السيناتور الأميركي ماكين لـ«الشرق الأوسط»: ادعموا الثوار الليبيين.. وأسقطوا الشرعية عن نظام الأسد

قال إن إدارة أوباما تأخرت في الإعلان عن ضرورة تنحي مبارك.. وانعكس ذلك على توجهات كثير من المصريين

السيناتور الأميركي ماكين (أ.ب)
TT

ذكر جون ماكين، العضو الجمهوري البارز في لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي، أن الثورات العربية هي «أحداث مختلفة ومؤثرة ومزلزلة يمكن أن تغير العالم بأكمله». واستعرض عضو مجلس الشيوخ عن ولاية أريزونا، الذي ترشح بشكل غير ناجح لمنصب الرئاسة أمام باراك أوباما في عام 2008، التغيرات التي حدثت في منطقة الشرق الأوسط مع مجلة «كايرو ريفيو» في القاهرة يوم 24 أبريل (نيسان) مباشرة بعد اجتماع عقده مع ثوار ليبيين في مدينة بنغازي. وجاء الحوار على النحو التالي..

* ما الذي يجب أن تفعله الولايات المتحدة في ليبيا؟

- أعتقد أننا يجب أن نجعل الولايات المتحدة تستأنف قيادتها لحلف شمال الأطلسي (الناتو). وهناك 6 دول فقط تشارك بشكل فعال في الجهود العسكرية الحالية في ليبيا من أصل الدول الأعضاء في الحلف، البالغ عددها 28 دولة. وأنا أقول هذا لأن الولايات المتحدة تمتلك قدرات جوية فريدة. وحلفاؤنا رائعون، وأنا أقدر البريطانيين والفرنسيين، لكن الولايات المتحدة لديها قوات وقدرات جوية تمكنها من أداء العمل معهما بالفعل. والأمر الثاني الذي أعتقد أننا يجب أن نفعله هو الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي بصفته الصوت الشرعي للشعب الليبي. ومن المؤكد أن القذافي لا يملك أي شرعية. وقد التقيت هؤلاء الأفراد. وتجدر الإشارة إلى أن وزير المالية في المجلس الوطني الانتقالي هو أستاذ اقتصاد بجامعة واشنطن. وهناك عضو آخر بالمجلس كان يرزح في سجون القذافي لمدة 31 عاما. وهم يمثلون قطاعا واسعا من الشعب الليبي لديهم رغبة مشتركة، هي أنهم يرغبون في تحقيق الديمقراطية والحرية وأنهم يكرهون القذافي. ومن بين الأسباب التي توجب الاعتراف بهم: تحرير الأصول المالية المجمدة للقذافي؛ لأنهم يحتاجون إلى المال بشكل ملح. وهم يحتاجون لتزويد جيشهم بأجهزة الاتصالات والتدريب ورؤية الأسلحة وهي تدخل إلى بلادهم. وهم يتعرضون لقصف مدفعي بشكل مكثف على نحو خطير. ومن بين الأمور الأخرى التي توجب القيام بهذه الخطوة، على سبيل المثال لا الحصر، هو إبعاد القذافي عن شاشات التلفزيون. وعندما يراه هؤلاء الناس على شاشة التلفاز، فإنهم يشعرون بالرعب حسبما أخبرني أربعة أو خمسة أفراد؛ لذا دعونا نبعده عن شاشات التلفزيون.

* ماذا عن الفترة اللازمة للتخلص منه؟

- أعتقد أننا يجب أن نفعل ذلك، لكنني أعتقد أنه بدلا من أن نأمل في أن نصبح محظوظين وأن نتخلص منه خلال ضربة جوية، وهو أمر أكثر صعوبة مما يعتقد الناس، فإنني أعتقد أنه إذا كانت لدينا قوات مدربة ومجهزة بشكل مناسب، بالإضافة إلى نشاط جوي قوي، وأنا أعني بلفظة قوي، على أي حال، أنني سعيد باستخدام الطائرات المقاتلة من دون طيار الآن في القتال، وقتها سوف يتم التخلص من القذافي.

* لماذا لا يتم التخلص منه، وهو الأمر الذي يبدو أنك تقوله؟

- انظر، أنا لا أعارض ذلك، لكن الكثير من الناس يعتقدون أن هذا الأمر سهل، وهو ليس كذلك. والاعتماد على مجرد الحظ واغتياله هو وشعبه لا يعتبر استراتيجية. إنه نوع من الأمل، مثل الأمل في إمكانية سقوطه من الداخل. وأنا لا أمانع مطاردة القذافي، لكن ما أفكر فيه حقا هو أن طريق النجاح يتمثل في إنجاح قوات التحرير. وإذا كنت تتذكر، فإننا كنا قد غيرنا الوضع السائد في بنما منذ عدة سنوات. وكان (الديكتاتور البنمي) نوريغا موجودا في مكان ما بدولة بنما، وهي دولة صغيرة، وأنا أعتقد أن الأمر استغرق ثلاثة أسابيع للعثور على الرجل. ونحن لم نعثر على الإطلاق على (مجرم الحرب الصربي المدان راتكو) ملاديتش وزعيم «القاعدة» أسامة بن لادن؛ لذا عندما تتحدث عن فعل هذه الأشياء، لا يتضح مطلقا أنها بهذه السهولة التي تعتقدها.

* ما مصدر انتقادك لتوجه الرئيس أوباما إزاء ليبيا؟

- في البداية، لم أكن لأسلم هذه المهمة على الإطلاق لحلف الناتو. وفي الوقت الحالي، يمثل الصراع في ليبيا صراعا بواسطة لجنة من دون قيادة أميركية. ويفتقر البريطانيون والفرنسيون الآن للأسلحة. ومنظمة الأمم المتحدة هي قوات (حلف الناتو) على أي حال. والقول بتسليم هذه المهمة لقوات حلف الناتو، بينما تعتبر الولايات المتحدة جزءا جديا منها هو مغالطة. وسوف أعترف بهذه اللجنة بوصفها الصوت الشرعي للشعب الليبي، مثلما فعل الفرنسيون والإيطاليون. وثالثا، كما فعلنا في حرب أفغانستان مع روسيا، يجب أن نسهل عملية نقل الأسلحة والتدريب لقوات التحرير. وأنا أريد أن أؤكد أن نشر قوات أميركية على أرضية الميدان سوف يؤدي إلى حدوث نتائج عكسية وضارة لهذه القضية، ولهذا السبب فإنني لا أدعمها.

* لماذا؟

- أعتقد أن هذا الإجراء سوف ينظر إليه في أجزاء متعددة من ليبيا على أنه غزو أميركي آخر. وفي الحقيقة، أنا متأكد من أن هذا سيحدث، وقد تحدثت مع القادة في مدينة بنغازي، وهم لا يريدون وجود قوات أميركية على أرضية الميدان. وهو أمر خارج إطار المناقشة وغير وارد من وجهة نظري.

* هل تبدو متأكدا من أنه إذا تم الأخذ بنصيحتك، فسوف يرحل القذافي؟

- منذ شهر ونصف الشهر، إذا كنا قد أعلنا إنشاء منطقة حظر جوي عندما كانت قوات التحرير في طريقها إلى طرابلس، لكان القذافي قد رحل الآن. وبدلا من ذلك، تعين علينا الانتظار من أجل الحصول على موافقة حلف الناتو وتقليل دور مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة. وهنا يكمن التناقض؛ حيث يقول الرئيس الأميركي إن سياستنا تقوم على ضرورة رحيل القذافي. بيد أنه يقول في الوقت نفسه: «لكن سوف يكون من الخطأ استخدام القوة من أجل تحقيق هذا الهدف»، فلماذا يناقض نفسه في العبارة نفسها؟ لأنه يشعر بأننا يتعين علينا أن نحصل على موافقة حلف الناتو ومجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة، مع درايتنا بأنهما يسمحان بإصدار قراراتهما لإجراء إنساني فقط. وهذا هو سبب اعتقاد 21% فقط من الشعب الأميركي أن الرئيس لديه سياسة واضحة بشأن ليبيا.

* ما الاستخدام المحدد للقوة الذي تدافع عنه؟

- إعادة طائراتنا الهجومية البرية «AC - 130» إلى هناك بوضوح، إضافة إلى طائرات A - 10. وإرسال طائرات مقاتلة من دون طيار خطوة جيدة، وأنا أثني على الإجراء الذي اتخذه الرئيس هناك. وفي الوقت الحالي، يمكن القول: إن القذافي لديه قوة عسكرية من الدرجة الثالثة، لكنه يمتلك المعدات والقوات المدرعة التي تقصف قوات التحرير بضراوة. وتتعرض هذه القوات لقصف مدفعي مكثف. وكما ذكر الرئيس كلينتون، فإنها ليست حربا عادلة. فلماذا لا نجعل القتال عادلا بشكل أكبر؟ وأنا واثق وقتها من أن القذافي سيرحل. ودعوني أضِف أن هناك دائما أملا في أن يتم إبعاد القذافي من الداخل، وأنه سيتفاوض على الخروج الآمن. وأنا آمل في أن تحدث هذه الأشياء كلها، لكن الأمل لا يمثل استراتيجية.

* هل تعتقد أن القوات الجوية الأميركية وقوات الثوار الليبية سوف تسقط النظام الليبي بالضرورة؟

- أنا واثق من قدرتهم على النجاح إذا فعلوا ما يفعلونه الآن. وهناك امتدادات طويلة لطريق صحراوي يجب أن تقطعه قوات القذافي. كانت قوات القذافي قد بدأت في التكيف على أماكن مثل مصراتة عبر الاختباء في المنازل واتباع هذه الأنواع من التكتيكات، التي تساعدهم في الاختباء، لكننا قادرون على إخراجهم بمرور الوقت.. وإذا تمكنا من تحرير أصوله، التي تصل إلى نحو 30 مليار دولار، فسوف تقدم هذه الأموال مساعدة جيدة للثوار لفترة من الوقت. إنهم ينفقون نحو مليار دولار شهريا. وبهذه الطريقة، إذا تمكنوا من السيطرة على مصراتة، والتحرك لمسافة أبعد إلى الغرب، فإنهم يمكن أن يسيطروا على إمدادات النفط، ويمكن أن يبدأوا في تصدير النفط.

* هل يوجد جدول زمني محدد؟

- إذا بذلت قواتنا أقصى جهودها، وإذا اعترفنا بالحكومة، وإذا فعلنا هذه الأشياء التي نتحدث عنها، فقد يستغرق الأمر عدة أسابيع. وهناك مساحات طويلة يجب أن نغطيها. ولا يعرف أي فرد حقا مدى ولاء هؤلاء الناس للقذافي. ونحن نعلم أن لديه عددا كبيرا من المرتزقة الذين يدفع لهم مرتبات عالية جدا. وهناك شيء وجدناه في الحرب، هو أن المرتزقة يمتلكون ميلا للخروج من المأزق عندما يعتقدون أنهم موجودون في الطرف الخاسر. وهذا الجزء ليس واضحا. لكن ما نفعله الآن يمكن أن يقود بشكل محتمل جدا إلى حدوث مأزق، ليس بشكل مؤكد، لكن ماذا يحدث في هذا المأزق؟ وقتها سوف يدخل تنظيم القاعدة ويستغل الوضع، وهو ما يمثل خطرا كبيرا.

* لماذا لا يتبع الرئيس هذه النصيحة؟

- أعتقد أن الرئيس قلق جدا، وأعتقد بشكل شرعي أن الأميركيين يخافون من الحرب، بما في ذلك قاعدته السياسية. وأعتقد أنه يشعر بالقلق إزاء تورطنا في حرب ثالثة مع العالم العربي. وهذه المخاوف من وجهة نظري ليست كافية لاتخاذ الإجراء الذي كان قد اتخذه.

* لماذا لا ينطبق الأمر على سورية أيضا؟

- في ليبيا أعتقد أننا قادرون على التأثير على الموقف بفاعلية أكبر، وأعتقد أن علينا أن ندين الأسد، كما أعتقد أيضا بضرورة تشديد العقوبات، وكذلك نفي الشرعية عنه بأي سبيل ممكن، لكني لا أعتقد بجدوى الحل العسكري في سورية.

* ألم يحِن الوقت بعدُ للدعوة لتغيير النظام في سورية؟

- أعتقد أن ذلك حدث عندما أعلنا أن نظام الأسد فقد الشرعية في سورية بقتله المتظاهرين من أبناء شعبه، ولا أعتقد أن هناك شكا في قيامنا بذلك، لكنك عندما تدعو إلى تغيير نظام ولا يحدث فإنك بذلك تقوض من مصداقيتك، لكني أعتقد أن علينا أن نعلن أن الأسد يقوم بارتكاب فظائع ضد شعبه وأن علينا أن نقوم بكل ما يلزم من أجل إيقافه، لكنني سأكون حذرا للغاية بشأن إعلان السياسية الأميركية؛ فقد كانت سياستنا تجاه الاتحاد السوفياتي السابق سياسة احتواء؛ فلم تقم سياستنا على الإطلاق على الإطاحة بستالين الذي قتل الملايين من شعبه لأننا لم نرَ كيف فعل ذلك.

* ما المعيار لذلك؟

- في ليبيا يمكننا التخلص من القذافي لأن لدينا القدرة، من وجهة نظري، على التخلص منه. وفي سورية يكفي في الوقت الحالي أن نعلن أن النظام فقد شرعيته، وأن ندين قتله لمواطنيه، وذلك يعتبر أكثر من ملائم، كذلك أيضا لا ينبغي أن ننخدع بالدعاوى بأن الرئيس بشار الأسد رئيس إصلاحي، بل هو ديكتاتور. وكان من أهم المعايير التي انتهجتها الولايات المتحدة تأييد مبادئ ويلسون والدفاع عن الدبلوماسية الواقعية.. بيد أن هذا لا يعني أن نحارب في كل اتجاه في العالم، لكن حيثما كان كانت هناك فرصة للتأثير بفاعلية في التوصل إلى نتائج محمودة والوفاء بتعهداتنا في الدفاع عن الحقوق المشروعة والمساعدة في ذلك بأي شكل ممكن حتى وإن اقتضى ذلك بذل المال والأرواح الأميركية.

* ألا ينبغي أن تقدم مساعدات إلى الشعب السوري الراغب في تغيير النظام؟

- أنا لا أعلم كيفية القيام بذلك أو ما إذا كانت هناك خطوط إمداد، لكن أعتقد أن علينا أن نعبر، من خلال إذاعة صوت أميركا ووسائل الإعلام المختلفة، خاصة وسائل الإعلام الاجتماعي والوسائل الأخرى، عن دعمنا لهم وتضامننا معهم، كما أدان الرئيس في خطابه من قبل أعمال العنف ضد المتظاهرين. أنا لا أعلم كيف يمكن إنجاز هذه الأمور، لكني إذا وجدت طريقا سهلا لإنجازها فسيكون أمرا يستحق النظر.

* كيف تقيم رد فعل إدارة أوباما تجاه الانتفاضات العربية؟

- ربما كانت الإدارة متأخرة في الإعلان عن ضرورة تنحي مبارك، ونحن نرى أن ذلك انعكس على توجهات الكثير من المصريين. لكن إجمالا هذا عمل صعب. ولم يتمكن أحد منا أن يتنبأ به حتى جميع خبراء شؤون الشرق الأوسط. لكنني أعتقد أن كل تحركات الإدارة كانت خاطئة وغير منصفة.

لكن القذافي كانت آثار دماء 190 أميركيا لا تزال على يديه. وفي المغرب شهدنا مثالا جيدا على ملك أعلن التحول إلى ملكية دستورية. وبالمثل تعامل ملك الأردن مع القضية بحكمة أيضا، وكذا سلطان عمان. وكل من هذه المواقف تختلف عن بعضها البعض ووضعها كلها في بوتقة واحد أمر خاطئ بلا شك.

* تحدثت أيضا عن مصر! - جميعنا يعرف أن مصر، التي لا أعرف ما إذا كان الأميركيون يولونها القدر الذي تستحقه من الاهتمام، هي قلب وروح العالم العربي. وما حدث في مصر ستكون له تأثيرات عميقة على ما يحدث في باقي العالم العربي والعالم بشكل عام. أنا أحترم وأحب هذه النوعية من الدول، لكن علينا أن نركز بشكل أكبر على سياسة الأمن القومي الأميركي والمساعدة الأميركية لمصر. وإذا استطعت النجاح هنا أعتقد أن علينا النجاح في غالبية الأماكن، وإذا فشلت الديمقراطية هنا فسنواجه الكثير من التحديات.

* التقيت المشير محمد حسين طنطاوي هنا في القاهرة، فما تقييمك للمجلس العسكري الحاكم في مصر؟ وهل هناك شكاوى بشأن انتهاكات حقوق الإنسان؟

- يحاول المجلس العسكري الحفاظ على خط فاصل دقيق بين الحفاظ على الأمن واتهامه بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، وأعتقد أنهم قاموا بمهمة جيدة حتى الآن. لقد ارتُكبت بعض الأخطاء، وستكون أخطاء أخرى. وإجمالا فقد أحطت علما، وشعرت بأن الشعب المصري راضٍ إلى حد كبير عمَّا يجري. وقد توجهت إلى ميدان التحرير هذا الصباح (أمس)، وأعتقد أن الجيش إذا بدأ في التحول عن المواطنين فسوف نشهد توجه المصريين مرة أخرى إلى الميدان، والدليل على الخطوات الجيدة التي قام بها المجلس العسكري هو أن الميدان لا يقربه متظاهرون الآن.

* هل لديك ثقة في قدرة المشير طنطاوي على إدارة دفة الأمور؟

- نعم، لديَّ ثقة كبيرة فيه، وأعتقد أنه تعامل مع الأمر بكفاءة كبيرة حتى الآن، لكن حتى أفضل الأشخاص يرتكبون أخطاء.

* ذكرت أن الخبراء لم يتوقعوا ما جرى من انتفاضات عربية.. هل حان الوقت لأن تقوم الولايات المتحدة بإعادة تقييم وتقويم سياستها الخارجية في المنطقة بفريق جديد من الخبراء؟

- لا أعتقد أننا بحاجة إلى فريق جديد من الخبراء على نحو خاص؛ فهم يعملون بثقة من الرئيس أوباما. يجب أن نعلم أن ما يحدث هنا هو مجرد ربيع عربي. ولننظر إلى الصينيين، الذين قاموا بأعمال قمعية لأنهم خائفون من حدوث الأمر ذاته. وفلاديمير بوتين يتصرف بصورة عصبية للغاية. الأمر ليس متعلقا بالعالم العربي وحده. هذه الأحداث القوية والمزلزلة التي يشهدها العالم يمكن أن تغير العالم ككل. وينبغي علينا أن ندرك أننا نخوض أوضاعا غير معروفة، وأن علينا أن نحاول التأقلم مع التغيرات في المواقف، وألا نخضع جميع الدول لمعيار واحد.. فالدول غير متماثلة، فمصر وتونس تختلفان كلية عن اليمن. وأقول لك بصراحة، وربما ينبغي عليَّ ألا أقول ذلك، لكني لا أعرف كيف سنحل مشكلة اليمن: فما إن يتنازل الرئيس علي عبد الله صالح - الذي وافق بالفعل على التنحي - فأنا لا أعلم المسار الذي يمكن أن نأخذه هناك. لكن في حالة مصر وتونس؛ حيث الأنظمة المتقدمة والمتعلمة، أعتقد أن هناك فرصة جيدة.

يجب أن ندرك أن الكثير من القواعد القديمة التي تصرفنا على أساسها، مثل دعم الحكام، حتى إن كانوا غير جديرين بذلك لأنهم حلفاؤنا، لن تجدي بعد ذلك. هذه الفترة من الزمن هي فترة التفكير الابتكاري. أنا لست شابا، لكن هناك الكثير من الشباب في السياسة الخارجية ومؤسسة الأمن القومي، وأعتقد أن علينا أن نسألهم عن وجهة نظرهم في هذه القضايا.

* ماذا بشأن انتهاج أسلوب جديد تجاه الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، الذي يزداد تعقيدا؟ هل الولايات المتحدة مخطئة هي الأخرى؟

- أعتقد أن هناك حاجة ملحة للدخول في مفاوضات ناجحة بشأن النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، وأنا قلق للغاية من أن تؤدي الانتخابات في بلد عربي معين إلى مستوى من الغوغائية يشجع المواقف المعادية لإسرائيل وهو ما قد يضر بعملية السلام في هذا الجزء من العالم. وأعتقد أن بنيامين نتنياهو صادق، كما أعتقد أن جورج ميتشل قام بمهمة رائعة. أعتقد أن محمود عباس رجل جيد جدا، لكن يجب أن يكون هناك شعور بالإلحاح يؤدي إلى استئناف المفاوضات عاجلا وليس آجلا. وسوف أذكر لك قصة مختصرة:

كنت في تونس مع مجموعة من الأشخاص الذين قادوا الثورة، وقالت لي امرأة شابة إنها ناشطة في المجتمع المدني، قالت لي ناشطة حقوقية: «سيناتور ماكين، إنها ليست أول انتخابات نشعر بالقلق حيالها.. إنها ثاني انتخابات». وهنا في مصر، يجدر بنا فعل كل شيء يمكن أن نفعله من أجل المساعدة في إحياء الاقتصاد، لكي يتمكن المصريون من تشغيل الشباب والحصول على استثمارات وخلق فرص عمل. وهذه عملية يجب أن يشارك فيها رجال الصناعة ورجال الأعمال الأميركيون، من وجهة نظري. وأود أن أراهم يأتون إلى هنا، ويقولون سوف نقيم شركات ونوظف شبانا هنا. وسوف تقدم بعض الشركات والمؤسسات الموجودة بالفعل هنا التزامات بتوسيع أنشطتها. وأنا أعتقد أن هذه من العناصر الرئيسية من بين الكثير من العناصر الأخرى.

* بالاتفاق مع مجلة «كايرو ريفيو» للشؤون الدولية http://www.thecairoreview.com