رئيس «النهضة» التونسي: نريد تحالفا انتخابيا وأكثرية تمكننا من الوصول إلى السلطة

الغنوشي زار باريس وقال إنه لم يغير رأيه في الترشح شخصيا لرئاسة الجمهورية

TT

منذ أن أعلن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه قبل أسبوعين قرار فرنسا الانفتاح على الحركات الإسلامية في العالم العربي، فإنه لا يمر يوم من غير أن يأتي إلى باريس ممثل عن هذه الحركات للاستفادة من الفرصة الجديدة و«التشاور» مع السلطات الفرنسية.

وآخر الوافدين كان راشد الغنوشي، رئيس حزب النهضة التونسي، الذي استقبل في وزارة الخارجية والتقى ممثلين عن الأحزاب والجمعيات الأهلية، ثم نظم مؤتمرا صحافيا مدته ساعتان في مركز الصحافة الأجنبية بباريس الذي تموله بنسبة كبيرة الوزارات الفرنسية وعلى رأسها وزارة الخارجية.

وفي الوقت عينه، كان موجودا في باريس أربعة وزراء تونسيين (المالية والتجارة والسياحة والنقل والتكوين المهني) للقاء المسؤولين الفرنسيين وتوقيع اتفاقيات تعاون ثنائية. وفي مؤتمره الصحافي بدا الانشراح واضحا على الغنوشي الذي عاد إلى تونس بعد 22 عاما من المنفى في بريطانيا، حيث أكد أنه تلقى بـ«ابتهاج» قرار الوزير جوبيه. وكان نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي قد حكم عليه غيابيا بالسجن المؤبد لـ«مؤامرة» دبرها ضده. وسعى زعيم «النهضة» مثلما فعل منذ عودته إلى تونس، إلى توجيه رسائل «مطمئنة» للداخل والخارج على السواء، فأكد على التزام حزبه بالاتفاقات التي عقدتها تونس مع الأطراف الخارجية وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي، وعلى أن تكون تونس «شريكا مميزا» له بعد أن دخلت عصر الديمقراطية والحريات، وعلى بناء علاقات جيدة بين ضفتي المتوسط شماله وجنوبه.

وحرص الغنوشي على «تفكيك» لغم المهاجرين التونسيين غير الشرعيين إلى أوروبا الذين يتدفقون على الشواطئ الإيطالية بإلقاء اللوم على «النظام المافيوي السابق» الذي استأثر بثروات البلاد، داعيا إلى حل المشكلة عن طريق توفير التنمية الاقتصادية في تونس. لكنه غمز من قناة الأوروبيين والفرنسيين بالدرجة الأولى، حيث دعا إلى معاملة المهاجرين «بشكل حضاري» بانتظار تمكينهم من العودة إلى بلادهم. ووصف الغنوشي تخويف الغرب من الإسلام بأنه «بيزنس بن علي ومبارك»، وتساءل «هل من العدل وضع بن لادن وأردوغان (رجب طيب) في كيس واحد؟»، مستفيدا بذلك من الفرصة للإعراب عن أن حزبه يريد التشبه بحزب العدالة والتنمية التركي.

وشدد الغنوشي على رفض «النهضة» للعنف، وعلى احترامه للمرأة وحقوقها، وعلى المساواة بين الجنسين. وبرأيه، فإن المشكلة اليوم في تونس ليست الصراع بين الإسلاميين والعلمانيين، إذ إن الجميع اختار الطريق الديمقراطي، بل إن التحدي يكمن في إنعاش الاقتصاد الذي تركه بن علي «خرابا»، وفي سبيل تحويل «الثورة إلى ثروة» لكل التونسيين.

ولا يخفي الغنوشي أن هدف حزبه هو إقامة «تحالف انتخابي» مع أحزاب أخرى للذهاب إلى الانتخابات المزمع إجراؤها في 22 يوليو (تموز) القادم، والفوز بأكثرية نيابية تمكنه مع حلفائه من الوصول إلى السلطة و«تشكيل حكومة تنهض بالثورة وتحقق أهدافها». وذكر زياد دولاتي، مسؤول الحوار مع الأحزاب، ثلاثة منها يمكن التحالف معها، وهي المنتدى من أجل العمل والحرية وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين والمؤتمر من أجل الجمهورية، فضلا عن قوى اجتماعية وشخصيات فاعلة.

وعند سؤال الغنوشي عن سر عزوفه عن الترشح شخصيا للرئاسة، وما إذا كان المقصود تفادي تخويف التونسيين، رد بقوله إنه «متقدم في العمر»، وإنه يود ممارسة العمل السياسي في مواقع أخرى. غير أنه ترك الباب مفتوحا أمام تقديم «النهضة» مرشحا آخر للتنافس الرئاسي، مؤكدا أن القرار «لم يحسم بعد». ونفى الغنوشي بشدة تصنيف «النهضة» بأنه «حركة إسلامية متشددة»، ودعا إلى النظر إليه على أنه حركة إسلامية «معتدلة»، وأنه يتقدم ببرنامج عمل سياسي يقوم على فهم منفتح للإسلام.

ورفض الغنوشي إبداء الرأي في ما هو جار في ليبيا من تدخل عسكري غربي، معتبرا أن «النهضة» لا يلعب دور «الوصي» على الشعب الليبي الذي «يعود إليه أن يحدد ما هو وضعه وما يقتضيه». ويرى الغنوشي أن من مصلحة الغرب أن تنجح التجربة التونسية الجديدة في إقامة دولة حديثة تقيم علاقات متوازنة بين الشمال والجنوب.