ألف جريح نتيجة ممارساته القمعية الحالية»، مشيرا إلى أن «أقل شيء أطالب به هو إعدام القذافي، وإذا وجد ما أكثر من الإعدام فسوف أطالب به».

وعن أهمية مثل هذه المحاكمات الشعبية قال المستشار أحمد مكي، نائب رئيس محكمة النقض بمصر: إن المحاكمة الشعبية ما هي إلا تعبير عن المشاعر، تشبه إلى حد كبير مقالات الكتاب، و«نحن نعلم جميعا أن المحاكمة مسرحية مثل المسرحيات التي نراها، لكن المحاكمة الشعبية محاكمات لا تسفر عن توقيع جزاء».